قرأت السيرة الذاتية للعديد من المعلمين والمعلمات في المدارس الأمريكية خاصة للمراحل ما قبل الجامعة، فوجدت أسماءهم وملخص ما يدونونه ذا قيمة عالية في الحياة، وأن قراءتهم للحياة فيها شيء كبير من الواقع، حتى لكأنك أمام «كتالوج» للحياة، يبصرونك كيف يمكن أن تساير الحياة دونما غلو ولا شطط ولا إفراط ولا تفريط. صحيح أن هناك منهم من يعيش للذته وشهوته ودنياه، لكن والحق يقال إن كلام بعضهم درر، وما توصلوا إليه من حديث ونتائج للحياة إنما هو بمثابة الزبدة التي جزء كبير منها من توجيهات النبي الكريم عليه الصلاة والسلام. ذلك أنهم عبر وسائل الأبحاث والدراسات وتجارب الحياة وصلوا إلى أمور فطرية تبحث عنها النفس البشرية، ولعلي هنا أورد وصفا لبعض ما جاء في «كتالوج» الحياة لهؤلاء المعلمين: •• غرس مفهوم «السلام» بكل معانيه وأبعاده، السلام مع النفس والسلام مع الآخرين في الحياة، سواء في البيت أو المدرسة أو الشارع، السلام الذي هو يعني البشاشة ومخاطبة الآخرين بالكلمات الحلوة واللسان الذي يقطر بالمفردات المبهجة، أليس هذا هو ما وصى به نبي هذه الأمة عليه السلام عندما قال: (أفشوا السلام). •• إن من «كتالوج» الحياة لدى بعض أولئك المعلمين والمعلمات التعليم الصحيح وإيصال العلم إلى الآخرين وبذل الجهد في ذلك، فإن ذلك يعني أن الأجيال يتأسس العلم عندهم بطريقة صحيحة، ألم يقل عليه الصلاة والسلام إن الملائكة تضع أجنحتها لمعلمي الناس العلم. •• إن من أهم المعاني التي يروونها هي الاستفادة من الحياة ما أمكن، وعدم تضييع معطياتها من صحة وشباب ووقت، وتوظيف ذلك التوظيف السليم، وهذا فيه توجيه نبوي كريم (اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل مرضك، وغناك قبل فقرك، ووقتك قبل فراغك، وحياتك قبل موتك). •• التركيز على مبدأ الحياة العامة ألا وهو الاحترام، احترام الأنظمة والقوانين، احترام الآخرين، احترام الشأن العام. وقد وجه الرسول الكريم في العديد من الأحاديث إلى هذا الاحترام وجعل حتى إماطة الأذى عن الطريق صدقة، وأن على الصغير احترام الكبير. •• إن من أميز ما يمكن ملاحظته من تربية المعلمين والمعلمات هو عدم تدخلهم في ما لا يعنيهم، وهذا سلوك يطبقه الطلاب والطالبات بل المجتمع بأسره، وهو انشغال كل شخص في ما يخصه بعيدا عن الغيبة والنميمة والتدخل في شؤون الآخرين، وهذه تعاليم في مجملها جاء بها الكتاب والسنة. •• إن المعلم والمعلمة ليس دورهم التعليم فقط لأن الجزء المهم الأكبر هو «التربية»، لذلك سميت وزارة التربية والتعليم، وللأسف ليس هناك آباء أو أمهات يسألون في يوم من الأيام مدارس أبنائهم وبناتهم عن المستوى التربوي، بقدر سؤالهم عن الواجبات الدراسية والتعليمية. [email protected]