يغلب على حياتهم الشقاء والتعب، ولا يختلف ذلك في شهر رمضان أو غيره من الشهور، هذه المعلومة أكدها أحد البدو الرحل يقيم هو وزوجاته وأطفاله في البادية منذ نشأته. فالح بن محمد قال ل «عكاظ الشباب»: نفرح بشهر رمضان الكريم كما يفرح غيرنا، ولكن حياتنا تختلف كثيرا عن حياة الناس في القرى والمدن، فنحن بعيدون كل البعد عن أنوار الكهرباء وشاشات القنوات الفضائية، لا نعرف السهر والنوم طوال النهار؛ لأننا مرابطون نرعى أغنامنا طوال اليوم، واستبشرنا بقدوم شهر رمضان عن طريق الراديو على إذاعة القرآن الكريم، وصليت وأولادي وأسرتي العشاء والتراويح ثم ذهب كل منا لينام في الخيمة المخصصة له أو على الأرض في الهواء الطلق، ولا نعرف السهر لعدم وجود ما يدعونا إليه. ويكمل فالح حديثه: نصحو قبل الفجر ونتناول السحور وهو عبارة عن لبن من أغنامنا وإبلنا وتمر وخبز وحليب، ونحمد الله فهذا خير كثير، بالإضافة إلى أننا في بعض الليالي نتسحر اللحم مع المرق أو مع الأرز أو اللبن، بعد ذلك نصلي الفجر ثم يذهب كل منا إلى مهمته المخصصة له، فلدينا الأغنام والإبل الكبيرة والصغيرة وهي مقسمة إلى ست مجموعات ويذهب كل واحد منا بمجموعة منها إلى الخلاء لرعيها، ثم نعود قبيل الظهر ونرتاح إلى قبل العصر، ثم تعود مرة أخرى كل مجموعة مع راعيها المسؤول عنها إلى الفلاء وتعود جميع القطعان قبل المغرب، فيما تجهز مجموعة من أهل البيت طعام الإفطار، ونعتمد في دخول وقته على التقويم اليومي أو أذان الحرم المكي عن طريق المذياع، وطعام الإفطار عبارة عن قهوة، تمر، سمن، عسل، وخبز البر، ثم نصلي المغرب ونعاود إكمال فطورنا، وهو عبارة عن شوربة وكبسة مكونة من اللحم والأرز والمرق، وفاكهة إذا توفرت لدينا، ثم نتسامر على برامج الراديو حتى آذان العشاء، ونصلي العشاء والتراويح ثم نسهر قليلا لتوزيع أعمال اليوم التالي، بعدها يذهب كل منا إلى مكانه المخصص له للنوم، وهكذا برنامجنا الرمضاني اليومي، ونحن بذلك نشعر بسعادة وفرح طوال ليالي رمضان وأيامه رغم الإرهاق والتعب، إلا أننا نحتسب الأجر ولا نبالي رغم العطش والجوع، ونسمع عن الكثير من الأكلات الرمضانية وأنواع الحلويات، لكن يكفينا ما نتناوله في بداوتنا ونشعر بلذة بالغة، بتلك الوجبات التي لا تختلف عن وجباتنا طوال العام، وبذلك ليس هناك فرق في حياتنا في رمضان أو غيره إلا في الصيام والانقطاع عن الأكل والشرب، وكذلك نعيش بعيدين عن الناس فلا مجال للغيبة والنميمة والشجار في مجالسنا.