في الوقت الذي تزيد فيه روحانية شهر رمضان من تحلي الصائمين بالأخلاق الإسلامية العظيمة التي تدعو للحلم وعدم الغضب والعفو عن الناس، إلا أننا نرى البعض من الصائمين تزداد عدوانيته في مثل هذه الأيام دون مبرر وقد لا يمر يوم في رمضان دون وقوع مشادات كلامية وملاسنات تنتهي بالاشتباك بالأيدي والذهاب في بعض الأحيان إلى مراكز الشرط. الاختصاصيون النفسيون والاجتماعيون والتربويون شددوا على ضرورة علاج ظاهرة الغضب وأهمية التحلي بالصبر وعدم الانفعال، وطالبوا المجتمع أن يكون أكثر وعيا بالمخاطر التي قد تحدث نتيجة الشجار والاختلاف مع الآخرين، فقال الباحث الاجتماعي عبدالرحمن البلوي إن شهر رمضان يعودنا على الصبر وحبس النفس ليس عن الأكل بل عن كل ما يؤثر سلبا علينا، ومن المظاهر السلبية التي تزداد في رمضان كالمشادات الكلامية والشجار على أبسط الأمور في حين أن ديننا الحنيف يدعونا للتحلي بفضائل الأخلاق ومن بينها الحلم والصبر، قال صلى الله عليه وسلم «ليس الشديد بالصرعة (أي مغالبة الناس وضربهم) إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب»، ومن هذا الحديث نتعلم معنى الحلم والبعد عن الغضب الذي تكون له انعكاسات نفسية وصحية واجتماعية، فالنفسية تكون في تنامي العدوانية، والصحية تكون في تعرض الشخص كثير الغضب لأمراض الضغط وأحيانا قد يصاب بالجلطة الدماغية، أما فيما يتعلق بالناحية الاجتماعية فسيفقد الشخص جميع من حوله نتيجة الغضب وصدور سلوكيات سيئة كقذف الآخرين بألفاظ نابية أو يتشاجر معهم ويخلق لنفسه الكثير من العداوات. وأشار الاختصاصي النفسي إبراهيم أحمد إلى أن الشخص سريع الغضب يكون في الكثير من الأحيان مخطئا، حيث إن الغضب يتسبب في فقدان القدرة على مراقبة وضبط النفس والقدرة على الملاحظة الموضوعية، كما يشمل التأثير الجسدي للغضب زيادة معدل ضربات القلب وضغط الدم. أما التربوي محمد الشهري فيؤكد على أن مشاهد الشجار التي تزداد في موسم رمضان وتحدث للأسف بشكل يومي هي من السلوكيات الخاطئة التي ينبغي علاجها لكي لا نعرض أنفسنا والآخرين للخطر، فهنالك خلافات بسيطة تحولت إلى قضايا جنائية، فالإنسان سريع الغضب لا يعي في بعض الأحيان ما يقوم به فيتصرف بعدوانية مفرطة مع من يختلف معهم وقد يصل الأمر لإصابة الطرف الآخر بأضرار جسدية أو يفقد حياته لا سمح الله، ومن الواجب أن تقوم المؤسسات التربوية والاجتماعية بتقديم رسائل تثقيفية وتوعوية عن مخاطر بعض السلوكيات، ومنها الغضب؛ لحماية المجتمع من آثاره السلبية.