تأتي غرف العمليات على رأس قائمة المتهمين بمآسي الأخطاء الطبية في المستشفيات في المملكة بينما تتصدر المستشفيات الخاصة قائمة الأخطاء الطبية بصورة عامة. وكشفت ل«عكاظ» مصادر في وزارة الصحة أن مجموع القرارات الخاصة بإدانة أخطاء طبية خلال العام الماضي وصل إلى نحو 680 قرارا فيما بلغ عدد القرارات الصادر فيها إدانة في الحق الخاص (51) حالة وفي الحق العام 130 حالة خطأ طبي، وقد نظرت تلك الحالات 18 هيئة صحية شرعية في مناطق المملكة، وقالت المصادر إن ملف الأخطاء الطبية يتم التعامل معه بجدية واهتمام وفق أسس مهنية مدروسة للتعامل معها بطريقة علمية منهجية بعيدة عن الإثارة واللامهنية في ضوء اتفاق الشراكة الذي تصدت له وزارة الصحة مع وزراء العدل والثقافة والإعلام وعقدت لذلك ورش عمل. ومن ناحية أخرى أكدت مصادر في وزارة العدل استقلالية الهيئات الصحية الشرعية التي تتولى النظر في قضايا الأخطاء الطبية وعدم تدخل أحد في أحكامها أفرادا أو جهات وفقا لما كفله النظام. وأكدت المصادر أن الأحكام الصادرة عن الهيئات الصحية الشرعية هي أحكام قابلة للطعن والاستئناف أمام ديوان المظالم وفي حال الموافقة عليها أو القناعة بالحكم فإن أحكام الهيئات الصحية الشرعية تعتبر نافذة وملزمة وتصدر فيها قرارات شرعية، مشمولة بالنفاذ، وتكون الأحكام مستكملة لأركان الدعوة والتسبيب، فضلا على أن جل الأحكام لا تخرج عن الديات والأرش في الحق الخاص والغرامات وإغلاق المنشأة في الحق العام. وفي جدة نظرت الهيئة الطبية الشرعية في جدة خلال العام الماضي أكثر من 160 قضية خطأ طبي رفعت إلى اللجنة الطبية الشرعية وبلغ ما نسبته 90 في المائة شكاوى ضد المستشفيات والمستوصفات الخاصة مقابل 10 في المائة ضد منشآت القطاع العام. وحكمت اللجنة الطبية في 75 قضية ولاتزال المتبقية تعرض في جلسات يومي الأحد والثلاثاء حيث يتم عرض ما متوسطه ثلاث قضايا في كل جلسة قضائية، وتفيد المعلومات أن 10 في المائة من القضايا المرفوعة بسبب خطأ طبي أدى إلى وفاة، فيما تمثل ال90 في المائة المتبقية قضايا تتعلق بأخطاء طبية أدت إلى فقد أعضاء من الجسم أو فشل العملية أو مطالبة المريض باسترجاع أمواله التي دفعها للعلاج. وكان نصيب الأسد من الأخطاء للأطباء الوافدين وبنسبة 89 في المائة من القضايا المعروضة مقابل 11 في المائة للسعوديين وذلك خلال عام 1431ه ولم تكن جميع القضايا في صالح المريض أو رافع القضية وكانت نسبة قليلة منها تنتهي بعدم استحقاق المريض لأي مبلغ. ووفقا للمحامي بدر بن فرحان الروقي المنسق وممثل المركز العربي الأوربي لحقوق الإنسان والقانون الدولي في المملكة فإن اللجان الطبية الشرعية البالغ عددها 18 لجنة في المملكة تنظر في جميع المخالفات التي تحدث في المرافق الطبية الحكومية والخاصة أو الدعاوى الموجهة لأحد العاملين فيها من الأطباء ومن في حكمهم، وتحديد العقوبات المناسبة عدا ما هو من اختصاص اللجان الطبية الشرعية. وأضاف الروقي أن المادة 35 من نظام مزاولة مهنة «الطب البشري» و«طب الأسنان» تحدد عمل هذه اللجان والعاملين فيها بحيث تقوم بالنظر في الأخطاء الطبية المهنية التي ترفع بها مطالبة بالحق الخاص (دية، تعويض، إرش)، والنظر كذلك في الأخطاء الطبية المهنية التي تنتج عنها وفاة، أو تلف عضو من أعضاء الجسم، أو فقد منفعته أو بعضها حتى ولو لم تكن هناك دعوى بالحق الخاص، فيما تحدد المادة 34 من النظام نفسه تشكيل لجنة تسمى «اللجنة الطبية الشرعية». وبخصوص العقوبة التي يجوز الحكم بها على من يخطئ طبيا ويؤدي إلى إزهاق روح إنسان والتي لا تتجاوز ستة أشهر أو الغرامة التي لا تزيد على 100 ألف ريال قال: هذه العقوبة تعد ضئيلة إذا ما قورنت بالنتائج المترتبة على الأخطاء الطبية التي تمس حياة الإنسان. ومن جانبه طالب المحامي والمستشار القانوني صالح الغامدي بإنشاء محاكم طبية متخصصة مثلها مثل المحاكم التجارية والمرورية والإدارية، والعمل على رفع سقف العقوبة المنصوص عليها في المادة 28 من نظام ممارسة المهن الصحية ورفع مبلغ التعويض، بالإضافة لأن تكون هناك عقوبة جنائية في حالة التعمد في الأخطاء الطبية وفقا لتقدير المحكمة متى ما ثبت التعمد، مع سحب رخصة ممارسة المهنة من الطبيب نهائيا أو لمرحلة معينة حسب حجم الخطأ الطبي، أو تحويل الطبيب إلى عمل إداري. وفي السياق ذاته أجرى الدكتور جمال الجار الله دراسة علمية حول «أنماط الأخطاء الطبية والشكاوى ضد الأطباء في السعودية»، وأظهرت الدراسة أن غرفة العمليات هي أكثر الأماكن التي وقع في الخطأ بنسبة 20.4 في المائة ويليها أقسام الطوارئ والإسعاف 18.10 في المائة في المائة كما أن أكثر التخصصات وقوعا في الخطأ هي الجراحة والنساء والتوليد 25.1 في المائة لكل منهما، ويليهما الأقسام الباطنية 17 في المائة وأن حوالي نصف حالات الأخطاء حدثت لمرضى في مرحلة الشباب 2025سنة. تراوحت أسباب الشكاوى بين الحصول على تعويض 21.3 في المائة، والمطالبة بالعقاب الإداري 23.7 في المائة والمطالبة بالحق العام فقط 18.8 في المائة والمطالبة بالدية 12.3 في المائة ووجد أنه في حوالي نصف حالات الشكاوى 47 في المائة لم يوجد خطأ طبي، كما تبين أنه وجد خطأ طبي وضرر في 34.5 في المائة، كما وجد خطأ دون ضرر في 18.5 في المائة. وخلصت الدراسة أن تلك الحالات كانت قمة الهرم الجليدي وأن هناك حاجة لمعرفة المزيد عن الأخطاء الطبية من خلال دراسات ميدانية أكثر توسعا.