بعد تجارب درامية متنوعة اتسمت بالجرأة وبمقاربة الواقع إلى حد بعيد كما حصل في عملها الأخير «تخت شرقي»، تتصدى المخرجة المتميزة رشا شربتجي لمسلسل «الولادة من الخاصرة» الذي تعرضه قناة أبوظبي الأولى في رمضان، عن نص لصاحب «لعنة الطين» سامر رضوان، وبمشاركة مجموعة من نجوم الصف الأول في سورية من أبرزهم سلاف فواخرجي، سلوم حداد، عابد فهد، قصي خولي، محمد حداقي، مكسيم خليل، كندة علوش وآخرون. في حديثها ل«عكاظ» تصنف رشا شربتجي عملها الجديد بين الأعمال الاجتماعية التي تسبر أغوار النفس البشرية وتغوص في أعماقها، حيث تؤكد أن «الولادة من الخاصرة» عمل يتحدث عن الصراع بين الفقر والحياة، وهو أيضا اختزال لطبقات المجتمع من غني وفقير وصاحب سلطة في محاولة للتأكيد بأن كل تلك النماذج يلفها حالات متشابهة من الخوف والقلق من المستقبل، وتؤطرها حقيقة واحدة وهي أنها تخضع لضغوطات نفسية منشؤها تربوي وحياتي، ليؤكد المسلسل من خلال النماذج التي يقدمها أن الشخص المسحوق المعدوم هو الأكثر توافقا مع ذاته وانسجاما مع واقعه. وتوضح المخرجة السورية الخطوط الثلاثة التي تدور حولها الأحداث التي تتجسد بدور جابر يلعبه قصي خولي الشاب الفقير الذي تصفعه الحياة مرات عدة ولا يجد من واقعه المرير مفرا، وضابط الأمن رءوف عابد فهد الشخص المتسلط بالغ القسوة الذي يهوى التحكم بكل من حوله، وواصل سلوم حداد صاحب معمل الملابس وابنه المتمرد صاحب المشكلات التي لا تنتهي. غير أن شربتجي تؤكد أننا هنا أمام حالات استثنائية لا يمكن أن نعممها ولكن قد نجد أحدها بين أشخاص حولنا وقريبين منا إلى حد كبير. ولا تصنف مخرجة الولادة من الخاصرة عملها الجديد في خانة الجرأة أو العمل الذي يمكن أن يصدم المشاهد، وتقول: «أنا لا أبحث أصلا عن الجرأة بحد ذاتها دون النظر إلى العناصر الأخرى، فما يشدني هو النص الدرامي وما يحمله من أفكار، ومن ثم تصاعد خط الحدث والتسلسل المنطقي الذي يجعل المشاهد متحمسا لمشاهدة الحلقة تلو الأخرى، فالتلفزيون بمثابة حكواتي الزمن الحاضر وإن لم يأت بجديد للمشاهد فلن يبقى مشدودا إليه وإلى حكايته. وعن تعاونها مع الكاتب المثير للجدل سامر رضوان تقول شربتجي، لم أطمح إلى ذلك ولم أكن أقصده فالنص أعطاني نوعا من أنواع التحريض ما شجعني على الخوض فيه، ولو كنت أسعى لاسم الكاتب لكنت كررت التعامل مع فؤاد حميرة الذي حققت معه نقلة نوعية في مسلسل غزلان في غابة الذئاب، لكن هذا لم يحصل منذ سنوات. وحول تكرار التعامل مع ذات الوجوه في أعمالها الأخيرة قصي خولي، ومحمد حداقي، ومكسيم خليل وغيرهم تقول رشا: «حين أقرأ النص عادة لا أفكر بشخصيات بعينها بل أحاول الابتعاد عن الشخصيات النمطية ولا أقترب منها، وهنا أبحث عن أشخاص لم يسبق لهم تأدية شخصية ما لأمنحهم الفرصة في تأديتها، وأعتقد أنني محظوظة بالأسماء الذين ذكرتهم فهم ببساطة يفاجئونني دائما بقدراتهم ويستطيعون التلون بشكل مبهر ولا أجد بدا في التعامل معهم في كل مرة أقدم فيها على عمل جديد». وعن تواجد عابد فهد وسلاف فواخرجي في المسلسل تقول رشا «وجدت أن عابد فهد هو الأقدر على تأدية شخصية ضابط الأمن ولكن بطريقته الخاصة بعيدا عن الصورة النمطية المعروفة عنها، أما بالنسبة لسلاف فواخرجي فسبق أن تعاملنا في الكثير من الأعمال وهي فنانة تحمل مواصفات النجمة بكل معنى الكلمة واعتقد أنها تؤدي في المسلسل دورا مميزا وجذابا».