حكاية الإرهاب الإيراني قد تبدأ من ساحات السياسة والدبلوماسية لكنها لا تقف عند هذا الحد مطلقاً، بل هي تصل إلى الثقافة والفن والإبداع، فالمبدع والفنان والمثقف إن لم يكن مصفقاً، فهو حتماً من وجهة نظر النظام الإيراني عميل و «كافر» وزنديق. الدولة التي ادعت دخولها الساحة النووية وامتلاكها لترسانة ضخمة من السلاح البري والجوي والبحري نراها ترتجف وتخرج عن طورها بمواجهة فيلم سينمائي لا يتجاوز زمنه الساعة ونصف الساعة. القصة كانت في بيروت والفيلم اسمه «الأحمر والأبيض والأخضر» والمخرج إيراني ويدعى نادر داودي، وعلى الرغم من أن الفيلم وثائقي ومخرجه يسكن في طهران، إلا أن السفير الإيراني في بيروت «غضنفر ركن أبادي» كان غضنفرا بكل ما للكلمة من معنى، فتحرك كما كان يتحرك في تدريبات «الحرس الثوري» الذي ينتمي أصلا إليه، مستعملا كل أدوات حلفائه في الوزارات والإدارات اللبنانية التي يهيمن حزب الله عليها، ليصدر قراراً بمنع عرض الفيلم في مهرجان بيروت السينمائي بدورته الحالية عام 2011 ويمنع المخرج من دخول الأراضي اللبنانية. إنه العملاق الفارسي وهو يرتجف من فيلم وثائقي ذنبه فقط أنه يقول إن أحمدي نجاد زور الانتخابات الرئاسية الأخيرة كما قال الملايين من الإيرانيين قبل أن يقمعوا ويوضع زعماؤهم تحت الإقامة الجبرية. المعارضة اللبنانية رأت في تصرفات السفير الإيراني غضنفر ركن أبادي إرهاب دولة واضحا وعملا مرفوضا لسفير يعمل في دولة لها استقلالها وسيادتها، ولعل أبرز المواقف كانت لرئيس هيئة النضال النائب وليد جنبلاط الحليف المستجد لحزب الله وإيران والذي ضاق صدره بما حصل فسأل: عن الأسباب الحقيقية التي تقف وراء منع فيلم «الأحمر والأبيض والأخضر»، وهو ما يتناقض مع المسار التاريخي في لبنان، مساحة للحريات الثقافية والإعلامية والسياسية. واستغرب جنبلاط كيف أن الجمهورية الإسلامية، وهي بلاد كبار الكتاب والشعراء والأدباء من أمثال سعدي وحافظ وسواهما، تتدخل لمنع عرض هذا الفيلم، أم أن السفير الإيراني في بيروت قد استنسب القيام بذلك من دون علم الإدارة المركزية؟ وإذا كان هذا حصل فعلا، فلماذا استجابت الرقابة اللبنانية؟ إنه سؤال مشروع». النظام الإيراني لا يعرف سوى القمع بني صدر يشهد ورفسنجاني يتحسر وخاتمي يتألم وقبلهم ومعهم منتظري مات وفي قلبه غصة.