كشف المستشار القضائي الخاص مستشار الجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط الدكتور صالح بن سعد اللحيدان، أن البعض اعتبر بعض الآثار أحاديث نبوية، مشيرا إلى أنها ضعيفة السند، منها: «أدبني ربي فأحسن تأديبي»، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، «استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان»، «فإن كل ذي نعمة محسود»، «أنا مدينة العلم وعلي بابها»، «ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة» والصحيح «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة»، إضافة إلى حديث البردة «بانت سعاد فقلبي اليوم متبول»، فمع انتشارها فإن سندها ضعيف ولم يقلها كعب بن زهير، ولم يذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويستأذنه في قصة مختلقة. كما أن اللحيدان أوضح أن الإمام الطبري أبطل قصة التحكيم التي جرت بين علي ومعاوية رضي الله عنهما، التي اختار معاوية عمرو بن العاص واختار علي أبا موسى الأشعري، وذلك لسندها المتهالك. وأثار ذلك العديد من العلماء والقضاة والإعلاميين الذين حضروا محاضرة اللحيدان في نادي الطائف الأدبي أخيرا؛ كونها أول محاضرة تحدثت على هذا المستوى الذي لم يكن له مثيل في إطاره ومحتواه. وقال اللحيدان في أمسيته: من هذه الحيثية لابد من البحث العلمي من جديد، ومعرفة العالي من الأسانيد والموقوف والمرفوع من المتون، ومعرفة العلل والتدليس والانقطاع والمتون المتطوعة، ويجب عرض الآثار التاريخية التي هي المتون على الأسانيد، فإنه لولا الإسناد لقال من شاء ما شاء، ويقول عبدالله بن المبارك والإمام أحمد (بيننا وبين القوم القوائم) التي هي الإنسانية. وفي أسس النقد الشرعي والعلمي والتاريخي، بين اللحيدان أنه لابد للوقوف على صحة الآثار، من معرفة السند وما له وما عليه من حكم على الواقعة، سواء كانت في سياسة العبادة أو سياسة المعاملة، موضحا أن السند أصل من أصول الاعتماد لإثبات النص، مشيرا إلى أن ما كتبه المؤرخون كالمسعودي والثعالبي وأبي فرج الاصفهاني وابن عبدالله والحافظ من باب التلقي المجرد، مؤكدا أن هذه نقطة الضعف من خلال النقل منهم وعنهم. وعرج اللحيدان في محاضرته إلى حقيقة النقد العلمي والأدبي، موضحا أن الموجود اليوم ليس نقدا إنما دراسات للأعمال الأدبية، مبينا أن تلك الدراسات تفتقر إلى الموهبة والقدرات الفذة في نقد النص، ومعرفه ما له وما عليه، «ولا يجب أن تخلط بين دراسة العمل ونقده». لكن اللحيدان استثنى من ذلك من لهم آراء عالية حيال السند والمتن، مثل: مصطفى صادق الرافعي، أحمد شاكر، محمود شاكر، عماد الدين خليل، عبدالعزيز بن باز، محب الدين الخطيب، محمد ناصر الدين الألباني، وعباس محمود العقاد في بعض أطروحاته، وعلي أحمد باكثير في بعض معالجاته المسرحية على أسس قائمة من التوجه الجيد نحو العرض والاستنتاج في علمية طرح الآثار في قالب حيوي جيد. وأعاد اللحيدان في محاضرته تلك الزوبعة التي كانت بسبب آرائه حول الرواية والقصة، قائلا: الموجود اليوم إنما عرض وليس روايات، وهي أشبه ما تكون بالمذكرات التلقائية، وتفتقر إلى الموهبة، ويلمس منها ضيق النفس وصغر الحجم وهو ما يجعلها في حوض الأقصوصة وليس في حوض القصة أو الرواية، لأنهما تجتاجان إلى دعائم وأطر وأسس». وأوضح أن «من يقرأ هذه الروايات ابتداء من نجيب محفوظ وحيدر حيدر ومحمد عبدالحليم عبدالله وأمثالهم في الوطن العربي، لا يخرج بتأثير بالغ فعال، حيث يأخذ منها القارئ والمتلقي آثارا عاطفية أو عقلية». وألمح إلى أن من يحقق في هذه المسألة يجد أن «المجاملة تدخل في طباعة غالبها، فتنشر دور النشر كثيرا من الأقصوصات الموجودة على أنها روايات بدليل أنها لم تأخذ جوائز عالمية محكمة، وما حصلت عليه بعض القصص من جوائز وطنية أو عالمية فإن أغلب الظن جاء على سبيل التشجيع، وهذا أقدره بحكم عضويتي في اتحاد المؤرخين العرب والاستشارات في الجمعية العالمية للصحة النفسية في دول الخليج والشرق الأوسط». وقال معقبا «شخصيا أنحو باللائمة على أنني شممت كثيرا من السطو، فهناك إيقاعات في كتب من الروايات الجنسية، بعضها أخذه القاص من شارلس جارمن أو من القاص الإيطالي الجنسي البرو تو رافيا الذي ألف أكثر من 20 قصة تدور حول الجنس والعلاقات غلفها بطابع قصصي وروائي، وعول بعض المؤلفين العرب على جورجي زيدان في رواياته التاريخية التي كتبها في قالب جنسي ولم يصح منها شيء». ودعا اللحيدان في ختام محاضرته، الهيئات العلمية والمجامع اللغوية إلى أن يكون هناك ضابط دقيق لدراسة هذا الوضع الرجراج الذي يقطع الطريق أصلا على الإبداع والإضافات العلمية التي يسبق إليها.