حذر إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس من الآثار السلبية للفهوم المنحرفة الجانحة بين المسلمين ، وقال في خطبة الجمعة أمس في المسجد الحرام: «ألهبت فيهم روح الكراهية والصراعات، وأججت نعرات التعصب والنزاعات، وها هو الواقع البئيس عبر المجالس والمنتديات، والإعلام والفضائيات ينطق باستعلاء أباطيل وأضاليل وادعاءات، وقناعات شاذة وافتراءات، تقضم الأصول والثوابت، وتشرخ معالم الدين الثابتة». وتساءل الدكتور السديس هل يكون الحرام الصريح يوما حلالا؟، وهل تكون شعيرة الحسبة التي حازت بها أمتنا الخيرية على العالمين، اقتحاما للخصوصية، وخرقا للحرية الشخصية؟! وهل يكون ميراث الرجل للذكر مثل حظ الأنثيين على السواء من المرأة، مشددا على أن كل اقتحام لثابت التشريعات ومسلم المحكمات بالتحوير وسوء الأفهام هو افتراء على الله، وتهجم على الحق بغير علم، ولي لأعناق النصوص بما يخدم الهوى ويضل عن الهدى ويذكي رواج الشبهات. ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام المسلمين إلى تقوى الله والاستعصام من التقوى بالعروة الوثقى في ظل ما تعيشه الأمة الإسلامية في هذه الأيام من فتن ومآس. وقال «من أشد تلك الفتن خطرا ما حل بالأمة وملتها، ووحدتها وألفتها: فتنة انحراف الفهوم والعقول، وتأويل النصوص والنقول إلى غير المراد واللا معقول، من قول الباري تبارك وتعالى- وقول الرسول ، ومنهج السلف، وخير الخلف رحمة الله عليهم . لذلك كان الفهم الوثيق والإدراك المتين الدقيق، للوحيين الشريفين، من أزكى منن الباري وأسناها، وأجل حصائد العلوم وأغلاها، وأحمد وسائل الاستنباط وأزكاها، به يسمو صاحبه، وتجل مناقبه، وتنبو عن الفرطات عواقبه»، وأضاف «أن الفهم نوعان: أحدهما فهم الواقع والفقه فيه، والثاني فهم الواجب في الواقع، وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه، أو على لسان رسوله، لأن صحة الفهم، وحسن القصد، سلامة للدين والذمم، والأحكام والقيم، وانطلاق بالأمة وأمنها ووحدتها، صوب السبيل الأرشد للأمم». وواصل الدكتور السديس في خطبته قائلا: «إن الاختلاف في فهم النصوص وتفسيرها كان أرضا خصبة في بيان سعة الشريعة ومرونتها، وبرهانا ساطعا على يسر الدين وانسجامه مع المتغيرات ورعايته للمقاصد النيرات وتحقيقه للمناط في النوازل والمستجدات، واستشهد بالحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله قال لأصحابه: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة» فاختلفوا رضي الله عنهم في فهم ذلك على رأيين أقرهما المصطفى ، وكذا في جملة من المسائل والفروع عدها أهل العلم من اليسر والسعة التي لا يعيب فيها أحد على الآخر على ضوء القاعدة التيمية الذهبية رفع الملام عن الأئمة الأعلام، وقد بوب البخاري رحمه الله باب الفهم في العلم، كل ذلك شريطة أن يكون الفهم على مقتضى النصوص الصحيحة والمقاصد الصريحة وأن يكون المتحلي به من أهل العلم المعتبرين. ودعا إمام وخطيب المسجد الحرام في خطبته المعلمين والمعلمات بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد إلى بناء الأجيال على التمسك بأصول الشريعة ومحكماتها، وتحصينهم دون التفريط في فروعها وجزئياتها، مثابرين على بناء ملكة الفهم الصحيح لما ورد في الكتاب والسنة. وفي المدينةالمنورة أكد إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ صلاح البدير في خطبة جمعة أمس أن العالم الآن يشهد حوادث زاجرة وخطوبا منذرة وفتنا وتقلبات توجب التفكر والتذكر والعظة والعبرة. ودعا الشيخ البدير المسلمين إلى الاتعاظ والاعتبار والخشوع إلى الله عز وجل والتوبة من الذنوب قبل فوات الأوان. وأوضح إمام وخطيب المسجد النبوي قائلا : «كم شاهدنا من جثث فما للعيون ناظرة ولا تبصر، وما للقلوب قاسية ولا تفكر ، وما للنفوس ناسية ولا تذكر ، أغراها إنظارها وإمهالها ، أم بشرتها بالنجاة أعمالها، أم لم يتحقق عندها من الدنيا زوالها ، وخاطب الشيخ البدير، المسلم قائلا: «إذا كنت قد أيقنت بالموت والفناء وبالبعث بعده فكيف تغفل»، داعيا المسلمين إلى التيقظ والحذر من الغفلة وقبول النذارة والانتفاع بالتذكرة والتيقظ بالعظة وعدم الغفلة وعدم الاغترار ببعد الأجل والبعد عن إخوان السوء وملازمة أهل الرقة والخشية والعلم.