رحلة الولادة الخامسة للمرأة السودانية مها تاج السر، لم تأت مثل سابقاتها.. دخلت المستشفى الخاص في القصيم بعافيتها الكاملة، ثم غادرته في غيبوبة على جهاز تنفس صناعي ووفاة دماغية إلى مستشفى الولادة قبل أن تفارق الحياة متأثرة ب «بتلف في المشيمة، ثقب في المثانة، نزف حاد، فشل كلوي وتلف في خلايا المخ»، طبقا للتقرير الطبي (تحتفظ «عكاظ» بنسخة منه). رحلت الأم.. وخرجت طفلتها اليتيمة إلى الدنيا لتخلد اسم أمها وتحمل ذات الاسم.. «مها»، لكن الأب المكلوم، الزوج الباكي «الشبلي» حمل أوراقه وتقدم بشكوى رسمية ضد الطبيبة فوزية أخصائية النساء والتوليد في المستشفى الخاص، بعد مداولات كثيفة ودراسة الوقائع والتفاصيل أصدرت الهيئة الطبية الشرعية الإضافية في القصيم، بحضور جميع أعضائها، قرارا يقضي بإلزام الطبيبة دفع الدية الشرعية لورثة السيدة المتوفاة، مها تاج السر محمد الحسن (38 عاما)، بعد تحميلها كافة المسؤولية في الخطأ الطبي الذي أودى بحياة المرأة. وقدرت الهيئة الشرعية مقدار الدية ب 50 ألف ريال مع كفارة قتل الخطأ. منع الطبيبة من المهنة لم تكتف اللجنة بذلك، فقررت صراحة ونصا، إلغاء تراخيص الطبيبة فوزية ومنعها من مزاولة المهنة، وشطب اسمها من سجل المرخص لهم لمخالفتها أحكام المادة 26، 27 من نظام مزاولة المهن الصحية ولائحتها التنفيذية، لكن الشاكين في الدعوى يشيرون إلى أن الطبيبة المتهمة ما زالت تمارس مهامها في ذات المشفى، كأن شيئا لم يكن، في الوقت الذي تؤكد فيه الإدارة غير ذلك. يقول زوج الراحلة مها «كان ذلك قبل عامين، عندما أحضرت زوجتي للمشفى وهي في تمام عافيتها، إذ سبق أن ولدت أربع مرات، الأخيرتان قيصريتان، وظلت تراجع عيادة المدعية عليها. وفي يوم الولادة أفادت الطبيبة أن كل الأمور على ما يرام، وأنها رتبت كل شيء لإجراء قيصرية الولادة، فعدت إلى عملي في انتظار الخبر السار، لكن ما حدث بعد ذلك كان عصيا على الخيال والإدراك، تلقيت اتصالا هاتفيا عاجلا من المستشفى الخاص طلبوا مني الحضور فورا للتوقيع على إقرار بالموافقة على استئصال الرحم بسبب نزف دموي حاد، فلم أتردد في الموافقة». الطبيبة تستأنف والمستشفى ينفي ظلت مها الراحلة في غرفة العمليات من الواحدة حتى الرابعة عصرا، ثم أخرجت على جهاز التنفس الصناعي والدماء تسيل منها.. طبقا لأقوال الزوج المكلوم، «حملوها في سيارة إسعاف إلى مستشفى الولادة والأطفال في بريدة، وهناك أخبروني أنها في حاجة عاجلة إلى عملية استكشاف عاجلة، وتبين أن طبيبة المستشفى الخاص لم تستأصل كامل الرحم وأحدثت ثقبا في المثانة ما أدى إلى فشل كلوي وموت دماغي.. وكانت النهاية». يستغرب الزوج شبلي من عدم تنفيذ قرارات اللجنة الشرعية، واستمرار الطبيبة في عملها، برغم أن تقارير مستشفى الولادة والأطفال في بريدة أكدت أن «المريضة وصلت للمستشفى وهي على جهاز تنفس صناعي في حالة نزيف رحمي وصدمة دموية شديدة، وتبين من عملية الاستكشاف وجود لتري دم داخل تجويف البطن ونزيف في جذور الرحم وتمزق في المثانة»، وتمت التوصية بنقلها إلى العناية القصوى في المستشفى التخصصي، حيث لفظت أنفاسها الأخيرة نتيجة تضرر خلايا المخ بسبب الصدمة النزفية الشديدة. مدير المستشفى الخاص في بريدة، محمد إبراهيم الفريح، رد على الاتهامات بقوله، إن «الطبيبة لا تعمل حاليا في المشفى»، مشيرا إلى أن إدارته رفعت يد الطبيبة عن ممارسة مهامها، مبررا وجودها في بريدة برفعها دعوى ضد وزارة الصحة أمام ديوان المظالم، ولا يمكن أن تغادر مقر سكنها التابع للمستشفى إلا بعد صدور حكم نهائي في القضية.