كل عام وأنتم بخير.. هذه المعايدة لكم أعزائي القراء. مضت أيام العيد بأفراحها وأهازيجها وألعابها وذكرياتها. وكل عيد يأتي نستعيد فيه كل الأعوام التي سبقت، هذه الاستعادة هي التي تخلق الفرح المضاعف، فالفرح عادة، وكل عادة لها طقوسها التي نستجلبها لنعيش تكرار الحدث وخلط الحاضر بالماضي. وأغلبنا يحافظ على هذه الطقوس كونها سجله الفرائحي، وأنا مثلي مثل الآخرين لي طقوس أمارسها فمثلا أن لم أتسوق في ليلة العيد من متاجر البلد والدوران بين شوارعه وأزقته ذلك الدوران الذي يبدأ من المحمل ليصل إلى الخاسكية وسوق البدو وباب مكة وباب شريف إن لم أفعل هذا أعتبر أني لم أعيد وإن لم أسمع محمد عبده وهو يشدو بأغنية من العايدين أشعر أني لم أعيد وإن لم أعبر أزقة الهنداوية في نفس الليلة أشعر أني لم أعيد، وإن لم أحصل على حلويات العيد من أي منصة باسطة في شارع قابل أشعر أني لم أعيد وإن لم أشترى الشريك والفريكة والمخلالات والأجبان بأنواعها وحوائج الدبيازة أشعر أني لم أعيد. طقوس كثيرة يمارسها كل منا بصورة أو أخرى ليشعر أنه يعيش فرحة ليلة العيد. هذا العام لم أقم بأمور كثيرة مما تعودت على فعله في ليلة العيد. وإن بقيت عادة مستحدثة وهي معايدة الأصدقاء عبر رسائل الجوال، وهذه العادة أيضا أصابها التغير في هذا العيد. كلنا يمسك بجواله ليلة العيد ليكتب مشاعره بالكلمات ويبعث بها لأحبائه. وقد فعلت إلا أن عارضا حدث، سأقوله لكم ما هو: وجدت أن جوالي لازال يحتفظ بأسماء وأرقام أحباء مضوا في رحلتهم الأبدية وهم (من غير ترتيب مقامات فقد تساووا تحت الثرى): محمد عبده يماني، غازي القصيبي، محمد البنكي، محمد صادق دياب، عبدالستار الصبيحي، محمد شفيق. لم أقم بشطب أرقامهم أو أسمائهم من جوالي إحساسا بأنهم يعيشون معي أو في داخلي، فقط تبعدنا المسافة، كما كانوا أحياء لا نلتقي دائما لكننا نغوص في بعضنا بمجرد الالتقاء، لذلك لم أزل أي اسم منهم. ولأنهم أحباء كالأحياء تماما كان من الإنصاف معايدتهم كما فعلت مع أحبائي الذين على سطح الأرض فهل من هم تحت الأرض أقل معزة ممن فوقها. وقررت أن أكتب رسالتي لهم كيفما اتفق وأبعثها على أرقامهم المتواجدة في جوالي، وكانت الرسالة كما يلي: أصدقائي الموتى كل عام وأنتم في لحودكم أيامكم سواء وأيامنا ملونة متقلبة لم تعد قلوبكم ترتعد فرقا من الموت ونحن نرتعد فرقا كلما دنا موعد رحلتنا نحبكم لكن لا نريد لقياكم فأي حب هذا الذي ينتقي البعد على الوصل أتعلمون، دموعنا التي ودعتكم هي ذاك الحب أما بعد توسدكم لقبوركم لا نريد الالتقاء بكم سوف نتذكركم كل عام ونقول لكم رحمكم الله وليس من العايدين فكل عام، وأنتم في لحودكم. ** لكن للأسف لم يرد أحد منهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة