الغلو والتطرف والتكفير عوامل تعد من الأمور الطارئة شديدة الخطورة على المجتمع الإسلامي بصفة عامة وعلى مجتمعنا السعودي بصفة خاصة. تلك الأمور البغيضة لا تؤثر على الاستقرار والأمن فحسب، بل تنفر الأمم الأخرى من الدين الإسلامي وأمته المسلمة وتؤدي إلى الفوضى الاجتماعية والخراب الاقتصادي وضياع فرص التنمية وهدر طاقات الأمة وتبديدها، بل وتصرف الناس عن عمارة الأرض التي استخلف الله الإنسان فيها، وتؤخر نهضة الأمة واللحاق بركب الأمم المتقدمة. والباحث في قضية الغلو والتطرف والتكفير يجد أن هناك عدة أسباب تقف وراء هذه الأمور منها ما هو عقائدي، ومنها ما هو علمي، ومنها ما هو ديني، ومنها ما هو سياسي، ومنها ما هو نفسي، وعوامل أخرى تربوية واقتصادية واجتماعية. ففي الكثير من دول العالم الإسلامي نجد انعدام تطبيق شرع الله هو السبب الرئيس للضلال والعمى والتخبط والشقاء، كما أن استشراء الجهل، والغلو في فهم النصوص، والتقليد الأعمى بين الشباب، وعدم التفقه في الدين والفهم الصحيح لمعاني الفقه، وعدم تلقي العلم الشرعي من مظانه من الأسباب الرئيسة للتشدد والغلو والخروج عن منهج الوسطية والاعتدال الذي كان عليه رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وصحابته من بعده والتابعين. ولا شك أن تفكك الأسرة والمجتمع، وغياب القدوة الصالحة، والبطالة والفراغ والأفكار المستوردة الهدامة، كلها أمور تؤدي إلى الإرهاب والتطرف وتحث على الغلو والجنوح إليه.. ولعل مواجهة هذه الظاهرة الطارئة تتطلب منا دعوة أبنائنا إلى تبني الوسطية الإسلامية، وتعميق ثقافة الحوار واحترام الرأي والرأي الآخر، والالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في كل الشؤون الحياتية. كما يجب علينا توجيه إعلامنا وتعليمنا لإبراز قيم الوسطية والاعتدال ورفع مستوى الوعي بها لدى أبنائنا وبناتنا في مختلف الشرائح العمرية. وعلى القائمين على أمور الشباب والجامعات والمؤسسات التربوية العمل على ملء الفراغ الروحي لدى أبنائنا من خلال إقامة الندوات التثقيفية واللقاءات الرياضية، وتفعيل دور أساتذة الجامعات والمعلمين والخطباء ذوي الثقافة العالية في المساجد والمراكز الدينية في توعية أبنائنا وبناتنا وتواصلهم مع الآخرين في تسامح ديني وتعامل إنساني راق، نقدم من خلاله ديننا السمح إلى الأمم الأخرى كما أراده الله سبحانه وتعالى، دين رباني حضاري للإنسانية جمعاء، دين محبة وسلام، يحمي الأنفس والأعراض كما ورد في نص القرآن الكريم والسنة النبوية. د. سعيد بن عمر آل عمر مدير جامعة الحدود الشمالية