الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا الأمين أما بعد فتتواضع الأقلام بل تعجز .. أن تأتي بخير مما في كتاب الله عن براءة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.. فهل بعد تبرئة الله لها .. إتهام !! .. وهل بعد كلام الله الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه كلام !!.. أيها العقلاء .. أيها المسلمون .. أيها المؤمنون .. إنه الضلال والنفاق والحقد على الإسلام قال تعالى " إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وايديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين" ولكن يبقى العجب من الجرأة على هذا الضلال السافر الذي يصادم كلام الله ويناقض كتابه ويتخذ عرض خاتم النبوة وسيلة لذلك، فقبح الله تلك العقول وتلك الأنفس وتلك الألسن وتلك الإقلام حين تجرأت على ذلك فالطاهرة المطهرة عائشة رضي الله عنها .. أم المؤمنين بنت ابي بكر رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وزوجة خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم ، أفقه نساء الأمة وأعلمهن على الإطلاق. تلك العفيفة الطاهرة ولدت في الإسلام في السنة الخامسة من البعثة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم وهي بنت ست سنين وتزوجها وهي بنت تسع سنين في السنة الثانية للهجرة وتوفي عنها النبي صلى الله عليه وسلم وكان عمرها ثمانية عشرة عاماً .. وتوفيت سنة سبع وخمسين وقيل : سنة ثمان وخمسين للهجرة لليلة الثلاثاء لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان عن أربع وستين سنة، وأمرت أن تدفن بالبقيع ليلاً ، فدفنت به وصلى عليها أبوهريرة رضي الله عنها وأرضاها. تزوجها بوحي من الله فرؤيا الأنبياء وحي قال صلى الله عليه وسلم: أريتك في المنام مرتين أرى أنك في سرقة من حرير ويقال هذه امرأتك فاكشف عنها فإذا هي أنت فأقول إن يك هذا من عند الله يمضه. كان رسول الله من حبه لها يداعبها ويمازحها حتى في أسفاره. قالت رضي الله عنها خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية لم أحمل اللحم ولم أبدن فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال لي تعالي حتى أسابقك فسابقته فسبقته فسكت عني حتى إذا حملت اللحم وبدنت ونيست خرجت معه في بعض أسفاره فقال للناس تقدموا فتقدموا ثم قال تعالي حتى اسابقك فسابقته فسبقني فجعل يضحك وهو يقول هذه بتلك. كانت أحب نسائه إليه ولذلك كان الناس يهدون للنبي صلى الله عليه وسلم حين يكون النبي صلى الله عليه وسلم عند عائشة رضي الله عنها. روى البخاري عن عروة رضي الله عنه قال : كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة .. قالت عائشة فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة فقلن يا أم سلمة والله إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة وإنا نريد الخير كما تريده عائشة فمري رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار قالت فذكرت ذلك أم سلمه للنبي صلى الله عليه وسلم قالت فأعرض عني فلما عاد إلى ذكرت له ذاك فأعرض عني فلما كانت في الثالثة ذكرت له فقال يا أم سلمة لاتؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها. إن هذا يدل على عظم محبته صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها لقد كانت احب نسائه إليه وكان ذلك أمر ظاهر للناس فكانوا يحرصون على إدخال السرور عليه صلى الله عليه وسلم وهو معها رضي الله عنها. وقد روى البخاري ذلك صريحاً عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل فأتيته فقلت أي الناس أحب إليك قال عائشة فقلت من الرجال فقال أبوها قلت ثم من قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالاً. وكان يأذن عليه الصلاة والسلام لبنات الأنصار في الدخول على عائشة للعب معها، وكان إذا رغبت في شيء مباح وافقها عليه،وكان إذا شربت من الإناء أخذه فوضع فمه في موضع فمها وشرب، وكان من لطفه وحسن خلقه يريها الحبشة وهم يلعبون في مسجده وهي مكتئة على منكبيه تنظر، وكان يقول لعائشة: " إني لأعلم متى تكونين راضية ومتى تكونين غير راضية: فتقول : وكيف ذلك يارسول الله؟ فيقول : " إن كنت راضية قلت: لا ورب محمد ، وإن كنت غير راضية قلت : لا ورب إبراهيم" قالت : إي والله يارسول الله، ولكن لا أهجر إلا اسمك" متفق عليه. عائشة رضي الله عنها لانظير لها في النساء فضلاً عن أن يفضلها منهن أحد. ثبت في الصحيح عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام. لقد كانت عظيمة المكانة عنده وعند ربه ومن عظم مكانتها أنه صلى الله عليه وسلم بلغها سلام جبريل جاء في صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يا عائشة هذا جبريل يقرئك السلام فقلت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا أرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. شهد بفضلها الكثير من الصحابة روى البخاري عنها رضي الله عنها أنها استعارت من اسماء قلادة فهلكت فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من أصحابه في طلبها فأدركتهم الصلاة فصلوا بغير وضوء فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم شكوا ذلك إليه فنزلت آية التيمم فقال أسيد بن حضير جزاك الله خيراً فو الله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجاً وجعل للمسلمين فيه بركة. ونال رجل من عائشة رضي الله عنها عند عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال له أغرب مقبوحاً منبوحاً أتؤذي حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ومن فضلها ومكانتها وحب الرسول صلى الله عليه وسلم لها أنه قبل وفاته بثلاثة أيام حين بدأ الوجع يشتد عليه وكان في بيت ميمونه رضي الله عنها، قال : " اجمعوا زوجاتي"، فجمعن ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أتأذنون لي أن أمرض في بيت عائشة؟" فقلن: أذنا لك يارسول الله فأراد أن يقوم فما استطاع فجاء علي بن أبي طالب والفضل بن العباس فحملا النبي صلى الله عليه وسلم وخرجا به من حجرة ميمونة إلى حجرة عائشة رضي الله عنهما. اجتمع ريقها بريقه عليه السلام قبل موته أخرخ البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك يستن به فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له أعطني هذا السواك يا عبد الرحمن فأعطانيه فقصمته ثم مضغته فأعطيته رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستن به وهو مستسند إلى صدري. وقبض عليه الصلاة والسلام وهو واضع رأسه على صدرها.. روي أنها قالت في ذلك : كان آخر شيء دخل جوف النبي صلى الله عليه وسلم هو ريقي، فكان من فضل الله علي أن جمع بين ريقي وريق النبي قبل أن يموت. وأخرج البخاري أن عائشة رضي الله عنها قالت : توفي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي نوبتي وبين سحري ونحري وجمع الله بين ريقي وريقه قالت دخل عبد الرحمن بسواك فضعف النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذته فمضغته ثم سننته به. وقد حكت "رضي الله عنها" ما فضلت به عن بقية نسائه عليه السلام تقول " فضلت على نساء الرسول بعشر ولافخر : كنت أحب نسائه إليه، وكان أبي أحب رجاله إليه، وتزوجني لسبع وبني بي لتسع "يعني دخل بها" ونزل عذري من السماء " تعني من حادثة الأفك" ، واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه في مرضه قائلاً : إني لا أقوى على التردد عليكم، فأذنّ لي أن أبقى عند بعضكن، فقالت أم سلمة: قد عرفنا من تريد ، تريد عائشة، قد أذنا لك ، وكان آخر زاده في الدنيا ريقي، فقد استاك بسواكي ، وقبض بين حجري ونحري ، ودفن في بيتي". أما حادثة الإفك فحقيقتها أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفراً ًقرع بين نسائه فلما أراد التوجه لغزوة بني المصطلق خرجت القرعة على عائشة، فتوجهت معه، وجعل لها هودج .. فلما كان آخر ليلة من رجوعهم إلى المدينة تخلفت في طلب عقد كان لأختها أسماء قد فقدته، فحمل الرجال الهودج ظناً منهم أنها فيه، لأنها كانت خفيفة كما أخبرت، فسار القوم .. فلما رجعت لم تجدهم فمكثت مكانها منتظره أن يعلموا بفقدها فيعودوا ليأخذوها فغلبها النوم وهي على تلك الحال فمر بها من كان يسير خلف الجيش يتفقد عقبه وهو "صفوان بن معطل" رضي الله عنه وكان يعرفها قبل آية الحجاب فبرك ناقته وولاها ظهره وصار يذكر الله جهراً حتى استيقظت وحملها على الناقة ولحق بها النبي صلى الله عليه وسلم ضحوة فأشاع عبد الله بن أبي - رأس النفاق - الإفك .. ففشا ذلك بين المنافقين وضعفاء الديانة من المسلمين فلما أخبرت عائشه بذلك ومرضت استأذنت رسول الله أن تمرض في بيت أمها فأذن لها فلما فشا ذلك الكلام شق على النبي صلى الله عليه وسلم فجمع الصحابة وقال " يامعشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغ أذاه في أهل بيتي؟ فو الله ما علمت على أهلي إلا خيراً ولقد ذكروا رجلاً ما علمت عنه إلا خيراً" فقال سعد بن معاذ رضي الله عنه - سيد الأوس - أنا أعذرك منه إن كان من الأوس ضربنا عنقه وإن كان من إخواننا من الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقال سعد بن عباده رضي الله عنه - سيد الخزرج - كذبت لا تقدر على قتله فهمّ الأوس والخرزج بالاقتتال فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالترك والإعراض عن هذا الأمر فأنزل الله بعد شهر من ذلك البهتان براءتها في الآيات من أول سورة النور يبرئ فيها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأولها قوله تعالى " إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم " ثبتت براءتها في القرآن.. فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الآيات عليها وعلى الصحابه ففرحوا .. وأمر عليه السلام بمن وقعوا في عرضها رضي الله عنها فأقيم عليهم حد القذف قال تعالى " والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً واولئك هم الفاسقون". وقد أتفق أهل العلم أن كل من رمى عائشة رضي الله عنها بالزنا بعد تبرئة الله لها فإنه مكذباً بالقرآن ومكذب بكلام الله وذلك كفر مخرج من الملة نعوذ بالله من الخزي. تلك هي قصة الأفك ومافي الآيات يكفي كل مؤمن صادق في القطع بطهارة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فهل بقي لمن يشك في كلام الله وكتابه إيمان أو حياء ؟ كلا والله. روى البخاري في عائشة رضي الله عنها في تبرئة الله لها أنها قالت ولكني والله ما كنت أظن أن الله ينزل في براءتي وحياً يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من ان يتكلم الله فيّ بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها فأنزل الله تعالى " إن الذين جاءوا بالإفك...." الآيات لقد نال صنف ممن اتبع الشيطان من عائشة ومن غيرها كالملائكة والأنبياء بل وحتى من الله تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا فلا غرابة أن نرى ذلك الصنف الفاجر المنافق من الناس يتطاولون على بيت النبوة وعلى عرض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فكان ذلك النفاق فرقاناً لنا نحن المسلمين يميز الله به السبل امام العامة ومن يجهل حال هؤلاء القوم فيفتح الله به أعيناً عميا وآذاناً صماً عن حال هؤلاء القوم فلا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم، فأي حب لآل البيت يدعيه هؤلاء القوم سبحانك هذا بهتان عظيم ، اما عائشة رضي الله عنها فبنت أبي بكر الصديق رضي الله عنه، زوجة رسول الله وأفقه نساء الامة واعلمهن بالقرآن والحديث والفقه روت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألفين ومئتين وعشرة احاديث وكانت افصح اهل زمانها واحفظهم للحديث، روى عنها الرواة من الرجال والنساء وكان مسروق اذا روى عنها يقول: حدثتني الصديقة بنت الصديق البريئة المبرأة.