تحت رعاية ولي العهد.. السعودية تستضيف غداً مؤتمر الاستثمار العالمي لعام 2024م في الرياض    "السجل العقاري" يبدأ تسجيل 227,778 قطعة عقارية بمدينة الدمام والخبر والقطيف    «التعليم» تطلق برنامج «فرص» لتطوير إجراءات نقل المعلمين    "البرلمان العربي" يرحب بإصدار الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء كيان الاحتلال ووزير دفاعه السابق    جلسة تكشف الوجه الإنساني لعمليات فصل "التوائم الملتصقة"    أمر ملكي بتعيين 125 «مُلازم تحقيق» على سلك أعضاء النيابة العامة القضائي    " هيئة الإحصاء " ارتفاع الصادرات غير البترولية بنسبة 22.8% في سبتمبر من 2024    اقتصادي / الهيئة العامة للأمن الغذائي تسمح لشركات المطاحن المرخصة بتصدير الدقيق    الأرصاد: أمطار غزيرة على عدد من المناطق    15 مليار دولار لشراء Google Chrome    أقوى 10 أجهزة كمبيوتر فائقة في العالم    تنافس شبابي يبرز هوية جازان الثقافية    يلتهم خروفا في 30 دقيقة    مسودة "كوب29" النهائية تقترح 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة    «اليونيسف» تحذر: مستقبل الأطفال في خطر    "الداخلية" تختتم المعرض التوعوي لتعزيز السلامة المرورية بالمدينة    3 أهلاويين مهددون بالإيقاف    افتتاح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    وزير الثقافة: القيادة تدعم تنمية القدرات البشرية بالمجالات كافة    المدينة: ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مجمع طباعة المصحف ومواقع تاريخية    لماذا رفعت «موديز» تصنيف السعودية المستقبلي إلى «مستقر» ؟    «مجمع إرادة»: ارتباط وثيق بين «السكري» والصحة النفسية    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    600 شركة بولندية وسلوفاكية ترغب بالاستثمار في المملكة    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    بحضور سمو وزير الثقافة.. «الأوركسترا السعودية» تتألق في طوكيو    تحفيزًا للإبداع في مختلف المسارات.. فتح التسجيل في الجائزة السنوية للمنتدى السعودي للإعلام    فعاليات متنوعة    111 رياضيًا يتنافسون في بادل بجازان    القِبلة    «واتساب» يتيح التفريغ النصي للرسائل الصوتية    أمراء ومسؤولون يواسون أسرة آل كامل وآل يماني في فقيدتهم    الأكريلاميد.. «بعبع» الأطعمة المقلية والمحمصة    تأثير اللاعب الأجنبي    الخليج يُذيق الهلال الخسارة الأولى في دوري روشن للمحترفين    «النيابة» تدشن غرفة استنطاق الأطفال    فرع وزارة الصحة بجازان يطلق حزمة من البرامج التوعوية بالمنطقة    «صواب» تشارك في البرنامج التوعوي بأضرار المخدرات بجازان    القبض على مقيم لاعتدائه بسلاح أبيض على آخر وسرقة مبلغ مالي بالرياض    "تقني‬ ‫جازان" يعلن مواعيد التسجيل في برامج الكليات والمعاهد للفصل الثاني 1446ه    خسارة إندونيسيا: من هنا يبدأ التحدي    مشكلات المنتخب    المدى السعودي بلا مدى    الأساس الفلسفي للنظم السياسية الحديثة.. !    1.7 مليون ريال متوسط أسعار الفلل بالمملكة والرياض تتجاوز المتوسط    معتمر فيتنامي: برنامج خادم الحرمين حقّق حلمي    سالم والشبان الزرق    الجمعان ل«عكاظ»: فوجئت بعرض النصر    الحريق والفتح يتصدران دوري البلياردو    إبر التنحيف وأثرها على الاقتصاد    «سلمان للإغاثة» ينظم زيارة للتوائم الملتصقة وذويهم لمعرض ترشح المملكة لاستضافة كأس العالم 2034    فيصل بن مشعل يستقبل وفداً شورياً.. ويفتتح مؤتمر القصيم الدولي للجراحة    وزير التعليم يزور جامعة الأمير محمد بن فهد ويشيد بمنجزاتها الأكاديمية والبحثية    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    "العوسق".. من أكثر أنواع الصقور شيوعًا في المملكة    سعود بن نايف يرعى الأحد ملتقى الممارسات الوقفية 2024    الأمر بالمعروف في عسير تفعِّل المصلى المتنقل بالواجهة البحرية    وزير الدفاع يستعرض علاقات التعاون مع وزير الدولة بمكتب رئيس وزراء السويد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 جلسات سقف تأخر القضايا والمصرفية يمكن الحكم فيها في جلسة واحدة
ابن داود القاضي في وزارة العدل ل «عكاظ»:
نشر في عكاظ يوم 07 - 10 - 2011

أكد القاضي في وزارة العدل عضو لجنة تسوية المنازعات المالية في مؤسسة النقد السعودي، الدكتور ناصر بن زيد بن داود أن القضاء السعودي ظل بعيدا عن التطوير طوال ثلاثة عقود مضت، مشيرا إلى أن الفكر المضاد للتنظيم الموجود سابقا في قيادة المجلس الأعلى للقضاء كانت الصخرة التي تفتت عليها الاختصاص القضائي، فنشأت عشرات من اللجان القضائية وشبه القضائية.
وانتقد في حوار ل«عكاظ» خروج بعض القضاة عن الاختصاص الممنوح لهم نظاما، مشيرا إلى أن الجرأة على نظر القضايا الخارجة عن الاختصاص تأتي على حساب القضايا الداخلة في الاختصاص، ما يشكل عائقا أمام فكرة الدمج القضائي.
وأبدى ابن داود استياءه من إدارة التفتيش القضائي، لافتا إلى أنها مشغولة بتصيد أخطاء القضاة والتشنيع عليهم، في حين تعزف عن التفتيش الهادف إلى الإصلاح وبذل المشورة والمعونة القضائية.. فإلى نص الحوار:
• هل ظل القضاء بعيدا عن التطوير فترة طويلة، وما العوائق؟ وما مقترحات التطوير في نظركم؟
- القضاء السعودي المنظم حديث النشأة، بدأ رسميا منذ العام 1373ه، أما أول نظام متكامل للمرافعات فقد صدر عام 1383ه، بمسمى: تنظيم الأعمال الإدارية في الدوائر الشرعية، وكان للقيادة القضائية الأولى دور كبير في ترسيخ أركان القضاء الشرعي، وتحديد اختصاصاته، وتعزيز الثقة فيه وفي رجاله لدى الخاصة والعامة، وهذا هو دور الرواد في نشأة الدول وقيام المصالح العامة وتكوين السلطات، ولو لم يكن من هؤلاء الرجال إلا هذا لكفاهم فخرا وعزا. رحم الله روادنا الأوائل رحمة واسعة.
انتهى العصر التأسيسي الرائد بوفاة رئيس القضاة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ يرحمه الله، فانقسمت المؤسسة القضائية إلى قسمين، واستلم القيادة القضائية الإدارية والمالية من بعده معالي الشيخ محمد الحركان، وهو أول وزير للعدل يرحمه الله، وكانت مدة وزارته قليلة نسبيا، ومع ذلك استطاع مواكبة تحول رئاسة القضاة إلى وزارة ذات حقيبة وزارية لها وجود في مجلس الوزراء، وشهد القضاء خلال وزارته تعزيز محاكم المملكة بالعديد من القضاة وأعوانهم وتجهيزها بما أمكنه تأمينه من لوازم مكتبية حديثة، كما عمد إلى تقنيات ضبط القضايا وسجلاتها وطريقة مراسلاتها المعمول بها في محكمة جدة إبان ترؤسه لها والموروثة عن النظام العثماني عبر السنين، فعممها على محاكم المملكة.
أما القيادة القضائية التنظيمية (مجلس القضاء) فقد استلم قيادتها الشيخ عبدالله بن حميد يرحمه الله، فسار على نهج رئيس القضاة في تعزيز المحاكم بالقضاة لسد النقص في عدد قضاة المملكة، وفي إشغال وظائف القضاة الشاغرة، حتى توفاه الله في العام 1402ه.
ومنذ ذلك الحين والقضاء يقف خارج ميدان السباق المؤسسي في الدولة، فلم يتطور القضاء طيلة ثلاثة عقود، بل اكتفى المجلس باتخاذ مقر له داخل حي سكني، وقصر أنشطته الفكرية على دراسة القضايا الداخلة في اختصاصه، ولم يعط شؤون القضاء والقضاة غير جلستين في العام، وكانت أكثر قراراته تفتقر السند النظامي، فما يراه المجلس آنذاك لا يجب أن يكون موافقاً للنظام بقدر ما يجب عليه أن يحوز على موافقة أهم الأعضاء، ولذلك لم يجر المجلس السابق أي محاكمة لقاضٍ في تاريخه، ومع ذلك فقد أصدر مئات القرارات التأديبية بالإعفاء والنقل، وأهمل ترقية عشرات القضاة مع استحقاقهم النظامي لها لاعتبارات غير نظامية، فساعد ذلك على تدهور الوضع القضائي، وتقهقر المسيرة التطويرية المتوقفة أصلاً.
بل إن الفكر المضاد لكل تنظيم من قبل قيادة المجلس السابق كانت الصخرة التي تفتت عليها الاختصاص القضائي، فنشأت لذلك عشرات اللجان القضائية وشبه القضائية، وتناثرت في العديد من الوزارات والمصالح الحكومية، وكاد القضاء الشرعي أن يضمحل لولا الانتفاضة البطلة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي سارع إلى دعم مرفق القضاء بسبعة مليارات ريال لتطويره، وأحدث تغييرات في المؤسسة القضائية، ولا تزال عينه الساهرة أمد الله في عمره ترقب الوضع القضائي بتفحص دقيق.
دمج المجلس بالوزارة
• ينقل البعض عنكم قولكم بدمج المجلس الأعلى للقضاء بوزارة العدل، هل يمكن أن يتحقق هذا الأمر، وما الهدف منه؟
- المجلس الأعلى للقضاء ووزارة العدل كيانان رئيسان من كيانات كل دولة حديثة، ولا يمكن دمج أي من الكيانين في الآخر على الإطلاق.
ولعل المشاع ولا حقيقة له دمج قيادتي المجلس والوزارة، وتفصيل هذا الأمر على النحو التالي:
أولا: لا يمكن أن يكون رئيس المجلس قائما مقام وزير العدل؛ لأن الذي يحل محل الوزير في حال شغور مقعده لابد أن يكون عضوا في مجلس الوزراء؛ بناء على المادة الحادية عشرة من نظام مجلس الوزراء، وهذا نص المقصود منها (المادة الحادية عشرة: أ‌- النيابة عن الوزير في مجلس الوزراء لا تكون إلا لوزير آخر، وبموجب أمر يصدر من رئيس مجلس الوزراء) انتهى.
ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ليس كذلك، وقد ناب عن وزير العدل عدد كبير من الوزراء في الدولة في العقود الأربعة الماضية منذ إنشاء الوزارة الموقرة.
ثانيا: في حال غياب رئيس المجلس: فإن رئيس المحكمة العليا هو الذي يحل محله؛ بناء على المادة السابعة من نظام القضاء، وهذا نصها (المادة السابعة: ينعقد المجلس الأعلى للقضاء برئاسة رئيسه مرة كل شهرين على الأقل وكلما دعت الحاجة إلى ذلك، ويكون انعقاده نظاميا بحضور أغلبية الأعضاء، وتصدر قراراته بأغلبية المجلس. وفي حالة غياب رئيس المجلس يحل محله رئيس المحكمة العليا) انتهى.
ثالثا: في حال شغور وظيفتي رئيس المجلس ورئيس المحكمة العليا معا: فليس في النظام ما يدل على تعيين من يقوم بعملهما أو عمل أي منهما، غير أن لمقام الملك من الصلاحيات ما يخوله تكليف من يراه بالقيام بعمل رئيس المجلس من بين وزراء الدولة أو من كبار رجال القضاء؛ بناء على المادة الخامسة من نظام مجلس الوزراء، وهذا نصها (المادة الخامسة: لا يجوز الجمع بين عضوية مجلس الوزراء وأية وظيفة حكومية أخرى، إلا إذا رأى رئيس مجلس الوزراء أن الضرورة تدعو إلى ذلك) انتهى.
وعندما شغرت وظيفة رئيس المجلس بعد وفاة أول رئيس له (الشيخ: عبد الله بن حميد) كلف برئاسة مجلس القضاء الأعلى السابق وزير العدل آنذاك؛ معالي الشيخ إبراهيم بن محمد آل الشيخ، ثم من بعد رحيله كلف برئاسة المجلس مرة أخرى وزير العدل اللاحق؛ الشيخ محمد بن إبراهيم بن جبير، غفر الله للجميع.
• هاجمتم المجلس، بين ما لم تتطرقوا لوزارة العدل، والبعض يقول إن المجلس لم يمنح مما خصص لتطوير المرفق، ومنحت الوزارة 6 مليارات؟ لم لا تركزون على هذا الجانب؟
- عندما بدأت الكتابة في الصحافة المحلية عن الشأن القضائي عام 1426ه اقتصرت على نقد الأوضاع القضائية المتردية التي هي من صميم عمل المجلس فقط، دون التعرض لغير ذلك من الأمور المالية أو الإدارية أو الهندسية ونحوها مما هو من صميم اختصاص الوزارة، ولم أسمع حينذاك بحدوث مثل هذا الانطباع المتحامل، كما لم أسمع بمن يسمي ما أكتبه هجوما على المجلس، فلما تغيرت قيادات المجلس السابق ظهر من يتبنى إشاعة هذه التوصيفات؛ للتأثير على قبول ما ينشر من نقد لأعمال وقرارات المجلس الحالي من باب: (وإنهم لنا لغائظون).
ومن يطلع على ما نشرته من مقالات نقدية لا يرى فيها أي دفاع عن مقام الوزارة، بل لن يرى أي ذكر للوزارة في مجال المقارنة بينها وبين المجلس، ولكنها القاعدة المتطرفة: إذا لم تكن معي فأنت ضدي.
ولست مختصا في أمور المحاسبة ولا في الرقابة المالية أو الإدارية البحتة حتى أتعرض للكتابة عن تطبيقات الوزارة لها، ورحم الله امرءا عرف حده فوقف عنده.
أما بشأن المليارات المخصصة لتطوير مرفق القضاء، وأن شيئا منها لم يجعل تحت تصرف المجلس: فذلك بسبب موقع الكيانين من البنية الحكومية، فالمجلس مختص بالأمور التنظيمية والتخطيطية لأمور القضاء والقضاة، وللمجلس ميزانية مستقلة لتسيير أموره في حدود صلاحياته؛ كما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الثامنة من نظام القضاء، وهذا نصها: (1: يكون للمجلس الأعلى للقضاء ميزانية خاصة به تصدر وفق القواعد المتبعة لصدور الميزانية العامة للدولة).
أما الأمور المالية والإدارية لكامل الشأن القضائي فمن اختصاص الوزارة؛ بما في ذلك تنفيذ خطط وقرارات المجلس، وقد نصت على ذلك الفقرة الأولى من المادة الحادية والسبعين من نظام القضاء، وهذا نصها (1: مع عدم الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في هذا النظام، تتولى وزارة العدل الإشراف الإداري والمالي على المحاكم وكتابات العدل)، أما السؤال عن أين ذهبت تلك الأموال؟ فلعلك تجد جواب ذلك لدى وزارة العدل.
• لأطروحاتكم الأخيرة ردود أفعال، البعض يقول إنكم قسوتم على المجلس، ماردكم؟
- الردود والتعليقات سمة من سمات كل مقالة تكتب في أي شأن من شؤون الصالح العام؛ خصوصا إذا كانت في نقد قطاع حيوي له مساس بحياة العامة كالقضاء، وتلك ظاهرة محمودة من المعنيين بالأمر، وسواء اتفقت الردود مع الكاتب، أو اختلفت معه المهم أنها دليل حراك معرفي وتفاعل رقابي من المجتمع على كل كاتب، وعلى كل ما تستهدفه تلك الكتابات من المصالح والمؤسسات الخدمية في الدولة.
أما القسوة المزعومة في كتاباتي فغير متصورة؛ لأنها إما أن تحكي واقعا مؤلما، فتكون القسوة ماثلة في السياسة المنتقدة قبل أن تتوهم في المقالة الناقدة.
وإما أن تكون المقالة خاطئة، أو مبالغا في تصوير سوء موضوعها، وهنا يجب على قادة الدائرة المنتقدة أن يوضحوا حقيقة الأمر للعامة أولا حتى لا يغتروا بالكتابات المغرضة، وحتى يبرئوا ساحتهم من كل عيب نسب إليهم وإلى دائرتهم.
وقد صدرت التوجيهات السامية الكريمة، بأن على (كل جهة حكومية كتب عنها أمر ينافي الحقيقة، المبادرة فورا بالرد وفق ما لديها من معلومات، وإلا فإن السكوت من قبل الأجهزة الحكومية يعني الإقرار بما ذكر في تلك الوسائل وتأكيدا له) انتهى.
• هناك فجوة واضحة بين الوزارة والمجلس، هل هذا صحيح وما السبب في نظركم؟
- من يرصد الوضع القضائي في المملكة يجد أن التنسيق بين الوزارة والمجلس شبه معدوم، فلا نكاد نسمع عن أي لقاء بين القيادتين، ولا عن لجان مشتركة بينهما دون غيرهما من الجهات الحكومية، وأدل شيء على ذلك ما جاء في آخر تصريح لمعالي رئيس المجلس لصحيفتكم الموقرة وبعض الصحف المحلية الأخرى؛ من أن المجلس يقوم بالتنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن نظام التسجيل العيني للعقار!، وهذا التنسيق لا وجود لما يسنده في النظام ولا في لائحته، غير أنه يدل على أن المجلس يغرد خارج السرب النظامي؛ بتطلبه تنسيقا خارج اختصاصه مع غير أقرب الدوائر إليه (وزارة العدل) في أمر لم يسند إليه منه شيء على الإطلاق، بل إن التنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بشأن نظام التسجيل العيني للعقار مقصور على مقام الوزارة بنص النظام.
لجنة تسوية المنازعات
• توجد قضايا عالقة في لجنة تسوية المنازعات المصرفية في مؤسسة النقد، ما سبب ذلك؟
- اللجنة التي تقصدها هي لجنة تسوية المنازعات المصرفية، وهي لجنة مختصة بنظر الخلافات التي يكون أحد طرفيها بنكا أو مصرفا، وهي غير لجنة الفصل في المنازعات المالية؛ المختصة بنظر الخلافات حول الأوراق المالية المتداولة في السوق المالية (البورصة).
وأعلم أن تأخر البت في القضايا لدى أي جهة قضائية له أسباب كثيرة؛ ومن أهم أسبابه احتياج تلك القضايا لقرارات أهل الخبرة؛ كالمحاسبين، والأدلة الجنائية، والتقارير الطبية، ونحوها مما يحتاج إلى وقت وجهد كبيرين لبيان المراد منها؛ مما يتوقف الحكم في القضية على ظهوره للجهة القضائية المعنية.
وإلا فإن معدل نظر القضايا في اللجنة المصرفية لا يتعدى الثلاث جلسات، وكثير من القضايا المصرفية يمكن البت في موضوعها في جلسة واحدة.
• كتب البعض عن مدى إلزامية قرارات لجنة تسوية المنازعات المصرفية، وأوردوا إشكالية حيال ذلك، نريد إيضاحا؟
- لا تزال قرارات اللجنة المصرفية منذ إنشائها قبل ربع قرن من الآن تصدر بالإلزام لمن عليه الحق، كما تصدر برد الدعاوى الخاطئة؛ وكل ذلك بموجب ما حدده لها الأمر السامي الكريم الذي أنشئت اللجنة بموجبه، ولتعلم أن اللجنة حتى هذه الساعة لا تنظر أي دعوى إلا بعد صدور الإذن بذلك من المقام السامي الكريم، ولدى اللجنة آلية خاصة لتنفيذ أحكامها، واللجنة تسترشد في عملها بأحكام نظام المرافعات الشرعية، كما أن قرارات اللجنة لا تخضع للاستئناف ضدها لدى أي جهة قضائية أخرى، وقد صدرت أوامر ملكية عديدة بمنع التعرض لقرارات اللجنة، وبلغ بذلك ديوان المظالم بعد حصول بعض التجاوزات من بعض دوائره، وصدرت الأوامر من رئاسة الديوان لجميع المحاكم الإدارية بعدم نظر التظلمات من قرارات اللجنة، وكل ذلك يعزز من موقع اللجنة في حسم الخلافات المصرفية، ويضفي على قراراتها صفة الحصانة القضائية اللازمة.
ومن يرى إشكالا في عمل اللجنة، فذلك عيب في تصوره هو، وإلا فكيف للجنة أن تبقى مدة خمس وعشرين عاما تحكم في جميع القضايا المصرفية، دون أن يظهر الإشكال في عملها إلا لمن ابتلي بصدور حكم منها ضده، أو صدم برفض تظلمه من قراراتها؟!.
• ناديتم بإنشاء محكمة مالية، هل يكون هذا بتحويل اللجنة التي يقال أنكم ترأسونها، إلى محكمة بدلا من لجنة؟ وأليس هذا تفتيتا للقضاء؟
- أولا: لا بد أن تعلم أني لا أرأس اللجنة المصرفية، فتشكيلها يجعل مني عضوا كحال زميلي الفاضلين (د. عبد الله بن محمد الفيصل، د. عمرو بن إبراهيم رجب)، وليس من بيننا من يرأس اللجنة.
ثانيا: المحكمة المالية التي اقترحتها تجمع شتات خمس لجان قضائية، وتستقطب تخصصا قضائيا جديدا قادما في القريب القادم؛ هو قضاء التمويل.
ثالثا: الاقتراح يتفق مع منطوق المادة التاسعة من نظام القضاء، وهذا نص المقصود منها (ويجوز للمجلس الأعلى للقضاء إحداث محاكم متخصصة أخرى بعد موافقة الملك) انتهى.
رابعا: إنشاء المحكمة المالية تحت إشراف المجلس الأعلى للقضاء ليس تفتيتا للقضاء، بل هو تطوير واعتبار للتخصصات القضائية، وسيكون لدينا حتما في المستقبل: المحكمة الطبية، والمحكمة الصناعية، والمحكمة الرياضية، وغيرها من التخصصات، ولا ضير في ذلك ما دامت القيادة القضائية واحدة.
خواطر الشقيري
• يسأل البعض عن ما أنجز في تطوير القضاء، ولعل هذا يذكرنا ببرنامج خواطر الشقيري الذي أجرى مقارنة عن المحاكم، ما تعليقك؟
- البرنامج الرائد (خواطر) لم يتعرض للأمور القضائية في حلقاته، بل اقتصر على بيان المرافق الحضارية والخدمات المتقدمة في المحاكم التي زارها، وهذا ما نتوقع ظهور أثره قريبا بحول الله، ضمن ما استهدفه مشروع الملك عبد الله لتطوير مرفق القضاء بحسب تصريحات مسؤولي وزارة العدل، فقد جاء في تقارير الوزارة عن تعاقداتها على بناء المجمعات القضائية وما تحويه من تجهيزات حديثة ما يماثل تلك الأمور التي ظهرت في تقرير برنامج خواطر.
ولعل السنتين المقبلتين كفيلتان بتدشين عدد منها في الخدمة الفعلية، وحتى ذلك الوقت سيكون السؤال عن الإنجاز سابق لأوانه.
الكتابات والنية
• يقول البعض معترضا على كتاباتكم: (ليس كل ما يكتب يقال، لو كانت النية صالحة، هل يصلح أن من يعلن الانتقاد للمؤسسة القضائية في العلن، الهدف من ذلك الهدم) ما ردكم؟
- تلك المقولة تستلزم صدق ما ينتقد به أولئك العاجزون والخاطئون، لانصباب عتب بعض هؤلاء على إعلان النقد، لا على صدوره في حق من يراد تحصينه عن النقد المعلن.
وما علموا أنه لا أحد فوق النقد، ولا عصمة لأحد بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام، وقد أثر ذلك عن خير أمة محمد صلى الله عليه وسلم؛ الخليفة الراشد أبي بكر الصديق، وخليفته من بعده عمر الفاروق رضي الله عنهما، وكل من دونهما ليس بأولى منهما، بل هو أحرى بالنقد وتصويب الأخطاء من هذين العلمين الراشدين، ولا يصلح الأمم إلا مبادرات الرقابة الصادقة.
ولو تأملت لعلمت أن الهدم لا يكون بذكر الخطأ ووجه تصويبه، فمثل هذا الفعل هو البناء الحق والعمارة الصالحة، والهدم وتصويب الأفعال لا يجتمعان، أما الهدم الذي لا مرية فيه، فإنما هو في ترك الجدار المائل مائلا حتى يسقط، فيتضرر منه المارة ومن يجلس تحته.
التحامل على القضاء
• اتهمكم البعض بالتحامل على القضاء والمؤسسات الشرعية، وكتابتكم في صحف معينة كدليل على كلامه، ماردك؟
- ليس من الحكمة تخصيص صحيفة بعينها بوصفها ضدا للمؤسسات الشرعية، فالصحيفة وعاء لما يكتب فيها، ولا يمكن قبول اتهام الصحيفة بكون كل ما يكتب فيها من نوع واحد، وما يحصل فيها من تجاوزات لا يعدو أن يكون سببه من الكاتب، أو من المراقب، أو من تفضيلات رئاسة التحرير، ولذلك لا زلنا نرى التغيير يطال الكثير من الصحف؛ حرصا على التقليل من التجاوزات، وطلبا لتحقيق السبق في الميدان الصحفي بالتحلي بالمصداقية والموثوقية، ولم يسبق لي أن نشرت نقدا لشخص باسمه أبدا، بل أنتقد السياسة وأذكر مركز صاحب السياسة الخاطئة؛ لأن الاسم عارض، والمركز ثابت، أما الردود والتعقيبات فتستلزم حتما تسمية من يستهدف بها، لا على وجه التشهير، بل على سبيل التخصيص وحصر المراد.
القضاء الإداري
• كتبت (ولا تزال المحاكم الإدارية بحاجة إلى استقرار إداري، ولن يتحقق لها ذلك بغير دمجها مع سائر المحاكم المتخصصة الأخرى في مؤسسة قضائية واحدة) كيف يكون ذلك؟
- يعلم الجميع أن سلطات الدولة ثلاث هي: السلطة القضائية، والتنفيذية، والتشريعية، ولا يمكن لأحد أن يتصور أن تستقل وزارة من بين الوزارات لتتمتع باستقلال تام عن السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء)، كما لا يمكن للجنة من لجان مجلس الشورى (السلطة التشريعية) أن يستقل عن رئاسة المجلس، وكذا بالنسبة للسلطة القضائية.
إنه لا وجه لاستقلال نوع من أنواع الأقضية عن السلطة القضائية، وهو يشترك مع باقي الأقضية في التخصص السلطوي، وفي مسميات أفراده ( القضاة )، وفي كادرهم الوظيفي.
ومتى استقل جزء عن كل، وكان له حرية كاملة في ممارسة أنشطته: فسيكون على خطر كبير من تقلبات الإدارة، إذ يقوى الجهاز بقوة رئيسه، ويضعف بضعفه، ويخرج عن المسار بجنوحه.
ولا يمكن أن يتأتى ذلك من الجميع ما داموا تحت إدارة السلطة الأصل، إذ إن حصول الخلل في أصل السلطة منذر بالخراب العام، أما خلل جزء من أجزاء السلطة فلا يلزم سريانه على الكل ما لم يكن غالبا.
• طالبتم بضرورة إدراج جميع الجهات القضائية تحت مظلة المجلس وإعادة تشكيله، هل هذا يعني أنكم ضد اللجان شبه القضائية المتناثرة، وكيف يكون إعادة التشكيل؟
- نعم، أنا ضد تفتيت القضاء، وضد بعثرة اللجان القضائية المتخصصة خارج المؤسسة القضائية، أقول ذلك اليوم وغدا، كما سبق أن قلتها في مقالة منشورة قبل ست سنين، إذ لا خير في هذا الشتات القضائي.
لا بد لنا من الإسراع في استقطاب التخصصات القضائية وجمع شملها، ولا بد من تهيئة الظروف لتكاملها مع بعضها البعض، ولا بد من إعداد البرامج اللازمة لاستيعاب خبرات القائمين عليها، ولا بد من إعادة النظر في تحديد التخصصات العلمية المشروطة لتولي القضاء لتستوعب خريجي الدراسات القانونية بعد إلحاقهم بدورات تأهيلية في أصول القضاء الشرعي.
أما إعادة تشكيل المجلس؛ ليكون في مستوى الإشراف على القضاء السعودي بعد تكامله، فيكون باحتوائه على سائر ألوان الطيف القضائي، وقد أوضحت ذلك في موضوع بعنوان: إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء. وهو موجود بطوله ضمن منشورات مركز الدراسات القضائية التخصصي.
• فهمت من كتابة لكم اعتراضا على فصل القضاء الإداري، وقد ذكرتم أيضا حدوث ازدواج وتضاد، ومسألة الجمع بين الدور الإداري والقضائي لرئيس الديوان، والفصل بين الدورين في القضاء العدلي؟
- في ديوان المظالم يقوم الرئيس مقام وزير العدل في أمور الديوان الإدارية والمالية، كما يقوم في نفس الوقت بدور رئيس المجلس في أمور التنظيم والتخطيط.
وقرارات وزير العدل كغيرها من القرارات الإدارية لبقية الوزراء تقبل الاعتراض عليها والتظلم منها لدى القضاء الإداري، أما قرارات رئيس الديوان المماثلة لها فلا تقبل ذلك.
ولذلك قلنا: إن الفصل معيب من حيث هو فصل في الأساس، ومعيب من حيث هو مخالف لما يماثله في القضاء العدلي وبقية مصالح الدولة، والتفريق بين المتماثلات من أقبح أنواع الخطأ؛ خصوصا في مسائل الإدارة، وكذا هو الحال في التسوية بين المختلفات.
• ألحظ تعارضا، فقد كتبتم في السابق (فصل مجلس القضاء الإداري عن رئاسة الديوان، وإخضاع جميع قرارات رئيس الديوان للقضاء الإداري. ودمج مجلسي القضاء في بعضهما، وضم رئاسة الديوان إلى الوزارة، إضافة إلى إخضاع قرارات رئاسة المجلس الأعلى للقضاء لما خضعت له قرارات الوزارة)؟
- في حال الإصرار على خطأ فصل القضاء الإداري عن القضاء العدلي لا بد من تدارك خطأ تحصين قرارات رئيس الديوان وقرارات رئيس المجلس الأعلى للقضاء؛ لتكون كمثيلاتها من القرارات الوزارية؛ لأن الحصانة النظامية لم تعط إلا لقرارات الهيئة العامة للمجلسين، لا لقرارات الرئيسين في القضاءين؛ وذلك ما نصت عليه المادة الرابعة عشرة من نظام ديوان المظالم، وهذا نصها (المادة الرابعة عشرة: لا يجوز لمحاكم ديوان المظالم النظر في الدعاوى المتعلقة بأعمال السيادة، أو النظر في الاعتراضات على ما تصدره المحاكم غير الخاضعة لهذا النظام من أحكام داخلة في ولايتها أو ما يصدره المجلس الأعلى للقضاء ومجلس القضاء الإداري من قرارات) انتهى.
أما الحق والصواب الذي لا ينبغي الحيد عنه فهو أن تدمج رئاسة الديوان في الوزارة؛ بحكم الإشراف المالي والإداري من كل منهما على ما يرأسانه من أجهزة القضاء، وأن يدمج مجلس القضاء الإداري في المجلس الأعلى للقضاء؛ بحكم الإشراف التنظيمي والتخطيطي من كل منهما على ما يرأسانه من أجهزة القضاء أيضا.
وبعد هذا: لن يكون عندنا غير جهاز إداريٍ واحد لجميع الأقضية، هي وزارة العدل، وجهاز تنظيمي وتخطيطي واحد كذلك، هو المجلس الأعلى للقضاء.
• انتقدت في مقال سابق من ينزعون أقنعة الخدام ليلبسوا أقنعة السادة.. الكلمات موهمة، آمل التوضيح؟
- الحديث في المقالة المسؤول عنها كان عن أخلاقيات المتشوف للمناصب القيادية أو المراكز الفاعلة في السلطة التشريعية، ويظهر ذلك جليا في حال المترشحين للانتخاب في جميع المناصب في الدولة، تراه في حملته الانتخابية يتودد لمنتخبيه كالخادم، حتى إذا ترشح بأصوات من تودد لهم قلب لهم ظهر المجن، واختفى عنهم وعن حاجاتهم، وتنصل من كل التزاماته لهم.
وحال الناخب هذا لا يظهر جليا في بلادنا كما يتجلى في بعض البلدان المنتهجة للمبادئ الشكلية للديموقراطية، أما في بلادنا فنرى هذا السلوك بشكل محدود من أصحاب الوظائف المحددة بمدة؛ تتغير سلوكيات البعض منهم عند اقتراب موعد التجديد أو الاستغناء إلى الأحسن حتما، وما إن يجدد للواحد منهم حتى يعود إلى سلوك ما قبل التصنع المزيف.
وقد أوضحت في تلك المقالة الكثير مما ينبغي الاحتياط له من مثل هؤلاء، والمقالة بعنوان: خدام أم سادة؟
اختصاص القضاة والبيانات
• واجه وصفكم للقضاة الذين يشاركون في توقيع البيانات بأنهم كالقطيع، انتقادا لاذعا، ماردكم؟ وكتبتم أيضا (هل حان الوقت لأصحاب الفضيلة المتقاعدين أن يتنبهوا لأسباب الزج بهم في قوائم الاحتساب المسيس؟ فيمتنعوا من الانسياق وراء أرباب المآرب المشبوهة) البعض يقول أنا قاض متقاعد ولست محسوبا على أية مؤسسة؟ ماردكم؟
- من صفات القطيع اللحاق بالقائد ولو إلى الهاوية، أو إلى طرق مسدودة، ومن ينقاد مع صناع تلك البيانات المسيسة، هو الذي جعل نفسه فردا من أفراد القطيع، وما قلت ذلك في حقهم إلا تأنيبا وتقريعا؛ لأن مثلهم لا يكون فردا من قطيع أبدا، فلا أقل من أن يكون فارسا في كوكبة إن لم يكن قائدا لها، والفارس يأتمر بأمر قائده في الوقت الذي له رأيه المعتد به وموقفه الثابت من كل تصرف أرعن.
ويستوي في ذلك القاضي المتقاعد وغير المتقاعد؛ ما دام قادة القطيع لا يقصدونه إلا من أجل أن يصدر اسمه بمسمى وظيفته التي تركها أو تركته، فهي المقصود الأول لإضفاء الصفة الرسمية وشبه الرسمية لما يدسونه في بياناتهم، ولو أبى عليهم (فضيلة الشيخ.. سابقا) ذكر موقعه قبل التقاعد لانصرفوا عنه إلى غيره.
• كتبتم (مع حرص المجلس الأعلى للقضاء على المطالبة باستقلال السلطة القضائية ماليا وإداريا؛ غير أنه لم يقدر على تحقيق استقلاله من الداخل؛ فلا نزال نرى انقياد بعض القضاة انقياد الأنعام لأشرار من حيث يعلمون ولا يعلمون) كيف يصير هذا؟
- شهدت السنتان الأوليان من عمل المجلس الحالي استماتة وصراعا لاستجلاب أكبر قدر من الميزانية، وللاستئثار بالكثير من الصلاحيات المستثناة، على حساب المهمة الأصلية للمجلس الموقر؛ والتي هي القيام بالكيان القضائي وبتطوير قدرات القضاة، حتى غفلوا عن متابعة بعض القضاة الذين لا يزالون ينساقون خلف صناع البيانات الاستنكارية المسيسة الخادعة، فأخل ذلك باستقلال هؤلاء القضاة وبحيادهم، وكانت نتيجة تلك الصراعات والمحاولات البائسة أن ضاعت على المجلس محاولات الاستقلال المالي والإداري هباء، وفرط المجلس الموقر في تعزيز الاستقلال القضائي وتقوية الحصانة القضائية، ولولا تعقل السواد الأعظم من القضاة، وإنكارهم على من أهمل مبدأ الحياد لا نزلق بعضهم في مهاوي التحيز ودركات المحاباة.
• كتبت أن بعض أفراد القضاة يجترئون بنظر قضايا ليست من اختصاصهم، البعض يتساءل: أين دور المجلس من تجاوزات بعض القضاة، وهل ترى أن التفتيش قام بدوره؟
- الجرأة على نظر القضايا الخارجة عن الاختصاص تأتي حتما على حساب القضايا الداخلة في الاختصاص، والمجلس الحالي لا يزال يفتل لائحة التفتيش ثم ينقضها، والتفتيش القضائي مشغول بتصيد أخطاء القضاة والتشنيع عليهم، عازفين عن التفتيش الهادف إلى الإصلاح وبذل المشورة والمعونة القضائية؛ الذي هو الدور الرئيس لمثلهم.
• كتبت أيضا (الأمر خطير جدا، وإن ترك الأمر «سبهللا» في أيدي القضاة المتجاوزين لحدود صلاحياتهم بلا خطام، ولا لجام سيؤدي إلى تأخير الدمج المأمول، وإلى إبطاء جمع الشمل القضائي)، ماذا تقصد بذلك؟
- إن جرأة بعض القضاة على التعرض لاختصاصات ليست لهم يعيق بالتأكيد أمر الدمج القضائي، ويعزز من الشتات باضطرار القيادة السياسية إلى التأكيد على رعاية التخصص، وعلى دور الجهات القضائية خارج المؤسسة القضائية، فنكون كمن يتقدم خطوة ليتأخر بعدها خطوات؛ بسبب هذه التجاوزات غير المسؤولة.
ولا أدل على ذلك من التأكيد على دور اللجان الإعلامية بأمر سام، في وقت كنا نترقب التهيئة لدمجه في المؤسسة القضائية، وسبب ذلك تشبث بعض القضاة بنظر قضية إعلامية، وهو يعلم أنها خارج اختصاصه، والمجلس الموقر يقف متفرجا على تلك الممارسات المودية لا محالة بكيانه وبحياد منسوبيه إن لم ينتفض على المتجاوزين انتفاضة نظامية حازمة.
• في مقال آخر، كتبتم (إن هؤلاء الناعقين ينبتون في جميع الدوائر بلا استثناء؛ كما تنبت الطحالب الضارة في جنبات الماء، ثم تتنامى حتى تغطي وجه الماء، فتحيله مستنقعا آسنا بعد أن كان غديرا زلالا) من تعني بذلك؟
- يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (إذا أراد الله بالأمير خيرا: جعل له وزير صدق؛ إن نسي ذكره، وإن ذكر أعانه، وإذا أراد الله به غير ذلك: جعل له وزير سوء؛ إن نسي لم يذكره، وإن ذكر لم يعنه) رواه أبو داود في سننه وصححه الألباني.
وهؤلاء الذين تحدثت عنهم موجودون في جميع مؤسسات الدولة، ولكن نفوذهم يقوى ويضعف بقدر تنبه المسؤول الأول لهم، وغفلته عنهم، وانخداعه بهم، وانجراره إليهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.