لم يراوح الاستثمار الرياضي في أنديتنا مكانه منذ نشأته، بالرغم من النجاح المحدود الذي تحقق لبعض الأندية من خلال دخول بعض الشركات في المنافسة على رعاية الأندية، وكان الاستثمار الرياضي نشأ في منتصف الثمانينات الميلادية، حيث جرت عدة محاولات لم يكتب لها النجاح؛ رغم قوة السوق وفاعلية وأهمية المنتج، هذه التجارب ظهرت بسرعة واختفت بسرعة، وفي منتصف العقد الماضي شهد الاستثمار تحولا كبيرا في شكله ومفهومه، فتغيرت كثير من المفاهيم واللوائح والأنظمة ودخلت إيرادات كبيرة لبعض الأندية، فالوضع الرياضي كان يوصف بالبائس قبل العام 2002 الذي كان يسوده عزوف جماهيري كبير وتسول كبير وواضح لكل الأندية الرياضية صغيرها وكبيرها، والخلاف الدائم والمستمر الذي لم يعد سرا بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة المالية حتى أمر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبدالعزيز بتشكيل لجنة عليا لدراسة وتطوير الشأن الرياضي والشبابي تضم شخصيات مؤهلة ونزيهة أعطت عدة توصيات بعد دراسات مستفيضة، في السطور القادمة نستعرض آراء بعض المختصين حول الاستثمار وإيجابياته وسلبياته: يذكر الدكتور يوسف السليم (متخصص في الاقتصاد السعودي) أنه لا يوجد استثمار رياضي بمعناه الحقيقي والصحيح في واقع الساحة الرياضية السعودية، وأن المداخيل التي ترد للأندية هي مداخيل دعاية وإعلان فقط ولاشيء آخر، وتابع الواجب ضرورة انعقاد مؤتمر خاص يناقش واقع الاستثمار الرياضي وسبل تطويره، ودعوة جميع الغرف التجارية لتبني استحداث لجان خاصة للاستثمار الرياضي، مشككا في حجم الاستثمار الرياضي السعودي المقدر بخمسة مليارات معتبرا أن هذا الرقم كبير ومبني على معطيات عاطفية لا يمكن قياسها على المعطيات الحالية، ويضيف المشاريع الاستثمارية الرياضية الجديدة تحتاج إلى المزيد من الدراسة والتطوير حتى تكتمل منظومتها وتصبح ذات عوائد وأرباح مجزية جدا. غير مشجع من جهته يقول سالم الفايز: (رجل أعمال وعضو مجلس إدارة سابق في ناد رياضي) إن الوقت الحالي غير مشجع لميلاد استثمار رياضي ناجح فالبنى التحتية غير مكتملة وبحاجة لكثير من الجهد والعمل، ويستدل على ذلك بخروج عدد من المؤسسات الاستثمارية الرياضية من السوق بسبب عدم وجود العوائد المالية المناسبة، واقترح الفايز أن تتبنى الرئاسة العامة لرعاية الشباب ذات الاستراتيجية التي اتبعتها الهيئة العامة للسياحة قبل 11 عاما حتى صار القطاع السياحي السعودي جاذبا جيدا للاستثمارات ومربحا للغاية، متمنيا أن تعلن الرئاسة عن ميلاد إدارة قوية لقطاع الاستثمار الرياضي، وتطرق لبداية انطلاقته في الثمانينات الميلادية حيث أوضح أنه من خلال عضويته في عدد من مجالس إدارات الأندية وكمستثمر فني، حاول البحث عن الفرص الاستثمارية بالأندية واستمع إلى تجارب بدائية للاستثمار أو بمعنى أصح لإيجاد موارد مالية للأندية ودخل إضافي وجديد، وبسبب التعقيدات النظامية فقد لجأ القائمون على النادي إلى إنشاء مشاريع تجارية صغيرة بأسمائهم كمحلات للملابس الجاهزة وصوالين الحلاقة ومبيعات التجزئة الصغيرة، ورغم أن مثل هذه الاستثمارات عمرت لسنوات لكنها اختفت وانهارت بسبب رئيسي وهو عدم وجود العمل المؤسساتي المنظم في الأندية السعودية، حيث إنها كلها تقوم على العمل الفردي، ويتناول الفايز تجارب الاستثمار الداخلي للأندية ويقول يقصد به استثمار منشآت ومرافق النادي الداخلية كالمسبح والملاعب والصالات والنادي الصحي والبوفيه ورسوم برامج النادي كالمراكز الصيفية والدورات الرياضية والتدريبية، وتابع: مثل هذه الاستثمارات رغم محدوديه دخلها المالي إلا أنها كانت أكثر استمرارية ولأنها لا تحتاج إلى تراخيص وإجراءات نظامية شبه معقدة، وعيبها الرئيسي عدم وجود ضبط مالي ومحاسبي للإيرادات والمصروفات ومثل هذا عائد إلى منظومة النادي ككل كجهة غائبة عن المتابعة الإدارية والمالية، ويقترح الفايز أن تسعى الرئاسة من خلال سن أنظمة إلى تفعيل الاستثمارات الداخلية في الأندية من خلال تأجير مرافق النادي على مؤسسات خاصة تسعى للتشغيل مع عدم الإضرار بالتزامات النادي تجاه منسوبيه. سرية مطلقة وبين الدكتور عبد الرحمن الحيدر أنه بحث كثيرا عن مستندات وأوراق عن الاستثمارات السابقة للأندية إلا أنه لم يجد حتى أن سريتها قد فاقت الأسرار العسكرية للدول، ويضيف «مطالبون باستعراض التجارب السابقة حتى نستفيد منها لا أن نخبئها ويعدد الأسباب التي أدت إلى فشل تلك الاستثمارات بالعوامل التالية: عدم وجود لوائح تنظيمية للاستثمارات الخاصة بالأندية. إدارة الاستثمارات في الأندية تنقصها الخبرة وتغيب عنها الرقابة. وضعية النادي ككيان قانوني لاتسمح له بإحداث السجلات التجارية ولا التعاملات التجارية. غياب التخطيط والدراسة. جهل أصحاب رؤوس الأموال بالفرص الاستثمارية بالأندية. البيروقراطية الحكومية التي تمارسها الرئاسة العامة لرعاية الشباب كجهة مشرعه للأندية. وينادي الدكتور عبدالرحمن الحيدر بأن تكون لجنة الاستثمار الرياضي المستحدثة قريبا جهة قوية وتستفيد من التجارب السابقة، لاسيما أن الفرص الاستثمارية في المجال الرياضي كبيرة ووفيرة متى ما وجدت التوظيف المناسب، مقترحا أن تسعى الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالتنسيق مع مجلس الغرف السعودي لإنشاء كل غرفة تجارية لجنة خاصة للاستثمار الرياضي لبحث الفرص ومساعدة المستثمرين وتهيئة الأجواء المناسبة لعملهم لخلق فرص جديدة، وتطرق الدكتور عبد الرحمن الحيدر لللجان الفرعية التي انبثقت عن اللجنة العليا لجنة الاستثمار الرياضي التي رأسها الأمير عبدالله بن مساعد وضمت رؤساء مجالس كبرى البنوك السعودية وعددا من المختصين، حيث أكد الحيدر أن معطيات هذه اللجنة انعكست على الواقع السعودي الرياضي، فمن المعطيات قرار الرئاسة بالسماح للأندية بالاستثمار بما لا يتجاوز الثلثين من سورها الخارجي والسماح لها باستثمار أراضيها، كما دخلت شركة الاتصالات السعودية كمعلن رئيسي في جميع الأندية الممتازة، ومن ثم ظهرت عدة مؤسسات ومكاتب للاستثمار الرياضي وبعده دخلت شركة موبايلي من خلال نادي الهلال وحققت الأندية الخمسة إيرادات مرتفعة من شركتي الاتصالات وموبايلي، أما باقي الأندية فبقيت دون إيرادات مالية باستثناء الدعم الحكومي، واصفا تجربة متجر الهلال بتسويق شعار النادي بالاستثمار الحقيقي للأندية، كما أن من يديره ويشغله هو القطاع الخاص وهذا يضمن له النجاح. لبن الهلال ويقول المحامي ساير الفارس عن الوضع القانوني للأندية: إن النادي بحسب التعريف الرسمي هو مؤسسة مجتمع مدني وغير هادف للربح ولوائحه وأنظمتة لايسمح له بالتعاملات التجارية، ويضيف أن استثمارات الأندية بحاجة إلى شكل قانوني يجب أن يعتمد من الجهات المختصة قبل أن نناقش قضايا رؤوس الأموال، ويعترف الفارس أن كل الاستثمارات الأولى للأندية كلبن الهلال ومنتجات الإتي والاستثمارات الأخرى الصغيرة لم يكن لها طابع رسمي وتشريعي لذا بقيت خارج دائرة المتابعة والاهتمام، كاشفا أن الوضع الحالي للأندية وللاستثمار الرياضي غير مشجع ويجب أن يصاحبه الكثير من التغيرات الجوهرية لخلق بنية تحتية مناسبة جدا للاستثمار، ومن ثم تترك الكرة للأندية للعمل لخدمة أنديتها، ويستدل الفارس بذلك قائلا: نسمع حاليا عن رؤساء أندية يتقاضون عمولات من أندية نظير جلب لاعبين أو مدربين وهذا من الناحية الشرعية لا يجوز، وقانونيا لا يوجد تنظيم يسمح أو يمنع مثل هذا التصرف، ويضيف أن أموال الأندية أموال عامة ومن يبددها يدخل في دائرة التهم بالفساد لذا قبل أن نسمح للأندية بالاستثمار يجب أن تسن القوانين واللوائح. فرص عمل فيما طالب الدكتور يوسف السليم بالتفريق بين الاستثمار الرياضي واستثمارات الأندية، فالأول موجود منذ القدم والأخير دعت الحاجة إلى ظهوره وبقوة في أواخر العام 1999، حين قل الدعم الحكومي للأندية الرياضية، ويضيف السليم أن القطاع الرياضي وبسبب عدة عوامل أهمها المتابعة الشبابية والرسمية والتغطيات الإعلامية الموسعة والمتخصصة سيكون قطاعا رافدا ورئيسيا للدخل الوطني بشكل عام وسيكون جاذبا لرؤوس الأموال وقطاعا يخلق فرص عمل وطنية، مبينا أن الدور والآمال معقودة على الرئاسة العامة لرعاية الشباب للقيام بدور وطني رائد ومهم في هذا المجال ضمن منظومة الدولة لخلق فرص عمل جديدة للسعوديين، وينادي السليم باستفادة الرئاسة من الصناديق التمويلية الخيرية والحكومية لتمويل مشاريع الشباب المتعلقة بالشأن الرياضي، مع استحداث لجان لمساعدة الشباب على الدخول في هذا المجال، ويعدد السليم الفرص الاستثمارية التي قد تكون موردا للاستثمارات الرياضية في النقاط التالية: مجال الدعاية والإعلان بيع اسم وشعارات النادي خلق منتجات جديدة واستغلالها تجاريا كجوال النادي والمواقع الإلكترونية تحويل عدد من الأندية وعلى مراحل إلى منظومات تجارية بالتعاون مع شركات ناجحة وكبيرة مكاتب الوساطة والتسويق لللاعبين وتشجيع الشباب للدخول في هذا المجال ووضع اشتراطات لمن يرغب بالحصول على التراخيص كشهادات السعودة والزكاة والتأمينات ليكون قطاعا موظفا للسعوديين تشجيع مؤسسات الإبداع وخلق الفرص الاستثمارية وتمويل الأفكار الجديدة