توقع مختص سعودي في الأسواق المالية العالمية أن تصل حجم خسائر الاستثمارات السعودية في السندات الأمريكية المبنية على الدين العام الأمريكي نحو 45 مليار دولار، أي ما نسبتة 20 في المائة من الاستثمارات التي تقدر بنحو 229 مليار دولار أمريكي تقريبا. وقال ل «عكاظ» الاقتصادي الدكتور سامي بن عبدالعزيز النويصر إن هذه الخسائر «دفترية» ولا تحسب في الواقع إلا عند محاولة استرجاعها، مشيرا إلى أن الأزمة الأمريكية دفعت المستثمرين إلى التوجه العالمي للاستثمار في الذهب، الذي ارتفعت أسعاره في الأسواق العالمية ووصلت الأونصة إلى نحو 1700 دولار، أي بزيادة نسبتها 40 في المائة من بداية العام حتى تاريخه، لما يشكله الذهب من ملاذ آمن للمستثمرين العالميين وبديلا عن الدولار. واستدرك بقولة إنه لا يوجد بديل عن الذهب في المستقبل المنظور، حيث إن الدولار الأمريكي هو العملة الرئيسة والمسيطرة عالميا. وأشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي يعادل 25 في المائة من اقتصادات العالم، ويعد المحرك الأساسي للاقتصاد العالمي، وهو أكبر اقتصاد عالمي لكبر المساحة والسيادة الوطنية والقوة الشرائية على مستوى الفرد، وأنه من عام 2002 بدأت المديونية تزيد بزيادة مضطردة سنويا، وهذه الزيادة وصلت إلى 97 في المائة من الدخل القومي الأمريكي، أي ما يعادل 46 ألف دولار على كل مواطن أمريكي تشكل (دينا)، وتم الاتفاق في الحكومية الأمريكية أخيرا على رفع المديونية إلى 14 تريليون أمريكي، ما أدى إلى الصراع السياسي بين الديموقراطيين والجمهوريين، وبالتالي انعكس على خفض وكالة التصنيف الائتماني «ستاندرد آند بورز» إلى AA بدلاAAA، وهذا بدوره انعكس على التعامل الأمريكي مع المديونيات الضخمة، وبالتالي انعكس على التعامل المالي المبني على الدولار الأمريكي، وكما هو معلوم أن الدولار هو العملة العالمية التي تتداول على مستوى التجارة الدولية والمعاملات البنكية والاستثمارات المالية الضخمة المبنية على سندات الخزانة الأمريكية. وهذا يبدي ارتباطنا بالمشكلة (الدين العام) وطبيعة الحال ارتباط الدولار الأمريكي بالدين العام. وحول أسباب المشكلة وتفاقمها، يقول الدكتور سامي النويصر إن المشكلة تتوزع على شقين: أولهما الحكومة الأمريكية في دخولها الحرب على الإرهاب في أفغانستان والعراق وغيرها من الدول ما أدى إلى زيادة الصرف بدون مقابل، وبالتالي زيادة العجز، ثانيا: الهزة المالية التي حدثت في أمريكا في عام 2008م بخصوص أزمة الرهن العقاري وبعدها قضية إفلاس بعض كبريات الشركات المالية الأمريكية مثل شركة (ليمان برزر) المالية، وهزة الصناعات مثل قطاع السيارات مثل جنرال موتورز وظهور منافسة عالمية من دول عدة أبرزها الصين، البرازيل، الهند، وروسيا. وعن تأثير الأزمة على الاقتصاد السعودي، أوضح الدكتور النويصر أن هناك تأثيرا مباشرا على مستوى الفرد، فمثلا نجد أن الريال السعودي مرتبط بالدولار الأمريكي، وفي حالة ضعف الدولار كما هو الحال حاليا، ونحن دولة مستوردة لأغلب السلع والخدمات، حيث يشكل استيرادنا من أمريكا 16 في المائة، بينما النسبة الباقية 84 في المائة تتوزع على دول أخرى، وهذا مفاده أننا نستورد بقيمة أعلى من المفروض وبالتالي نستورد التضخم. وتوقع أن تشهد أسعار السلع الأساسية والاستهلاكية والكماليات من مختلف دول العالم إلى السوق السعودية ارتفاعا ملحوظا في حالة استمرار انخفاض الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى، ما سيوثر على المواطن السعودي في نهاية الأمر، وبالتالي تضعف القوة الشرائية له في ظل ارتباطنا بالدولار الأمريكي. أما عن تأثير الأزمة على الاقتصاد السعودي، فيقول إن هناك استثمارات سعودية ضخمة في أمريكا في مجالات السندات الأمريكية، وتحتل الاستثمارات السعودية المركز الرابع بعد الصين، اليابان، وبريطانيا مقدرا حجم هذه الاستثمارات بنحو 229 مليار دولار أمريكي. وشدد النويصر على أهمية إعداد خطط تدرجية تدرس فك ارتباط الريال السعودي عن الدولار الأمريكي، وإيجاد قنوات استثمارية للاستفادة من المتغيرات والتقلبات المالية العالمية.