كانت عبارة «هون تمسال سيدي الرئيس» ما تطرق سمعك عشرات المرات عندما تسأل سائق التاكسي أو المرشد السياحي أو موظف الاستقبال في الفندق، أو حتى من كان بجانبك في الشارع عن معالم سورية، أو عن أهم ما ينصحك به أحدهم لتشاهده في سورية الحضارة والتأريخ فقد كان الجواب الحاضر دائما «هون تمسال سيدي الرئيس» ! وحتى عندما كنت تبدي تعليقا بسيطا حول هذا المعلم الأهم الأوحد كان الجمع ينفض عنك بطريقة هستيرية وكأنهم يعوذون بالله من جهلك وحمقك، بينما في دواخلهم يتجرعون ألم المرارة والحسرة؛ أنهم لايشاركونك ذلك التعليق الساخر أو الضحكة المرة عن ما وصولوا إليه من الخوف والقهر، هذه العبارة كانت أهم مالفت نظري في زيارتي لسورية قبل سنوات، وتذكرت ذلك التمثال وأنا أشاهد سقوطه قبل أيام. هناك على ضفتي نهر بردى، كنت تشم هواء ممزوجا برائحة الاستبداد، كنت ترى بوضوح على تلك الشفاه الشامية ألف سؤال وسؤال، عجزت عن البوح به، شفاه يابسة إلا من تمجيد ذلك الرئيس الذي ملأت تماثيله الشوارع في مدن لايسكنها إلا الخوف والرعب من زائري الظلام، أو كتبة التقارير ، أو «الشبيحة» ذلك المصطلح السوري، العمل الوحيد الذي استطاعت تقديمه سورية الأمويين للعالم الحاضر. لم تكن دمشق هي المدينة العربية الوحيدة التي تعيش أو عاشت ذلك الرعب من طغاة استباحوا لأنفسهم قتل وسفك دماء الأبرياء، فهناك في بغداد المتنبي جرح عربي آخر!! تصف هاديا سعيد السيدة البيروتية سنوات بقائها في العراق مع زوجها في فترة عهد الرئيس أحمد حسن البكر ونائبه صدام حسين في كتابها «سنوات مع الخوف العراقي» تقول في ذلك «لقد كنت أحد الذين عاشوا نوعا «مخففا» من الخوف داخل الجمهورية، وخارجها مع أني لست عراقية»، فهل هو الشعار الخفي بأنها أمة عربية واحدة في الخوف والقهر؟ رد على هاديا سعيد ربيع الثورات العربية في تلك البلاد الموجوعة بالخوف والاستبداد، فقد خلعت سورية ذلك الرداء البالي، والتأريخ المرعب من القهر والألم، دعمها في ذلك رجل صلب لايخاف في الله لومة لائم، إنه خادم الحرمين الشريفين بموقفه التأريخي الذي لن ينساه أبناء دمشق وحلب ودير الزور ، تلك هي الأمة العربية بمعدنها ورجالها الحقيقيين، عندها نكون أمة عربية واحدة في العزة والكرامة والحرية . [email protected] للتواصل أرسل رسالة SMSإلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 269 مسافة ثم الرسالة