هل لاحظتم السرعة والكثافة اللتين ازداد بهما مؤخرا انتشار لوحات الإعلان في كل شوارع وميادين وساحات وزوايا جدة؟ لا أظن أنني أبالغ كثيرا إذا قلت إنك لا تكاد ترى شيئا هذه الأيام في شوارع جدة غير لوحات الإعلان. اللوحات الجديدة المثبتة على عامودين بشكل (7) لم توضع عوضا عن القديمة بل اصطفت بجانبها فرادى ومثنى وثلاث بل أكثر من ذلك في بعض الأماكن. لوحات تحجب منظر معالم جدة من بنايات جميلة أو أثرية أو مساجد أو مجسمات جمالية ناهيك عن الأشجار الخضراء. حتى ما تبقى من الساحل لم يسلم من لوحات الإعلان التي بلغ حجم بعضها (بعرض 10 متر) حجم لوحات الإعلان الضخمة المصممة أساسا للطرق السريعة. لوحات تحتل الأرصفة، التي توشك أن تختفي في جدة، فتعوق المشي كما تعوق الرؤية. في الطريق يحتار السائق هل يتابع حركة السير التي أمامه أم يقرأ كل ما في هذه اللوحات التي تحيط به. أشعر أن جدة فاقت كل مدن العالم في عدد اللوحات التي تزحم شوارعها، وأتمنى أن تجرى دراسة للتحقق من صحة هذا الشعور. وجدة، ولا فخر، أصبحت الأولى عالميا في امتلاك أحدث تقنية للاستفادة من الواجهات الزجاجية للبنايات العالية كشاشات إعلان إلكترونية ضخمة من نوع (LCD) كما هو مشاهد في أحدث وأعلى بناية في المدينة. كل لوحة إعلان تغريك بل تلح عليك وتأمرك أن تشتري شيئا ما قد لا تكون في حاجة إليه وهي بهذا تزيد من الروح الاستهلاكية بشكل كبير. أنا لست ضد الإعلان فهو وسيلة مشروعة للتعريف بالمنتجات والخدمات، ولكن لكل شيء حدوده ومكانه المناسبان. وأنت يمكنك أن تقلب صفحة المجلة أو أن تغير محطة التلفاز إذا سئمت من الإعلانات فيهما، ولكن لا يمكنك قطعا التخلص من إعلانات الطرق. الوضع الأمثل، لا شك، هو وضع الإعلانات في أماكنها المناسبة مثل دليل الهاتف أو الكتيبات المخصصة للإعلان أو الشبكة العنكبوتية، حيث يتجه الباحث فيجد المعلومة التي تفيده في الوصول إلى طلبه، بما في ذلك العناوين وأرقام الهواتف، بالإضافة إلى اطلاعه على البدائل المختلفة. رحم الله أياما كانت جدة تفخر فيها بظهور مجسمات جمالية جديدة في كل أسبوع أو كل شهر. لقد انتهى عهد الفن والجمال في جدة وسيطرت قوى المال والأعمال والدعاية والذوق الهابط. أمانة جدة الآن تتصرف وكأنها المالك الحصري لكل شبر من فضاء جدة وسمائها، وهي تستبيح هذا الفضاء فتبيعه على شركات الدعاية والإعلان كيفما اتفق. ويحق للمواطن أن يسأل من أعطى أمانة جدة هذا الحق؟ ومن يحاسبها على كل الدخل الذي تحققه من ورائه؟ للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 133 مسافة ثم الرسالة