كل عام وأنتم بخير، وأعانكم الله على صيام وقيام هذا الشهر الفضيل، كما نسأله تعالى أن يعين الجميع على تجاره ومستغليه والمزايدين على روحانيته باستغفال الناس في كل مكان، ابتداء ببوابات المساجد وانتهاء بآخر إشارة مرور في أطراف كل مدينة.. إنه موسم استفادة التجار من الثقافة الشرائية السيئة للمجتمع السعودي، وغياب التوعية والرقابة وضعف الأنظمة الرادعة. ابتداء من اليوم لا تبقى شركة أو مؤسسة أو وكالة أو سلسلة متاجر إلا وتعلن عن عروضها الرمضانية التي تستدرج المستهلك من حيث لا يشعر بإعلانات جذابة مغرية، لا يكتشف خداعها إلا بعد أن يسقط ضمن ضحاياها.. كل شيء ممكن شراؤه في رمضان، البيوت تتحول إلى مستودعات ضخمة للمواد الغذائية التي يذهب فائضها إلى حاويات القمامة، عروض الإغراق تجعل معظم الأسر تفكر في شراء أي شيء. أثاث، سيارات، أدوات منزلية، أشياء ضرورية وأكثر منها غير ضروري، في الوقت نفسه تنشط البنوك في تقديم قروضها لتسد شهوة الشراء، وفي ظل هذه الحمى ينتهي رمضان بمأساة مالية للأسرة السعودية تتفاقم مع دخول العيد، وتصبح كارثية مع بدء الدراسة في شهر شوال.. الوعي الاستهلاكي لا يجد من يهتم به ويرفع مستواه بشكل صحيح في المجتمع. والحماية من الإعلانات المضللة وخداع المستهلك غير موجودة، وحرية السوق تصبح مقصلة لجيب المواطن، والجهات المعنية لا تعدم الأعذار التي تلوكها في كل موسم شرائي، ورمضان على وجه الخصوص، وبهذه الصورة نصبح أغرب مجتمع استهلاكي على هذا الكوكب. على الأقل دعونا نفكر في الملايين التي تبحث عن اللقمة في حاويات القمامة، ونحن ندلق فيها آلاف الأطنان كل مساء. [email protected]