من ثمار الثورات العربية أننا فجأة شعرنا أننا اكتشفنا شعوبنا العربية وتعرفنا عليهم وعرفناهم فأين كانوا من قبل حتى لم نكن نعرفهم؟ كانوا وللأسف مختفين وراء الصورة الأيقونية للزعيم المترئس عليهم والذي اختصر الوطن وشعبه في شخصه حتى أن العرب أنفسهم صارت صورتهم الانطباعية عن إخوانهم من الشعوب العربية الأخرى مصاغة من خلال الصورة الأيقونية لذلك الزعيم والتي كانت تمثل غالبا إن لم يكن كل ما يرونه في إعلام تلك الدول وسياساتها، ولهذا عانى الإخوة الليبيون بشكل خاص عبر فترة حكم القذافي من أسوأ نوعين من النظرة المعممة السلبية عنهم والتي نتجت عن الصورة الأيقونية لزعيمهم، الأولى كانت تلك المتعلقة بدعم الإرهاب والتي ألقت بظلالها عليهم قبل أحداث 11سبتمبر بسبب مغامرات زعيمهم في هذا المجال، والنظرة الثانية كانت تلك المستهزئة التي تسببت بها الشخصية الكاريكاتورية للزعيم الليبي المخلوع بينما وللمفارقة الإنسان الليبي إنسان أصيل متدين متوازن وطيب وله شخصية جديرة بالاحترام، فمن أبرز مظاهر النزعة التألهية السائدة لدى الزعماء الذين لا يمثلون شعوبهم هي أن أولئك الزعماء يسعون لجعل الإعلام والدولة والشعب على صورتهم، والمواطن يجبر على التصرف بالصورة الكاريكاتورية المهينة لكمبارس الهتاف التي تجرده من ذاتيته المحترمة وتجعل زعيمه يستخف به كما من يراه من الخارج [فاستخف قومه فأطاعوه]، كما أن السجايا الأصيلة المثيرة للإعجاب ومعدن الناس الذهبي لا تتبدى في الظروف العادية إنما في الظروف الاستثنائية، ولهذا يجب أن لا يقتصر المتابع للثورات العربية على متابعتها على المستوى السياسي، فهناك مستوى إنساني جوهري هو الذي يمثل مدرسة في التربية القيمية الجوهرية بالنسبة للمتابع أيا كان مكانه في العالم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 217 مسافة ثم الرسالة