وفي رد على حديث الحبيب، أكد عضو هيئة التدريس بجامعة الملك عبدالعزيز والداعية الشهير الدكتور محمد بن موسى الشريف أن الوصف الذي أطلقه الدكتور طارق لا يجوز في حق النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم، مشيرا إلى أن فيه سوء أدب في التعبير وهجوما على أمر غيبي. وقال الشريف: «ما يدريه أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها لأجل هذا السبب الذي ساقه، فمن المعلوم أن النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم تزوج كما يتزوج أي رجل وأنجب منها أولاده كلهم إلا إبراهيم رضي الله عنهم ». وأضاف «لكن المصيبة كل المصيبة أن بعض إخواننا الأطباء النفسيين يتكلمون في بعض الأحيان في غير ما يحسنونه ويحاولون تفسير كل شيء تفسيرا نفسيا بقطع النظر عن صحة هذا التفسير في الواقع أو جودة التحليل أو مدى ملاءمته لمشاعر الناس أو مدى مراعاته للشرع». ودعا الشريف الحبيب للتوبة والتراجع عما قاله؛ لأن «مقام النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم أعظم من أن يهجم عليه كل أحد بعبارات لا تليق في حق آحاد الناس فكيف بأعظمهم وسيدهم صلى الله عليه وسلم والله المستعان». استنكار واستهجان أما رئيس لجنة التكافل الأسري بإمارة المنطقة الشرقية ومؤلف رسالة (المشاعر النبوية في الحياة الزوجية) الدكتور غازي الشمري، فقال إن بعض الدعاة والمهتمين بالطب يتكلمون في أشياء ما كنت أتوقع أن أعيش ليوم أجد أحدا من المسلمين ويسكن بلاد الحرمين يتكلم في ذات النبي صلى الله عليه وسلم. وأضاف «قد يأتي أحد من الغرب الذين نرى في بعضهم حقدا وحسدا للنبي صلى الله عليه وسلم، لكن الشواهد تقول إن بعضهم ينبهر بسيرته وشخصيته عليه الصلاة والسلام»، مستشهدا بكتاب أهداه لإحدى الإيطاليات فدخلت الإسلام بسبب إعجابها بشخصية الرسول عليه الصلاة والسلام، مستغربا أن يأتي أحد من أبناء المسلمين في نفس الوقت بدلا من أن يقلدوه ويهتدوا بهديه، يشككون في شخصيته. وأكد الشمري أن ماقاله الحبيب كلام باطل وغير صحيح، مشيرا إلى أن شواهده واضحة، وقال «هل كل من تزوج امرأة تصغره أو تكبره سنا يريد أن يكمل شيئا في شخصيته؟ قد يقال هذا في البشر لكن أن يقال هذا في رجل اصطفاه الله من بين العالمين فهذا سوء أدب في حقه عليه الصلاة والسلام». وأشار رئيس لجنة التكافل إلى أن جبريل عليه السلام أخرج الصقل من قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرج حسد الدنيا وحظها وخور الدنيا من قلبه، مشيرا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم رجل اصطفاه الله واختاره. وأضاف «الله ربى نبيه عليه الصلاة والسلام وأدبه، في حين أننا نجد بعض بني جنسنا من يتكلم ويسقط بعض المصطلحات العلمية عليه أو أهل بيته، وهذي خطوة جريئة وسلبية». وناشد الشمري هيئة كبار العلماء بالوقوف بصرامة لمحاسبة كل من تسول له نفسه التعرض لذات النبي صلى الله عليه وسلم أو شخصه، مستنكرا بقوله «هل ننتظرها من الغرب أم من بني جنسنا». وأضاف «من خلال رسالتي في الدكتوراة المعنونة ب(المشاعر النبوية في الحياة الزوجية) جمعت في قول حسان وينسب إلى شوقي: وأجمل منك لم تر قط عيني ... وأجمل منك لم تلد النساء خلقت مبرءا من كل عيب ... كأنك قد خلقت كما تشاء وأكد أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف بحنانه وعطفه ومعاشرته ومداعبته لنسائه وزوجاته وشخصيته مع نسائه، إذ أبهر الجميع بهذه الشخصية المتكاملة المتناسقة، وأسلم أناس بكيفية تعامله. توضيح وبيان من جانبه، أوضح عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور علي الشبل أن الله تعالى امتن على رسوله في منن عظيمة منها ماذكره الله في سورة الضحى فقال (ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضالا فهدى * ووجدك عائلا فأغنى). وأضاف «هذا امتنان على الله الذي آواه بعد يتمه وأغناه بعد عيلته، وهذه المنة معناها أن الله وجد رسوله بلا أم ولا أب فقد مات أبواه وهو صغير فآواه الله ورحمه وجعله في كفالة جده أولا إلى ثمانب سنين، ثم أكفله عبد المطلب ابنه أبا طالب، فكفله إلى بعثته بنيف وأربعين سنة، ثم أيده الله بتأييده فوجده ضالا فهداه أي لا يدري ما الكتاب ولا الإيمان، فعلمه مالم يكن يعلم، قال تعالى (وعلمك مالم تكن تعلم)». وزاد «وفقه الله لأحسن الشرائع والأقوال والأفعال والأخلاق ووجده فقيرا فأغناه بما فتح عليه من خيري الدنيا والآخرة؛ ففي الدنيا الجهاد في سبيل الله وفي الآخرة المنزلة الرفيعة، وأزال عنه باب العوائق حتى أنه لم يمت إلا والله مقر عينه بانتشار دينه وظهور شريعته على كافة الشرائع». وأردف قائلا «هو بشر يحتاج ما يحتاجه البشر، ومن ذلك المعونة والنصرة والزوجة والولد، فنكح من النساء 11 امرأة، فلم ينكح نساءه بمحض الشهوة وإنما لقضاء وطره لأنه بشر، وليتصل بالناس والقبائل ولذا كن نساؤه من قبائل شتى». وأضاف «ليس منهن بكر إلا عائشة، ولو كان نكاحه لمحض الشهوانية لكانت نساؤه كلهن أبكارا، وكان زواجه منهن اتصالا بالقبائل ليكونوا ردءا للدعوة، وكما يشرف القبائل بانتسابهم إليه». وأكد الشبل أن قول الحبيب إن النبي صلى الله عليه وسلم ناقص الشخصية؛ من الغلط عليه في فهم شخصيته وما بعثه الله به، فإنه محفوف بالعناية الإلهية منذ نعومة أظفاره؛ لأن الله اصطفاه واجتباه لمهمة عظيمة هي الرسالة. غير منطقي المستشار القانوني والمفكر الإسلامي الدكتور محمد الدحيم، قال «إذا نظرنا لشخصية النبي صلى الله عليه وسلم لنفهمها من خلال القرآن، فنجده تحدث عنها بإسهاب وعمق ووضوح قد لا يفهمه قد بعض البشر، فقال الله تعالى (ألم نشرح لك صدرك) وهذه خاصية للنبي وبالتالي ما يقال عن بعض الناس أنه يحتاج أو يعوض شيئا لا ينطبق على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه شرح له صدره وقد ذكره الله في سورة كاملة وبالتالي فإن النظر لهذه الشخصية وتركيباتها ومكوناتها ومخرجاتها مختلف عن باقي الشخصيات البشرية، صحيح أنه بشر (قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا) لكن أصل بشريته لحقه هذا الفعل الإلهي بشرح الصدر وبالتالي منطلقاته ومخرجاته مختلفة تماما». وأضاف «ما يقال عن أنه تزوج خديجة رضي الله عنها ليعوض جانبا، يبدو أنه نوع من الفهم، لكن ليس كل الفهم يصبح صحيحا، كما أننا نحاول أن نفهم كما يحاول غيرنا أن يفهم، أنا لا أفهم أنه بحث عن تعويض لجانب فقده وإلا لكانت هذه طريقة يفعلها كل الناس، لم يكن بدعا أن يكون فقد أمه فكثير منا يفقد أمه فهل معنى ذلك أن نقول إنه الحل». وزاد «لا أعتقد أن معالجا نفسيا أو طبيبا أو مستشارا أتى له شاب يقول فقدت أمي فيقول له تزوج عجوزا، هو لا يقول هذا لأي إنسان عادي فكيف يقال هذا في جانب النبوة، إن خاصية النبي صلى الله عليه وسلم مختلفة تماما». وأردف قائلا «كونه يتزوج من عائشة وهي صغيرة بالسن، هنا لدينا رقم لكن من هي بنت التاسعة في ذلك الزمن وهذا الوقت، نحن إلى الآن في مجتمعات في الوطن العربي يزوجون ذات الثمان لكن هذه البنت ذات الثمان سنوات تقوم بإدارة شؤون بيتها وتدبير أمورها على أحسن مايرام، إذا هي أرقام وليست هي حقائق الإنسان».