كشفت مكاتبات بين جهات حكومية سعودية وأخرى أردنية عن فصل جديد من فصول أزمة الأسمنت، التي خنق دخان أسعاره المواطنين الذين يريدون الاستقرار هم وأبناؤهم في بيوت عجزوا عن إكمال بنيانها لنقص المعروض في السوق من هذه المادة الاستراتيجية. وأوضحت المكاتبات، التي حصلت «عكاظ» على نسخة منها، أن شركات الأسمنت السعودية عمدت إلى تصدير مادة «الكلينكر» وهي المادة الأساسية في صناعة الأسمنت إلى الأردن لحرقها هناك، مستفيدة من الأسعار المدعومة لغاز أرامكو، ومن ثم تعطيش السوق المحلية من الأسمنت وبيعه في الأسواق الأردنية لتحقيق أرباح عالية، ما أدى إلى زيادة أسعار الأسمنت في الأسواق المحلية 60 في المائة، واتجهوا رغبة في الكسب المضاعف إلى البلدان الأخرى. وتضمن أحد الخطابات التي أرسلها مسؤول كبير عن التجارة والصناعة في المملكة إلى وزير التجارة والصناعة الأردني المهندس عامر الحديدي الطلب بتدخل الأخير حيال منع اتخاذ إجراءات تعيق حركة وانسياب المنتج السعودي «الكلنكر» للأردن، حيث إن المنتج السعودي من «الكلينكر» يحظى بجودة عالية ويحتل أهمية ومكانة في السوق الأردنية، حسب ما جاء في الخطاب. ووضعت وزارة التجارة في وقت سابق شروطا لتصدير الأسمنت و«الكلينكر» لخارج المملكة، منها أن تلتزم المصانع الراغبة بالتصدير ببيع الأسمنت بالسوق المحلية بسعر 10 ريالات، ناهيك أن هذا القرار جعل بعض المصانع تصدر 60 في المائة من «الكلينكر» إلى الخارج، مستفيدين من دعم سعر الغاز المحلي من أرامكو وتعطيش السوق المحلية من الأسمنت. إلى ذلك، استغرب مواطنون من عدم تحرك وزارة التجارة وعدم اتخاذ أي إجراء ضد تجار الأسمنت، الذين استغلوا غياب الرقابة، ورفعوا سعر كيس الأسمنت إلى 20 ريالا، ضاربين بتسعيرة الدولة عرض الحائط. وعدم التزام تجار الأسمنت بالبيع وفق التسعيرة المحددة من قبل الدولة والمقدرة ب 14 ريالا للكيس، ليصل بفعل أيدي هؤلاء الذين نهشوا جيوب المواطنين إلى 20 ريالا. فيما سجلت مبيعات مواد البناء في الرياض ارتفاعا حادا في الأسعار تجاوز 70 في المائة، وسط ارتفاع حجم الطلب على كافة المواد, وأعلن مواطنون متضررون توقف مشاريعهم عن البناء بعد أن تجاوز سعر كيس الأسمنت 20 ريالا، محذرين في الوقت نفسه نشوء أزمة في الإسكان بسبب أحجام المشاريع عن البناء. يأتي هذا الارتفاع الحاد في أسعار مواد البناء والأسمنت ليضيف أعباء مالية أخرى على المواطنين.