يستعيد الناخبون من أقاصي الذاكرة سيناريوهات الانتخابات البلدية في دورتها الأولى وما أسفرت عنه من حصاد في آلية عمل المجالس البلدية، ومع العد التنازلي للانتخابات في دورتها الثانية تسطع في الذاكرة أسئلة حادة عن عدم تواصل أطياف المجتمع السعودي مع حراك الانتخابات حيث تشير الإحصائيات إلى أن هناك 1.1 مليون ناخب فقط يحق لهم التصويت، وهو رقم ضئيل قياسا إلى عدد سكان المملكة. وفي سياق الحراك الانتخابي يرى البعض أن فشل المجالس البلدية واستمرار الآليات السابقة أدى إلى ضعف الإقبال على الانتخابات في المطلق. وفي الوقت الذي كشف فيه عدد من المواطنين أن الانتخابات البلدية السابقة لم ينجح أحد فيها في تحقيق رغبات المواطينن فإنه وفقا لأقواهم فإن الانتخابات المقبلة ستكون لها نفس الملامح. كما كشفت الآليات أنه بعد تسجيل 397 ناخبا جديدا فإن هيئة حقوق الإنسان هرولت بعيدا عن فضاء الانتخابات فيما ابتعدت هيئة الصحفيين بحجة عدم مشاركة المرأة. وقد كشفت القائمة النهائية لأعداد الناخبين المسجلين في الانتخابات البلدية في دورتها الحالية ضعف الإقبال على الانتخابات مقارنة بعدد سكان المملكة ونسبة الذكور فيها، حيث أعلنت اللجنة العامة للانتخابات تسجيل «1.197.174» ناخبا منهم 800 ألف مسجلين من الدورة السابقة، حيث بلغ عدد المسجلين الجدد حواليى 397 ألف ناخب فقط، في حين أصبح عدد الذين يحق لهم التصويت يوم الاقتراع الموافق 1/11/1432ه «1.083.602» ناخبا، بعد استبعاد المتوفين والمستبعدين من لجان الطعون، يقابل ذلك وحسب آخر إحصائية للسكان، بلغ عدد الذكور من بين المواطنين السعوديين «9.527.173» فردا مما يكشف ضعف النسبة المشاركة في الانتخابات. عدم التطوير ويرى المراقبون أن هناك أسبابا متعددة تسببت في عزوف الكثير من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات الحالية، منها عدم تطوير آلية الانتخابات واختيار الأعضاء إضافة إلى استمرار نفس نظام عمل المجالس البلدية وأخيرا ضعف الثقة في أعمالها من واقع التجربة الأولى التي عايشها المواطنون حيث يرى الغالبية من المواطنين بأنه لم يكن للمجالس أي دور خلال السنوات الست الماضية في تطوير أو تقدم العمل البلدي رغم ارتفاع معدل الميزانيات. تتصل عن المراقبة ضعف الإقبال والاهتمام بالانتخابات البلدية لم يكن من جانب المواطنين فقط بل وصل للجهات الحقوقية بعدما أعلنت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان قبل نحو ثلاثة أشهر تخليها عن مراقبة الدورة الجديد لانتخابات المجالس البلدية، مبررة ذلك بعدم تطوير آلية عمل المجالس البلدية وعدم التمكين من حق الانتخاب لبعض فئات المجتمع. رصد الشكاوى وأكدت الجمعية في بيانها آنذاك دعمها للعملية الانتخابية وأن فروعها ومكاتبها ستكون مفتوحة لرصد واستقبال أي شكاوى أو تظلمات وفق اختصاصها في تلقي الشكاوى ومتابعتها مع الجهات المختصة والتحقق من دعاوى المخالفات والتجاوزات المتعلقة بحقوق الإنسان ملمحة إلى أنها لم تنشئ مجلسا تنسيقيا للرقابة كما حدث في الدورة الماضية. حجر عثرة ولم تكن جمعية حقوق الإنسان وحدها من أعلنت التخلي عن الرقابة بل تلتها هيئة الصحفيين السعوديين التي ربطت حضورها في المجلس التنسيقي لمراقبة الانتخابات البلدية بالسماح للمرأة بالتصويت فيها، وقال قبل أسابيع قليلة ل«عكاظ» أمين هيئة الصحفيين السعوديين الدكتور عبدالله الجحلان «إن حضور الهيئة كمؤسسة مجتمع مدني كان سيكون أقوى لو توسعت صلاحيات المجالس البلدية لأداء واجباتها بالصفة التي يطمح لها المواطنون الناخبون، بدلا من اقتصار دورها على سماع الملاحظات دون إحداث التأثير الملموس». سبب العزوف إلى ذلك كشف عدد من المواطنين عن عزوفهم عن التسجيل في الانتخابات الحالية، يقول محمد المقاطي، إنه قرر عدم المشاركة في الانتخابات الحالية بعد اكتشافه عدم جدوى الانتخابات من واقع تجربة المجالس السابقة التي لم تضيف أي جديد للعمل البلدي خاصة في مناطق شمال الطائف، وقال المقاطي إنه فضل عدم المشاركة بعدما اتضح أيضا أن نظام الانتخابات لم يطرأ عليه تطوير جوهري يوحي بالاستفادة من التجربة السابقة رغم تأجيل الانتخابات الحالية لأكثر من عامين. غياب المجالس الحالية ولد ضعف الثقة في الانتخابات. ويقول فهد الشهراني إن الانتخابات والمجالس البلدية عديمة الفائدة وبلا شك أن دور المجالس البلدية الحالية الغائب أضعف ثقة المواطنين في المجالس البلدية بشكل عام وانعكس ذلك على مدى الإقبال في الانتخابات الحالية، وبين الشهراني أن غالبية المشاركين حاليا لا يبحثون عن خدمة المناطق بل لخدمة أقاربه ومعارفهم المرشحين للمعرفة السابقة بأن صلاحيات المجالس محدودة. دعم المرشحين ويستغرب المواطن محمد الزهراني من الضجة الاعلامية المصاحبة للانتخابات رغم علم الكثيرين بعدم فاعلية المجالس البلدية وضعف صلاحيتها وعدم تغيير نظامها وآلياتها، مؤكدا بأن المشاركين حاليا يبحثون عن دعم المرشحين فقط وليس للبحث عن خدمة المدن او المناطق. من جانبه كشف عضو مجلس بلدي سابق رفض ذكر اسمه أسباب فشل المجالس البلدية في دورتها الأولى، قائلا إن السبب يعود إلى ضعف الصلاحيات، إضافة إلى تعيين رؤساء البلديات كرؤساء للمجالس، وقال العضو «موقفنا كأعضاء ضعيف إمام رؤساء البلديات الذين يرأسون المجالس البلدية، وفي حال الاختلاف مع رئيس البلدية تحال القضية لوزير الشؤون البلدية». وأكد العضو أنه من حق المواطنين العزوف عن الانتخابات الحالية نظرا لفشل المجالس وعدم تحقيقها لتطلعات وآمال المواطنين، إضافة إلى عدم تغيير آلية عمل المجالس حيث لازال رؤساء البلديات من ضمن أعضاء المجالس. إلى ذلك نفى المتحدث الرسمي للانتخابات البلدية المهندس جديع القحطاني ضعف الإقبال على الانتخابات البلدية الحالية قائلا «الإقبال على الدورة الحالية للانتخابات جيد»، إذا نظرنا إلى مشاركة قرابة مليون و200 ألف ناخب، 800 ألف من الدورة السابقة تم تحديث بياناتهم وقرابة 400 ألف ناخب جديد في الدورة الحالية بزيادة تصل إلى 50% فيتضح ارتفاع معدل الإقبال حيث أصبح إجمالي الناخبين يقارب مليونا و200 ألف ناخب ومن يحق لهم الاقتراع يوم الاقتراع «1.083.602» ناخبا، بعد استبعاد المتوفين والمستبعدين من لجان الطعون. وحول مقارنة ذلك بعدد سكان المملكة قال القحطاني: إن الانتخابات البلدية عالميا يشارك فيها نسبة قليلة مقارنة بعدد سكان الدول، ولكن في المملكة ولله الحمد الإقبال على الانتخابات الحالية جيد».