تحدثنا في الأسبوع الماضي عن شعر العرضة الجنوبية وكونه أصعب فن ارتجالي، وقد بينت بعض الميزات التي لا بد أن تكون في شاعر هذا الفن، والتي تجعله في الصف الأول من صفوف شعراء الفن الارتجالي. في هذه الفاصلة سأبين بعض جوانب الصعوبة في شعر العرضة الجنوبية المسمى ب (الشقر) أو ما يسميه بعض المثقفين بتقنية العرضة الجنوبية، ولكن سنعرج على مفهوم الشقر أولا ومن ثم نتجه إلى مواطن الصعوبة في هذا الفن. (الشقر) كلمة عامية تطلق عند تشابه لفظين في النطق واختلافهما في المعنى، وهو المحسن اللفظي (الجناس) بنوعيه التام والناقص، والجناس حلية لفظية تكسب الشعر جرسا عذبا وممتعا وإيقاعا جميلا، وهو ليس بغريب على قواعد الشعر منذ الإرهاصات الأولية لفن الشعر. والجناس التام: هو ما اتفق فيه اللفظان في أمور أربعة هي: نوع الحرف، وشكلها، وعددها، وترتيبها. ومن الجناس التام قول الشاعر أبو نواس : عباس عباس إذا احتدم الوغى والفضل فضل والربيع ربيع أما الجناس الناقص: فهو ما اختلفت فيه اللفظتان في واحد من الأمور الأربعة المتقدمة ومنه: قول أبو تمام: يمدون من أيد عواص عواصم تصول بأسياف قواض قواضب ومن الجناس التام قول الشاعر محمد بن حمد بن لعبون: جتني تسلم خلف الأطناب واقفت منها السلام تحية يوم وقفت لما وضح مني لها العرف واقفت قالت لها وش عند خاطرك ياقوت ومن الجناس غير التام قول الشاعر محمد العرفج: بالله يا ركب إن نويتوا تمدون ياللي على نسج المساجي تردون تكفون في روس التايه تونون بالهون لا هنتوا عسى لي تردون ومصطلح «الشقر» يطلق على شعر العرضة الجنوبية ولعل أصل هذه اللفظة يعود إلى شقر أي فصل الشيء إلى قسمين.. وفي شعر العرضة يشقر شاعر الرد معنى كلمات أواخر الأبيات إلى معنى آخر غير الذي أراده الشاعر الأول. ومن ذلك قول الشاعر علي بن زايد الجهلاني المالكي: إنه يقول ابن زايد يا عمى قلبي وأقول يعميك ربي يا من أعماني نسيت عهد المودة بيننا بينا عشّمت روحي وصار القلب غيبوني ويقول الشاعر سعد بن مرعي الحارثي في الرد : يا بو سفر شفت هذا الوقت منقلبي مرة يجيني عسر ومرار نعماني يا زين طلع الفواكه بين نابينا وأنا أعرف البادية واللي تغيبوني. في الأسبوع المقبل نتابع كيف تحدث الشاعر عيضة بن طوير عن شعر العرضة.