يواصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز التأكيد على أهمية استقرار الوطن ووحدته التي هي صمام الأمان، نابذا كل ما يشكل تهديدا للوحدة الوطنية وأمن المجتمع. وجدد الملك خلال كلمته التي وجهها لأعمال السنة الثالثة من الدورة الخامسة لمجلس الشورى ثقته بالمواطن قائلا، «أثبتت التجارب والمواقف أن المواطن رجل الأمن الأول، وشريك رئيس في رسم لوحة الإنجاز التي سطرتها الأجهزة الأمنية في دحض الدعاوى الباطلة، والآراء الشاذة، وإحباط مخططات الفئة الضالة المستهدفة لأمن البلاد ومقدراته، والتغرير بأبنائه مرتهنة لأسلوب الانتقائية وتوظيف النص والتفسيرات البشرية الخاطئة المتطرفة في كل ما يدعم توجهاتها، وديننا الحنيف براء من كل ذلك، فهو دين رحمة وتسامح وصفح». وتعددت جهود المملكة في محاربة الإرهاب على المستويين الدولي والمحلي، ويأتي من أبرزها اتفاقية تأسيس «مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب» التي وقعها صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية في 2011م والتي جاءت ثمرة لدعوة خادم الحرمين الشريفين لتأسيسه أثناء المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب في الرياض عام 2005م، وخلاله أعلن وزير الخارجية عن مساهمة المملكة بعشرة ملايين دولار لتمويل تأسيس مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب. وعلى المستوى المحلي، اعتمدت المملكة استراتيجية شاملة لمحاربة الإرهاب، وحرصت على أن تشارك جميع مؤسسات المجتمع في تنفيذ هذه الاستراتيجية كل في مجال اختصاصه، ونجح علماء المملكة في إيضاح منافاة الإرهاب لتعاليم الإسلام، وما تمثله الأعمال الإرهابية من اعتداء محرم على الأنفس المعصومة من المسلمين وغيرهم، وتفنيد مزاعم الفئة الضالة التي تروجها التنظيمات الإرهابية لتبرير جرائمها أو كسب أي تعاطف معها. وحث العلماء في المملكة على التعاون مع الجهات الأمنية في التصدي للفئة الضالة والإبلاغ عن المتورطين في الأعمال الإرهابية، كما كان للعلماء دور كبير في مناصحة بعض المتأثرين بدعاوى الفئة الضالة في الوقت الذي كانت فيه الجهات الأمنية تحقق نجاحات متتالية في ملاحقة أعضاء هذه الفئة المتورطين بارتكاب جرائم إرهابية وتوجيه عدد كبير من العمليات الاستباقية التي حققت نجاحا كبيرا في إفشال مخططات إرهابية في عدد من مناطق المملكة. وحرصت القيادة في خضم معركتها مع الإرهاب على تكريم الشهداء من رجال الأمن ومواساة ذويهم وعائلاتهم، وتقليدهم أوسمة الشرف وأنواط الكرامة، تعبيرا عن التقدير الكبير لبطولاتهم وتضحياتهم. وبناء على دعوة الملك لإنشاء مركز دولي لتبادل المعلومات والخبرات بين الدول وإيجاد قاعدة بيانات ومعلومات أمنية استخباراتية تستفيد منها الجهات المعنية بمكافحة الإرهاب، تقدمت المملكة بمشروع قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو لتشكيل فريق عمل لدراسة توصيات المؤتمر وما تضمنه «إعلان الرياض» بما في ذلك إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب. وعلى مستوى التشريع والقضاء، أنشأت محكمة خاصة للنظر في قضايا الإرهاب تحت مسمى المحكمة الجزائية المتخصصة، كذلك استحداث دائرة مختصة في هيئة التحقيق والادعاء العام تحت مسمى «دائرة قضايا أمن الدولة» لتتولى التعامل مع مثل هذه القضايا وتوفير جميع الضمانات التي تهيئ للمتهمين في قضايا الإرهاب وتمويله محاكمة عادلة بما في ذلك حقهم في الدفاع عن أنفسهم وتعويض من تثبت براءته منهم مع البدء في دراسة إصدار نظام لمكافحة الإرهاب. وأصدرت المملكة في هذا الصدد جملة من الأنظمة والتعليمات واللوائح لاستخدام شبكة الإنترنت والاشتراك فيها بهدف مواجهة الاعتداءات الإلكترونية والإرهاب الإلكتروني، إضافة إلى تنظيم الجهات المعنية دورات تدريبية عديدة عن موضوع مكافحة جرائم الحاسب الآلي لتنمية معارف العاملين في مجال مكافحة الجرائم التي ترتكب عن طريق الحاسب الآلي وتحديد أنواعها. كما عملت الدولة عبر أجهزتها الرسمية على تجفيف منابع الإرهاب واجتثاث جذوره من خلال إعادة تنظيم جمع التبرعات للأعمال الخيرية التي قد تستغل لغير الأعمال المشروعة، وقامت بإنشاء هيئة أهلية كبرى تتولى الإشراف والتنظيم على جميع الأعمال الإغاثية والخيرية بهدف تنظيم عمل تلك الهيئات وعدم السماح لذوي النوايا والأهداف الشريرة باستخدام الهيئات الإنسانية لأعمال غير مشروعة. وكان لهذا انعكاسات إيجابية على أرض الواقع بتحقيق رجال الأمن نجاحات كبيرة ضد الفئة الضالة وإفشال نحو 95 في المائة من المخططات الإرهابية قبل تنفيذها، والوصول إلى عدد من الخلايا النائمة وتلك التي توارت تحت ضربات رجال الأمن للفئة الضالة. وخلفت الأعمال الإرهابية التي وقعت في المملكة خسائر في الأرواح والممتلكات، حيث حصدت أرواح نحو 90 شخصا من الضحايا المدنيين، وتسببت في جرح وإصابة نحو 608 أشخاص، وتكبدت الأجهزة الأمنية السعودية خسائر بشرية بين منسوبيها بلغت نحو 65 وإصابة نحو 390، فيما تمكنت المملكة من إحباط نحو 160 عملية إرهابية عن طريق الضربات الاستباقية للأجهزة الأمنية.