أدى المسلمون صباح أمس صلاة عيد الفطر المبارك في الحرم المكي الشريف وفي مختلف أنحاء المملكة العربية السعودية في أجواء آمنة مطمئنة مفعمة بالخشوع لله والخضوع له سبحانه وتعالى بعد أن أنعم الله عليهم بصيام شهر رمضان المبارك وقيامه. ففي مكةالمكرمة أدى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- صلاة عيد الفطر المبارك مع جموع المصلين الذين اكتظ بهم المسجد الحرام والساحات المحيطة به. وقد أدى الصلاة مع خادم الحرمين الشريفين -أيده الله- دولة رئيس مجلس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري. كما أدى الصلاة مع خادم الحرمين الشريفين أيده الله صاحب السمو الملكي الأمير عبدالرحمن بن عبدالعزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام وصاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالعزيز وصاحب السمو الأمير عبدالله بن محمد بن عبدالعزيز وصاحب السمو الأمير فيصل بن تركي بن عبدالله وصاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكةالمكرمة وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالإله بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين وصاحب السمو الأمير فيصل بن محمد بن سعود الكبير وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز رئيس الاستخبارات العامة وأصحاب السمو الملكي الأمراء وأصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ وأصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين وجموع غفيرة من المصلين. وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد الذي ألقى خطبة العيد أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل وطاعته وتعظيم أمره وعدم معصيته. وقال فضيلته: افرحوا وابتهجوا واسعدوا وانشروا السعادة والبهجة فيمن حولكم.. إن حقكم أن تفرحوا بعيدكم وتبتهجوا بهذا اليوم يوم الزينة حولكم.. ومن حق أهل الإسلام في يوم بهجتكم أن يسمعوا كلاماً جميلاً وحديثاً مبهجاً وأن يرقبوا أملاً عارضاً ومستقبلاً زهراً لهم ولدينهم ولامتهم، وقد يقول بعض المتأملين أحسن الله إليهم إن المسلمين اليوم يعيشون محناً ورزايا وفتناً وبلايا، ولهم في كل أرض أرملة وقتيل، وفي كل ركن بكاء وعويل وفي كل صقع مطارد وأسير.. صور من الذل والهوان والفرقة والطائفية والإقصاء.. دماء وأشلاء وتسلط من الأعداء وكان الناظر لا يرى دماء سوى دمائنا ولا يرى جراحاً سوى جراحاتنا زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وظن ظانون بالله الظنونا ثم يقول هذا القائل (هل بعد هذه الأحزان أفراح وهل بعد هذه المضايق من مخارج وهل وراء هذه الآلام من آمال وهل في طيات هذه المحن من منح ومتى يلوح نور الإصباح يقول المستبشر المحتفي بعيده نعم ثم نعم فاهنئوا بعيدكم وابتهجوا بأفراحكم وهل يكون انتظار الفرج إلا في الأزمات وهل يطلب حسن الظن إلا في الملمات يقول ربكم في الحديث القدسي).. أنا عند ظن عبدي بي فيظن عبدي ما شاء: وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: والذي لا إله غيره ما أعطي عبد مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن ألا أعطاه الله عز وجل ظنه. ذلك بأن الخير بيده.. وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام: مادام أن امتنا شاهدة على الأمم فهي باقية ما بقيت الحاجة إلى الشهادة ومادام إن رسالتنا هي الخاتمة فهي باقية إلى آخر الدهر، وفي تاريخ الأمة مئات العظماء بل آلاف قد ولدوا وسوف يولد أمثالهم وهذه سنة الله، بل ها هي أحداث ومستجدات ونوازل ومتغيرات تحدث أمام ناظريكم مما يوده المتابع وما لا يوده ظن أصحابها أنهم ما نعتهم حصونهم فأتاهم الأمر من حيث لم يحتسبوا فسدت عليهم المخارج وضاقت الحيل. وهاهي أساليب التواصل وطرق التعبير فتحت من الأبواب وهيأت من الأسباب مما يحسن فهمه وفقهه. وقال: وأنتم في استقبال عيدكم أحسنوا الظن بربكم فكلما ازداد التحدي ازداد اليقين ولا يرى الجمال ألا الجميل ومن كانت نفسه بغير جمال فلن يرى في الوجود شيئاً جميلاً. والكون ليس محدوداً بما تراه عيناك ولكن ما يراه قلبك وفكرك فجفف دمعك واجبر كسرك وارفع رأسك فإن النصر مع الصبر وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا. المهزوم من هزمته نفسه ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ومن أجل هذا أمر ديننا بالتفاؤل ونهى عن التشاؤم، بل إن نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- يحب التفاؤل ويعجبه الفال ويعجبه أن يسمع يا نجيح ويا راشد. لأن التفاؤل كل ما أدخل على الإنسان سروراً وبهجة وانشراحاً مما يدفع إلى العمل ويفتح أبواب الأمل وتنطلق معه النفوس الإنسان يبتهج للهيئة الحسنة والمكان الفسيح والمنظر البهيج والفال حسن ظن بالله وتعلق برجائه والتفاؤل استعانة بالموجود لتحصيل المفقود وهو تقوية للعزم وباعث على الجد ومعونة على الظفر.. التفاؤل يقلب العلقم زلالاً والصحراء جنة والحنظل عسلاً والدار الضيقة قصراً والقلة غنى.. وهل يشعر بسعة الدنيا من كان حذاؤه ضيقاً.. المتفائل يسقط من أجل أن ينهض ويهزم من أجل أن ينتصر وينام من أجل أن يستيقظ ومن جد وجد ومن زرع حصد.. المتفائل لا تزعزع يقينه المصائب ولا تفل عزيمته الفواجع ولا تضعف إيمانه الحوادث ومصاعب الحياة تتماشى مع همم الرجال وصعوداً وهبوطاً وتشيب الرؤوس ولا تشيب الهمم؛ فاحترم نفسك فهي أجمل مخلوق على وجه الأرض، والذين لا يغيرون ما بأنفسهم لا يغيرون ما حولهم. ولهذا ترى الجميع يفكر في تغيير العالم وقليلاً منهم من يفكر في تغيير نفسه. وأضاف الشيخ بن حميد يقول: ومن أجل مزيد من الوضوح والإيضاح ولمزيد من الابتهاج والفرح وحسن الظن بالله والأمل العريض للأمة تأملوا هذه المقارنات والموازنات المتفائل ينظر إلى الحل والمتشائم ينظر إلى المشكلة، المتفائل مجد على الدوام ولا يعرف الإحباط والضجر يرى الحياة حقاً له وحقاً للآخرين، والمتشائم جلاد نفسه يرى غيره أسعد منه ثم هو يريد أن يكون أسعد من الآخرين وهل مثل هذا يحقق السعادة.. المتفائل يرى ضوءاً لا يراه الآخرون، والمتشائم يعمى أن يرى الضوء الذي أمام ناظريه. المتفائل مستفيد من ماضيه متحمس في حاضره مستشرف لمستقبله، والمتشائم أسير لماضيه محبط من حاضره هلع على مستقبله.. المتفائل يطلب المعاذير والمخارج لسلامة طويته وانشراح صدره، والمتشائم يشتل بالعيوب ويحشر نفسه في المضايق لظلمة باطنه.. المتشائم يحسب كل صيحة عليه يجوع وهو شبعان ويفتقر وهو غني. المتشائم يذكر النعم المفقودة ويعمى عن النعم الموجودة. وقال فضيلته: إن التفاؤل لا يحتاج إليه في وقت الرخاء والأمن والنعيم إذ في وضح النهار لا تحتاج إلى الشموع والمصابيح بل إن المصباح لا يضيء إلا في الظلام وشمعة واحدة كافية لتبديد الظلام والفرج لا يكون إلا بعد الشدة، والنصر لا يكون إلا بعد الهزيمة والفجر لا يكون إلا بعد ليل مدبر؛ وسعادة المرء ليست في تمني ما ليس عنده، ولكنها بحسن الاستمتاع فيما عنده والسعادة ليست محطة وصول ولكنها مسيرة الحياة كلها. واستطرد فضيلته يقول: فالتفاؤل لا ينكر الواقع ولا يستهين بالمشكلات ولا يهمل الأسباب وأخذ الحزم من الأمور والاحتياط في المسالك، ولكن الله عز وجل بقسطه جعل الفرح والروح والسرور وراحة النفس وسكينتها وسلامتها في الرضا واليقين، وجعل الغم والحزن في السخط والشك فلا تفسد حاضرك حزناً على ماضيك فالتفاؤل في المستقبل هو الشاهد على صحة العقل وصفاء النفس، وقد قالوا إن البكاء لا يعيد الميت إلى الحياة ولكن يعيده الدعاء والثناء والذكر الحسن والأثر الطيب ورأس التفاؤل الاتصال بالعلي الأعلى فالصلاة تفاؤل وذكر الله تفاؤل والدعاء تفاؤل يحيط بذلك حسن الظن بالله عز شأنه؛ فالمؤمن ذو اليقين والرضا يعلم إن الله قد أحاط بكل شيء علماً وأحصى كل شيء عدداً ووسع كل شيء رحمة وعلماً. ومن حكمته في هذه الدنيا إن في الناس من ينجح بذكائه وفيهم من ينجح بغباء الآخرين وإذا وجد من ينجح بعمله فإن هناك من ينجح بكسل الآخرين، ورب ساع لقاعد فما منعكر بك إلا ليعطيك ولا ابتلاك إلا ليعافيك ويثيبك ولا امتحنك إلا ليصطفيك والأجر عند ربك مربوط بالعمل والاجتهاد وليس بالنتائج والثمار، وقاعدة التوازن أعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً وأعمل لآخرتك كأنك تموت غداً وإذا ضاق صدرك فالزم التسبيح وأن التفاؤل الحق هو التصديق بوعد الله عزّ وجلّ. وفي المدينةالمنورة تقدم صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة جموع المصلين اليوم لأداء صلاة عيد الفطر المبارك في المسجد النبوي الشريف الذي امتلأت أروقته وساحاته وسطحه بالآلاف من المصلين الذين تهافتوا منذ الصباح الباكر لأداء صلاة عيد الفطر المبارك. وأمّ المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ حسين آل الشيخ، حيث استهل فضيلته عقب صلاة العيد خطبتي العيد بحمد الله سبحانه وتعالى على ما من به على عباده من إتمام الصيام وقيام لياليه مهنئاً إياهم على إتمام الصيام والقام وبقدوم عيد الفطر المبارك.