انبثق فجر يوم عيد الفطر الماضي عن انبثاقات فكرية وإيمانية وروحية كان لها أبلغ الأثر في فتح مجالات وآفاق عريضة اتسعت لتغطي ولتمسح عذابات العالم الإسلامي ومرارات الألم والانكسار والذل والهوان. وإذا كان العلماء هم ورثة الأنبياء فقد تجلى فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد وتفوق على نفسه عندما تصدى في خطبة العيد التي بفضل مكرمة خادم الحرمين الشريفين من خلال بوابة الحرمين الإلكترونية قد انساحت عبر الفضاءات العريضة لتلامس شغاف القلوب المؤمنة في شتى أنحاء العالم قال فضيلته «افرحوا وابتهجوا واسعدوا، وانشروا السعادة والبهجة فيمن حولكم، إن حقكم أن تفرحوا بعيدكم وتبتهجوا بهذا اليوم يوم الزينة والسرور، ومن حق أهل الإسلام في يوم بهجتهم أن يسمعوا كلاما جميلا، وحديثا مبهجا، وأن يرقبوا آمالا عراضا ومستقبلا زاهرا لهم ولدينهم ولأمتهم. قد يقول بعض المتأملين أحسن الله إليهم: إن المسلمين اليوم يعيشون محنا ورزايا، وفتنا وبلايا، لهم في كل أرض أرملة وقتيل، وفي كل ركن بكاء وعويل، وفي كل صقع مطارد وأسير، صور من الذل والهوان والفرقة والطائفية والإقصاء، دماء وأشلاء، وتسلط من الأعداء، وكأن الناظر لا يرى دماء سوى دمائنا، ولا جراحا سوى جراحاتنا، زاغت الأبصار، وبلغت القلوب الحناجر، وظن ظانون بالله الظنونا. ثم يقول هذا القائل: هل بعد هذه الأحزان من أفراح؟ وهل بعد هذه المضائق من مخارج؟ وهل وراء هذه الآلام من آمال؟ وهل في طيات هذه المحن من منح؟ ومتى يلوح نور الإصلاح؟ يقول المستبشر المحتفي بعيده حسن الظن بربه: نعم». هكذا انطلق خطيب يوم العيد في قوة واقتدار يفلسف الوضع القائم ويجسده، ولكنه لا يكتفي بالوصف والتشخيص، وإنما يفتح باب الأمل على مصراعيه ليقوي من إيماناتنا ويزيد في قدرات الاحتمال عند كل مؤمن ومؤمنة، مستندا إلى قاعدة إيمانية قوية ومتينة منبثقا بما وعد الرحمن به .. ويمضي يسوق أمثلة من واقع حياة الأمم والشعوب ليستخلص من بطن سفر التاريخ بل أسفار الحياة حكما ومعادلات لها نصيب الأسد من الصحة وقوة البيان والحكمة. ويمضي فضيلته فيقول «كلما ازداد التحدى ازداد اليقين .. ولا يرى الجمال إلا الجميل، ومن كانت نفسه بغير جمال فلن يرى في الوجود شيئا جميلا، والكون ليس محدودا بما تراه عيناك ولكن ما يراه قلبك وفكرك، فجفف دمعك، وأجبر كسرك، وارفع رأسك؛ فإن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، وإن مع العسر يسرا. والمهزوم من هزمته نفسه، وقال أهل الحكمة إن قسمات وجه المرء انعكاس لأفكاره ومصائب الحياة تتماشى مع همم الرجال صعودا وهبوطا وتشيب الرؤوس ولا تشيب الهمم .. المتفائل يرى ضوءا لا يراه المتشائمون». هكذا كانت خطبة العيد موجة من النسمات المشتعلة ضوءا ونورا يبعث الأمل ويسهم في انشراح الصدور والانتصار على الانكسار والشروخ، وفي يقيني أن هذه الخطبة نبراس يجب أن يسارع إليه في كل منابرنا من أجل أن نثق فيما عند الله من نصر لعباده المؤمنين، فقط علينا أن نؤمن بالله وبما عنده من نصر للمؤمنين إذا ما نحن أصلحنا ذواتنا وأهلينا ومن حولنا واخلصنا جميعا لله مصداقا لوعد الله ووعد الله صادق (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين). لا أملك وكل الذين قدر لهم أن يعيشوا في كنف تلك اللحظات الماتعة التي استمعنا من خلالها لهذه الخطبة البليغة ذات الرسالة والمضمون الكبير إلا أن ندعو مخلصين لفضيلة الشيخ صالح أن يجزل له الله خير الثواب وأعظم الأجر وأن يحقق للأمة الإسلامية ما انطوت عليه نيته .. وأن يأتي عيدنا القادم ليؤكد مصداقية ما ذهب إليه فضيلته وكل عام وقرائي الأكارم بخير وكل مؤمن ومؤمنة .. وحسبي الله ونعم الوكيل. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 132 مسافة ثم الرسالة