بمناسبة حلول الذكرى العاشرة على أحداث 11 سبتمبر 2001م أدارت الإعلامية القديرة نادين البدير حلقة حوارية خاصة، من خلال برنامجها المتميز «اتجاهات» . وقد تسنى لي المشاركة في تلك الحلقة إلى جانب الإعلامي والروائي المعروف الأستاذ هاني النقشبندي، ومن الرياض عبر الستلايت جاءت مشاركة الدكتور محسن العواجي. الحوار كان متشعبا وشمل في ما شمل أبعاد ودلالات ذلك الحدث بالارتباط مع بعض القضايا والهموم والاستحقاقات الوطنية الداخلية. غير أن نقطة البدء وهذا ما أود التركيز عليه كان الهجوم الإرهابي الذي تعرضت له الولاياتالمتحدةالأمريكية، حين استهدف برجا مركز التجارة العالمي ووزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) مما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين، إلى جانب الخسائر الجسيمة التي قدرت بمئات المليارات، ناهيك عن الصدمة النفسية والمعنوية الهائلة التي طالت الشعب الأمريكي في ما يعتبر سابقة في تاريخ الولاياتالمتحدة منذ قيامها (1776)، إذا استثنينا الهجوم الانتحاري الياباني (1941) على قاعدة بيرل هاربر أثناء الحرب العالمية الثانية، والذي أدى إلى قرار الولاياتالمتحدة المشاركة في الحرب إلى جانب الحلفاء. في المقابل نجم عن هجوم الحادي عشر من سبتمبر/ أيلول تغيير جذري في مجرى الإستراتيجية الأمريكية التي رفعت شعار الحرب ضد الإرهاب، شاملة في ذلك القوى والجماعات الإرهابية والدول الداعمة والمحتضنة لها، وكذلك البيئات والمجتمعات والدول العربية والإسلامية التي اعتبرتها الولاياتالمتحدة مفرخة وداعمة للإرهاب بشكل مباشر وغير مباشر من خلال تبنيها ودعمها للمحاضن الفكرية التكفيرية ومساعداتها المختلفة للجماعات الأصولية المتطرفة متصورة وواهمة أن ذلك يصب في اتجاه ديمومة مصالحها. لقد سارعت الإدارة الأمريكية ومراكز الضغط والرأي العام الأمريكي إلى توجيه أصابع الاتهام للعرب والمسلمين على وجه التحديد، استنادا إلى كون منفذي الهجوم ينتمون لدول عربية وإسلامية وبعضها يعتبر حليفا تقليديا قديما للولايات المتحدةالأمريكية، مع أن المعطيات والوقائع تؤكد بأن انبثاق وتشكل القاعدة والمنظمات الأصولية المماثلة لا يمكن أن نفصله تاريخيا عن دور الولاياتالمتحدة وحلفائها في المنطقة إبان الحرب الباردة.. الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش اعتبر حربه على الإرهاب بمثابة حرب صليبية (اعتبرت لاحقا زلة لسان) جديدة، غير أنه عاد فوصم الإسلام بالفاشية، وهو ما يعكس تجذر هذا المفهوم الأيديولوجي لدى المحافظين الجدد المهيمنين آنذاك في الإدارة الأمريكية، وفي مراكز التأثير على اتخاذ القرار في البيت الأبيض، وقد ترافق مع هذا الهوس الأيديولوجي، طرح التساؤل التالي: لماذا يكرهوننا؟، وبدلا من البحث عن حقيقة هذا الكره وأسبابه في السياسات الأمريكية المعادية للمصالح العربية والمنحازة لإسرائيل على طول الخط، كانت الإجابة الأيديولوجية. لأنهم «يكرهون حضارتنا وقيم الحرية والديمقراطية التي نتبناها».. وفي الواقع إن الأصولية المتشددة والممارسات الإرهابية التي تتبناها منظمة القاعدة وشركاؤها لم تصبح (وفقا لاستهدافاتها الجديدة) معادية أو خطرا على الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب فقط، بل هي على نفس المستوى من العداء والخطورة بالنسبة للدول والحكومات والمجتمعات العربية والإسلامية قاطبة. وللحديث صلة.