من المؤكد أنه لولا وجود من يشتري المخدرات لما وجد البائع سوقاً لترويج بضاعته، وإن من المؤسف أن محاولات تهريب المخدرات بجميع أنواعها لبلادنا تتوالى يوما بعد يوم وشهراً بعد شهر، وبكميات أكبر وأكثر، ولولا فضل الله وتوفيقه والجهود التي يبذلها رجال الجمارك والأمن والحدود لما بقي من شبابنا أحد إلا وقد أبتلي بتعاطي المخدرات!! فالشباب على رأس القائمة المستهدفة وذلك لسهولة توريطهم، إما لكونهم من الذين يغدق عليهم آباؤهم الوفير من المال دونما رعاية ولا توجيه ولا حتى دراية بسلوكهم، ولا معرفة بمن يصاحبون وأين يسهون!! أو هم من الذين مسهم الفقر فلجأوا للتسول، أو النصب لكي يوفروا ما يقيم أودهم، فغلبت عليهم شقوتهم وضيقوا على أنفسهم ومن يعولون من أجل شراء المخدرات وتعاطيها وهما منهم أنها الوسيلة التي تخفف مشاعر الألم بالفقر. أو هم لا من هؤلاء ولا من أولئك وإنما هم من الفقراء البؤساء الذين تورطوا في تعاطي المخدرات. فقد أكد مساعد مدير مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية عبدالإله الشريف أن «الأعمار المستهدفة من تجار المخدرات تبدأ من 12 حتى 25 عاماً كونه يسهل التغرير بهم، وأن نحو 72 ألف شخص مدمن للمخدرات في المملكة يراجعون مستشفيات الأمل في مدن عدة وأنه تم حجب 3000 موقع إلكتروني تختص بالمخدرات وترويجها إضافة إلى ضبط قضايا المروجين إلكترونيا» الحياة 12 رجب 1432ه. أما بالنسبة لما ذكره الشريف عن عدد مراجعي مستشفيات الأمل فإنه وإن كان صحيحا فإنه لا يمثل الحقيقة بالنسبة لعدد المدمنين، فلا يلجأ لمستشفيات الأمل إلا من قبض عليه فلم يجد سبيلا للتخلص من بلوى المخدرات إلا محاولة العلاج، أو أنه من الذين افتضح أمره عند أهله فساقوه لمستشفى الأمل، أو أنه من الذين ضاقت عليهم الأرض بما رحبت بعد أن أصبح فقيراً مدقعا أو مريضاً لم يعد يقوى على السير للترويج فقرر العلاج، أو حتى هو من الذين يدفع بهم تجار المخدرات لمستشفيات الأمل لملاحقة المدمنين ومدهم بالمخدرات بأسلوب خفي!! وأعود لتصريح عبدالإله الشريف الذي قال إنه «لا توجد إحصائيات رسمية عن أعداد النساء المتعاطيات للمخدرات لكن هناك حالات قليلة»، وأنا أقول لسعادته: صحيح أنه لا توجد إحصائيات رسمية، ولكن أعدادهن ليست بالقليل بكل أسف!! وأخيراً فإنني أشيد بجهود رجال الجمارك والحدود والأمن لما يبذلونه من جهد بصد هجمات تهريب المخدرات وبكميات رهيبة من أخطرها الحشيش وأشد خطراً منه الهيروين الذي يمكن لمن يتعاطاه من البنين والبنات تناوله في أي مكان دون حرج، والمسؤولية الكبرى إنما تقع على الأهل والمدرسة، فلو كانت هناك متابعة ومراقبة جادة لما انتشرت المخدرات لهذا الحد وحسبي الله ونعم الوكيل.