قبل بضعة أيام التقيت بمعالي الفريق ضاحي خلفان قائد شرطة دبي في منزله وجرى بيننا أحاديث شتى في موضوعات متنوعة والرجل يأسرك بأحاديثه وثقافته وتواضعه، وفي خضم هذه الأحاديث قلت له: في بلادنا السعودية يدور جدل كبير حول قيادة المرأة للسيارة ما بين معارض ومؤيد وأن أهم ما يطرحه المعارضون أن المرأة قد تتعرض للتحرش أو مضايقات أخرى إذا قادت السيارة فكيف تجربتكم في دبي لا سيما أن الوضع الاجتماعي بيننا متشابه إلى حد كبير؟ فأجابني: أن دبي سمحت بقيادة المرأة السيارة منذ حوالي أربعين عاما، وأن الشرطة النسائية وجدت منذ ذلك الوقت تقريبا، ولعلك تستغرب إذا قلت لك أن هذا العمل كان بأمر من القاضي آنذاك!! سألته: كيف كان ذلك؟! قال: قبضت الشرطة على امرأة كانت قد ارتكبت جناية وقادتها إلى المحكمة لينظر القاضي في أمرها، وأضاف: لكن القاضي وبعد أن أصدر في شأنها حكما قضائيا أمر أن لا يتولى أمر النساء إلا امرأة وأن الواجب الشرعي أن توظف إدارة الشرطة نساء يقمن بهذه المهمة لكي لا تتعرض المرأة لأي نوع من الاحتكاك بالرجال حتى لا تساء معاملتها، وهكذا بدأنا بتوظيف النساء في الشرطة، ثم وجدنا بعد ذلك أن هناك حاجة عند العديد من النساء لقيادة السيارة بأنفسهن لأنهن لا يجدن من يقوم بهذه المهمة نيابة عنهن في الوقت الذي يكن فيه في أمس الحاجة لقضاء شؤونهن بأنفسهن وهكذا وجدنا أن السماح بقيادة المرأة للسيارة أمر لابد من إجازته، لا سيما أن من ستتعامل معهن نسوة مثلهن منذ البداية وحتى النهاية. سألته عن قضية التحرشات بمن تقود السيارة وكيف يتعاملون معها وعن حجمها لأن هذه القضية تطرح باستمرار لمن يرى عدم استحسان قيادتها، فقال: قد تستغرب إذا قلت لك: إن حجم التحرشات قد يكون صفرا، والسبب في ذلك أن للشرطة رجالا في كل الأسواق والأماكن الأخرى وهم بلباس مدني فإذا رأوا أي نوع من التحرش قاموا بالقبض على الفاعل وتسليمه للشرطة وثم التعامل معه بحسم، بحيث يتم سجنه أربعة عشر يوما لا تسامح فيها على الإطلاق وقبل ذلك كانت والقول له تنشر صور وأسماء المتحرشين وهذا يفضحهم أمام مجتمعهم وأسرهم. فكان هذا العمل أكبر رادع لهم وهذا الإجراء الحاسم أوقف عمليات التحرش، وبالتالي لم يصل للشرطة العام الماضي إلا تسع عشرة حالة لا غير.. أقول: لماذا لا تنظم حالات قيادة المرأة للسيارة في بلادنا السعودية ويبدأ المخلصون بوضع ضوابط لها تحفظ للمرأة كرامتها وأيضا تعطيها حقها في قيادة السيارة عندما يكون لهذه القيادة حاجة ماسة.. وأخيرا: فإن الدول المجاورة ومنها دبي التي سمحت للمرأة بالقيادة لا تجد إلا نسبة قليلة من النساء يقدن السيارات لأن المرأة الخليجية بطبيعتها لا تلجأ للقيادة إلا في الظروف القاسية وهي قليلة إن شاء الله. * كاتب وأكاديمي سعودي للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة