أجبرت الظروف المعيشية الصعبة، زوج في مقتبل العمر، على العيش بعيدا عن زوجته وطفله الصغير لأكثر من ثلاثة أعوام، حيث تعيش الزوجة مع طفلها في منزل والديها، بينما أتخذ هو مساجد مكةالمكرمة مأوى وسكنا يحميه من غدر الزمان ويمنع عنه حر الصيف الخانق وبرد الشتاء القارص. وأوضح ل«عكاظ» رأفت نعيم بشناق (27 عاما) أن مأساته بدأت قبل خمسة أعوام، عندما تقدم لخطبة زوجته هالة عبود وهو عاطل عن العمل ويعاني من حزمة من الأمراض، منها ما هو نفسي وآخر عضوي يتمثل في الإصابة بقطع في الرباط الصليبي، وكانت موافقة أهل الفتاة ومباركتهم للزواج والسكن في ملحق بمنزل أسرة العروس، ويضيف: عشنا في رغد الحياة لفترة وجيزة، قبل أن يدب الخلاف بيني وبين أسرة زوجتي حتى اضطررت لترك عش الزوجية والبحث عن سكن مستقل يؤويني وأسرتي الصغيرة، وبما أنه لا يملك المال تبرع فاعل خير باستئجار شقة وسدد نصف إيجارها السنوي على حد قوله، فيما فشل هو في تأمين احتياجات الأسرة وباقي الإيجار حتى تمكن المالك من طرده عبر الشرطة بناء على حكم قضائي، لتعود الزوجة وطفلها إلى منزل أسرتها. وزاد: اتخذ أحيانا من الميادين العامة والمساجد أماكن للنوم ليلا، وفي الصباح أهيم في الشوارع بحثا عن لقمة عيش، حتى تحصلت على فرصة عمل في فندق على وظيفة عامل نظافة براتب شهري 2400 ريال، ومن هذا المبلغ بدأت في تسديد ما على من ديون تحملها من أجل تأمين حياة كريمة لأسرته وشراء سيارة يرتزق من خلالها، ومع هذا يعيش بعيدا عن أسرته لفشله في تأمين سكن مستقل وتوفير متطلبات الأسرة الأخرى ما دعا زوجته لطلب الطلاق، بعد أن فاض بها الكيل، كاشفا عن حاجته لمبالغ مالية لعلاج الإصابة التي يعاني منها في قدمه منذ 11 عاما، وخلص إلى القول: «عشت طفولة معذبة، وتنقلت بين دور الأيتام في مكةالمكرمة بعد وفاة والدي رجل الأمن المتقاعد». من جانبه، بين ل«عكاظ» إمام جامع التنعيم سعيد بن محمد، أن الشاب رأفت كان يسكن وينام في المسجد لعدم توفر سكن يؤويه، وكان خلال سكنه لفترة عام كامل يبيع «السواك» أمام باب المسجد في محاولة لكسب المال بالحلال، فيما اعتبر الشيخ محمد بن عبد الله الشمراني إمام وخطيب جامع ملقية العليا في مكةالمكرمة، الشاب من المعوزين الذين تكالبت عليهم ظروف المعيشة الصعبة، ويضيف: «لعدم وجود سكن له سمحت له بالنوم في المسجد، وافتراش المدخل لبيع بعض المستلزمات والمقتنيات الخفيفة والمساويك حتى يؤمن مصاريفه اليومية، وكان يساهم بدوره في بعض أعمال نظافة المسجد».