رغم الألم والمرض، تجد الرضا يرتسم على وجوههم وهم يستقبلون شهر رمضان من داخل المستشفيات ومن على الأسرة البيضاء، منهم من تعرض لحادث مروري استدعت حالته تدخلا جراحيا وبقاءه لفترات طويلة، ومنهم من تدهورت حالته الصحية واحتاج إلى متابعة طبية، وآخر بترت قدمه بسبب السكري، فجميعهم يخفون في صدورهم الألم ويظهرون علامات الرضا. غرغرينا القدم سليمان العرابي (55 عاما) يرقد على السرير الأبيض منذ شهرين داخل قسم الجراحة في مستشفى الملك فهد المركزي في جدة، يقول: أعاني منذ 25 عاما من مرض السكري الذي عانيت منه كثيرا، إضافة إلى أنني أعاني من مرض الفشل الكلوي، وحينما زادت علي مضاعفات المرض وشعرت بإنهاك وتعب ولوجود غرغرينا في القدم اليمنى راجعت أحد المستشفيات الخاصة في جدة لإجراء عملية في القدم، غير أنه مع مرور الأيام بدأت الآلام من أثر العملية فقررت مراجعة مستشفى الملك فهد قبل شهرين، وأدخلت قسم التنويم حيث كشف علي الأطباء وقرروا بتر قدمي لوجود صديد ولحم فاسد فيها. ويضيف العرابي: أتمنى الخروج سريعا للدخول في روحانية الشهر الفضيل والصوم، لأنني ولله الحمد أصوم كل يوم في رمضان رغم مرضي وألمي حتى غسيل الكلى جعلته ليلا حتى أتمكن من الصوم. وأضاف: الابتعاد عن الأبناء والأحفاد في مثل هذه الأيام له بالغ الأثر في نفسي، لكنها الظروف الصحية التي جعلتني طريح السرير، وأسأل الله أن يعين الجميع على الصوم والقيام وأن يشفي كل مريض. انتظار الخروج وفي غرفة أخرى في القسم نفسه، كان بدر موسى المالكي (25 عاما) يتأمل قدميه مسترجعا ما حدث له، إذ يقول: ما زلت أتذكر ذلك اليوم الذي أدخلت فيه إلى المستشفى، كان بعد نهاية الاختبارات مباشرة، حيث كنت أقود سيارتي في شارع الأربعين وتعرضت لحادث مروري مع سيارة أخرى، كدت أفقد فيه حياتي، ولم استيقظ إلا وأنا في المستشفى، والحمد لله الآن وضعي الصحي مستقر، فقط أنتظر الخروج ومتابعة العلاج مع الطبيب المعالج. وأشار إلى أن الإصابة كانت في ركبتيه اللتين احتاجتا إلى تدخل جراحي، «إن شاء الله قريبا سأعود إلى البيت حتى أصوم رمضان بين أهلي وأعيش معهم الأجواء الروحانية والأسرية التي تختلف كثيرا عن أشهر السنة». وأضاف المالكي: شهر رمضان هو فرصة عظيمة، ولا أريد أن أقضيه في المستشفى بين الأدوية والمحاليل. الصيام بين الأسرة وفي قسم العظام، يرقد أحمد يحيى حدري (58 عاما)، يقول: تعرضت لحادث مروري قبل 20 عاما، وأنا على ظهر دراجة نارية، أصبت على إثره في قدمي اليمنى، وبعدها بدأت المشاكل في قدمي وتحديدا بعد أن سافرت إلى الخارج من أجل إجراء عملية جراحية، كانت ناجحة لكن مع مرور الأيام بدأت أعاني أعراضا جانبية وأشعر بآلام ولم أعد أقوى على وضعها حتى على الأرض ما جعلني أراجع مستشفى الملك فهد حيث تم الكشف على قدمي وتبين وجود مشاكل في عظمة الساق وخروجها من مكانها الطبيعي، وها أنا أنتظر خروجي بفارغ الصبر، لكنها تعليمات الأطباء فمتى أكدوا لي الخروج فسأكون سعيدا بذلك. وذكر الحدري «أنا متفائل دائما في حياتي، وإن شاء الله مع حلول شهر رمضان تكون البشارة بالخير لي ولجميع المرضى، فأسأل الله أن يشفيهم جميعا»، وقال: لا أحد يريد أن يصوم إلا بين أسرته وأطفاله حتى يشعر بأجواء رمضان المباركة والمشاركة في فعل الخيرات لأنه شهر فضيل وهو فرصة كبيرة. صديد في العظام أما أيمن الأهدل (27 عاما) الذي أنهكه المرض، فيقول بصوت متعب: بسبب التدخين وصل الحال بي إلى هنا، فمنذ أن كان عمري عشرة أعوام وأنا أدخن منذ الصباح الباكر وقبل أن آكل، ما جعل حالتي الصحية تتدهور، وحينما شعرت بآلام في الظهر وانقطاع في التنفس، راجعت المستشفى لمعرفة سبب تلك الأعراض لكن الفحوصات اللازمة والأشعة بينت وجود صديد في العظام منتشر في الجسم، والحمد لله أشعر بتحسن والأطباء لم يقرروا متى سأخرج. الحرص على التواصل من جهته، أشار الأخصائي الاجتماعي في مستشفى الملك فهد في جدة زاهر فطاني إلى أن المستشفى يقوم بخدمة المرضى على أكمل وجه، وذلك بتقديم الخدمات العلاجية اللازمة، مبينا أن هناك بعض المرضى تتطلب حالتهم المرضية استمرار العلاج داخل المستشفى في شهر رمضان ومتابعة حالتهم الصحية، مشيرا إلى أن بعضا من المرضى يفتقدون لاجتماع الأهل والأصدقاء حولهم وبالذات في شهر رمضان، ونحن لم نغفل هذا الجانب إذ بدورنا كمختصين وأطباء واستشاريين نبذل كل ما في وسعنا لاحتوائهم، خصوصا من الناحية النفسية. ويقول فطاني: بالنسبة لرمضان، فإدارة المستشفى ومن خلال الخدمة الاجتماعية تحرص على توفير كل الاحتياجات للمرضى وتحرص على خلق أجواء أسرية للمرضى داخل المستشفى، مع محاولة الاتصال بذوي المرضى من أجل زيارتهم والاطمئنان على صحتهم في هذا الشهر الكريم، إضافة إلى أن الإدارة عملت على تحديد مواعيد زيارة المرضى، وتقديم وجبات رمضانية لهم ولمرافقيهم داخل المستشفى.