مع بدء الإجازة الصيفية، إذا كنت تفكر في السفر بالطائرة من مدينتك إلى مدينة أخرى، فلا تتعب نفسك كثيرا لأن نصف الإجازة قد ينتهى قبل الحصول على ضالتك المنشودة في مقاعد على الطائرة حتى لو استعنت بالواسطة والمعارف. أما إذا خضعت للأمر الواقع وقررت السفر بالسيارة، فأنت أمام خيارين أحلاهما مر، الأول أن تواصل قطع المسافة حتى لو كانت أكثر من 12 ساعة مرة واحدة دون التفكير في الراحة لبعض الوقت لسوء حالة استراحات الطرق.. أما الخيار الثاني فهو أن تستجمع قواك وتأخذ معك عشرات الكمامات لتحمي نفسك والعائلة من الروائح العفنة التي تزكم الأنوف في غالبية هذه الاستراحات. ولعل صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام للهيئة العليا للسياحة والآثار لم يبالغ، وهو في موقع المسؤولية، عندما وصف وضع استراحات الطرق في المملكة بالمخجل وأنه بدون طرق واستراحات جيدة لن تتحرك السياحة الوطنية إلى الأمام. في الحلقة الثانية من ملف السياحة نتطرق إلى ما يشكل سكينا يطعن السياحة الداخلية في الصميم «الحجوزات واستراحات الطرق». بداية, قال عبدالرحمن سعيد: «رغم الإعلان عن زيادة عدد الرحلات إلى مناطق الاصطياف سنويا إلا أن أزمة الحجوزات تتفاقم بصورة مستمرة في ظل الزيادة الملموسة في أعداد السائحين سنويا». وأضاف: رغم حرصي على الحجز المبكر إلا أنني لم أستطع الحصول على مقاعد مؤكدة، وبقيت على لائحة الانتظار على أمل أن تتأكد قبل الرحلة بأيام أو ساعات، مشيرا إلى أنه عندما حاول السفر من جدة إلى نجران في صيف العام الماضي، لم يجد مقعدا لمدة أسبوعين كاملين في ظل محدودية الرحلات. وأوضح أن البديل الوحيد للسفر بالطائرة هو السيارة رغم ما يعنيه ذلك من معاناة كبيرة نتيجة سوء شبكة الطرق والاستراحات التي تغيب عنها الرقابة طول الوقت. ووصف الوضع في هذه الاستراحات بالمزري نتيجة انتشار الروائح العفنة وسوء حالة دورات المياه وغياب النظافة وسوء إعداد الوجبات، مشيرا إلى أنها أقرب إلى الدكاكين والبقالات منها إلى الاستراحات التي الهدف منها تعزيز السياحة الداخلية وتقديم خدمات راقية ومميزة وجاذبة للمصطافين. وقال: إن «السائح في المملكة يستحق أكثر من ذلك بكثير، إذا كانت لدينا بالفعل إرادة جادة للارتقاء بالسياحة الداخلية». ورأى ضرورة السعي حثيثا إلى استكمال بناء شبكة الخطوط الحديدية بإمكانات عالية لتساهم في فك مشكلة الحجوزات خلال فصل الصيف ولما تتميز به من مأمونية في الحركة مقارنة بالسيارات. الطيران الاقتصادي من جهته قال فهد الأحمدي إنه يلجأ إلى عمل حجوزات الطيران والفنادق منذ شهر مارس رغم ما يشكله ذلك من عبء مالي عليه حتى لا يكون ضحية لمقالب الطيران ولا يعلق في المطار في اللحظات الأخيرة، مشيرا إلى أن هذا الدرس تعلمه من ما حدث له قبل عامين، عندما اضطر إلى استئجار سيارة للحاق ببدء الدراسة بعدما الغيت الرحلة الإضافية التي كان يسعى للسفر عليها. ودعا إلى ضرورة الاستعانة بطائرات إضافية خلال فصل الصيف لتغطية كل المدن بعدما انسحبت (سما) من السوق بسبب الخسائر التي تكبدتها، مستغربا السماح لطيران (ناس) بالتوسع في الرحلات إلى مختلف الدول لتعويض خسائرها عن تشغيل رحلات محدودة لبعض المدن في المملكة. وقال كنا نأمل أن تنجح تجربة الطيران الاقتصادي في تغطية المملكة وفق مبدأ المنافسة الذي يصب في صالح المستهلك، لكن لم يتحقق ذلك نتيجة عدم المساواة بين الشركات المشغلة خصوصا في أسعار الوقود على الرحلات الداخلية، كما تؤكد شركات الطيران الخاص. وشدد على ضرورة إعادة النظر في سوق الطيران خلال الصيف والمواسم التي تداخلت مع بعضها بعضا على مدار العام مقترحا السماح لشركات الطيران الخليجية الخاصة بتشغيل بعض الرحلات على الخطوط الداخلية خلال الصيف. ورأى أن المنافسة العادلة تتحقق بالمساواة بين كل المشغلين في الحقوق والواجبات والتركيز على خدمة العميل، منتقدا في السياق ذاته توجه مختلف شركات الطيران في الآونة الأخيرة إلى الانشغال بتحصيل الغرامات وفروقات الحجز على خدمة العملاء. وتساءل هل يعقل أن تقسم الدرجة السياحية إلى أكثر من 5 فئات ليتباين سعر التذكرة بشكل ملحوظ من مسافر إلى آخر بدعوى جذب المسافرين إلى الحجز المبكر. تنازع المسؤولية وأرجع رجل الأعمال مسفر آل رشيد سوء أوضاع استراحات الطرق إلى تنازع وزارة النقل والأمانات وهيئة السياحة المسؤولية عليها دون أن تكون هناك خطة واضحة لكيفية الارتقاء بها، خصوصا على الطرق السريعة المؤدية إلى المناطق السياحية. اجتماعات كثيرة وأبدى أسفه الشديد لكثرة الاجتماعات التي عقدت بين مختلف الجهات من أجل وضع حلول لتحسين أوضاع هذه الاستراحات التي كثرت الشكاوى منها دون أن تبدو في الأفق أي نجاحات مأمولة. وأضاف: يجب إسناد تشغيل هذه الاستراحات إلى خبراء متخصصين لضمان الجودة في الخدمات، مشيرا إلى أن أوضاع المساجد ودورات المياه في هذه الاستراحات يدعو إلى الأسف الشديد. وتساءل: أين رقابة الجهات المعنية على هذه الاستراحات. مؤكدا أن الجهة التي يجب أن يناط بها مسؤولية هذه الاستراحات هي الهيئة العليا للسياحة، لكنه استدرك مؤكدا أن نجاح الهيئة في هذا المجال يستلزم تطبيق عقوبات صارمة على مخالفي قواعد التشغيل والسلامة في هذه الاستراحات، التي يبدو أن أصحابها لايهمهم سوى البحث عن الربح المادي فقط، وقد أمنوا العقاب فاستهانوا بحقوق السياح وملايين المسافرين سنويا. وأشار إلى أن هذه الاستراحات باتت واجهة سيئة للغاية لنا، أمام ملايين الحجاج والمعتمرين الذين يطمحون في الحصول على خدمة جيدة. وقال إن الكثيرين يفضلون تحمل مشقة السفر بدون راحة على البقاء لحظات في هذه الاستراحات السيئة، مستغربا أن يكون هذا هو الوضع القائم حاليا لدينا مقارنة بدول أقل من المملكة اقتصاديا لكن الخدمات على الطرق لديها أفضل بكثير.. وتساءل عن الشركة المساهمة التي شكلت قبل سنوات لتحسين أوضاع استراحات الطرق دون أن يكون هناك أي تطور ملموس، وقال: «للأسف الأمور تسير نحو الأسوأ». أزمة كبيرة من جهته قال رجل الأعمال مقبول بن عبدالله الغامدي: في كل عام نسمع عن استعدادات مبكرة لموسم الصيف، لكن معدلات الطلب مازالت تفوق الطائرات المتوفرة، متوقعا أن تبرز الأزمة بشكل أكبر هذا العام لتداخل إجازة الصيف القصيرة نسبيا مع شهر رمضان وعيد الفطر المبارك. وأبدى امتعاضه الشديد لكثرة التأخير في الفترة الأخيرة على الرحلات الداخلية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يسبب إرباكا للمسافرين خصوصا في حجوزاتهم التي قد تتعرض للإلغاء في اللحظات الأخيرة ويضطر المسافر إلى البحث عن حجوزات سكن بأسعار مرتفعة في ذروة الموسم.. وأعرب عن أمله في أن تأخذ شركات الطيران بملاحظات المسافرين لأنهم المستفيدون الحقيقيون من خدماتها ويجب الالتفات إليهم، مشيرا إلى أن نظرية المؤامرة من وجهة نظر بعض المسؤولين في السعودية مرفوضة ولاينبغى أن تكون شماعة لهم للتهرب من المسؤولية. وأضاف: إن من ينتقدون السعودية يهمهم الارتقاء بأداء ناقلهم الوطنى الأول الذي لايرضون له بأقل من الصدارة.