شعر الشقر بشكل عام يتطلب شاعرا يمتلك سرعة البديهة، وقوة الحفظ، وثقافة لغوية واسعة تمكنه من الاستمرار أمام الشعراء في ساحات المحاورة، وتصل هذه المتطلبات إن صح التعبير ذروتها عند شاعر العرضة الجنوبية، الذي يبذل جهدا ذهنيا جبارا خلال وقت قصير لا يتجاوز بضع دقائق لبدع قصيدة أو الرد على أخرى يصل عدد أبياتها إلى الخمسة عشر أحيانا أو أكثر ، وعلى الشاعر هنا أن يأتي بالفكرة أولا ومن ثم حبك هذه الفكرة في قالب شعري ملفت، ومن ثم مراعاة تجانس الوحدة الموضوعية والأهم هنا هو ما يسمى ب(توجيه الأبيات) أو (الفرش) الذي يهيئ فيه الشاعر الذي يبدع أواخر الأبيات للشاعر الذي سيرد ليتمكن الشاعر الأخير من الرد عليها في يسر وسهولة، بحيث تكون هذه الكلمات متناسقة يستطيع من خلالها مناقشة موضوع مترابط يخلو من الحشو وتعدد الأفكار وكذلك المواضيع في الرد؛ فهنا على سبيل المثال الشاعر عيضة بن طوير عندما أراد التحدث عن شعر العرضة الجنوبية وعن عدم رضاه عن بعض وسائل التجديد فيه قام بإحضار الفكرة المتمثلة في تحمله المشاق والمصاعب والمثابرة حتى وضع قاعدة قوية وطريقا ممهدا لمن بعده من الشباب ومن ثم حبكها في البيت التالي والذي لم ينس أن يمهد الطريق لشقر أواخر الأبيات من قبل الشاعر البيضاني الذي قام بالرد عليه في يسر وسهولة، حيث يقول الشاعر عيضة بن طوير في البدع: جبنا الدركتل والجبل هزم أشعابه من بعد صحنا بالمعلم وشيغبنا عسى حياة ما تحب الحيا تلجد على طريف الامر وإلا تواليته فهنا نلاحظ أن ابن طوير وضع الفكرة ومن ثم صاغها في قالب شعري مميز ولم ينس توجيه الأبيات للبيضاني محافظا بذلك على سياق المعنى وترابط الفكرة والخلو من الحشو. ولو قرأنا الرد: ما عادت الدنيا لمن هز مشعابه شي اختلاف وشي حسايف وشي غبنا بغيت أعلم ولدي عن حياة الجد واثر الولد قصده يربي تواليته ولو قرأنا الرد لوجدنا أن البيضاني استغل شقر الأبيات خير استغلال معتمدا على تركيبة أبيات ابن طوير الذي راعى فيها قواعد شعر الشقر الأصعب بين الفنون الأخرى من أضرب شعر المحاورة. البيت الشعري التقليدي يتكون من صدر وعجز كقول المتنبي: ولم أرى في عيوب الناس عيبا (صدر) كنقص القادرين على التمام (عجز) وفي الفصحى يلتزم بقافية العجز بحيث تكون موحدة كقول الزمخشري: يامن يرى مد البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل ويرى مناط عروقها في نحرها والمخ في تلك العظام النحل أمنن علي بتوبة تمحو بها ما كان مني في الزمان الأول فيلاحظ هنا أن الشطر الثاني من كل بيت (العجز) له قافية واحدة (ل)، بينما شعر العرضة الجنوبية كل من أبياته له قافة مختلفة كقول الشاعر صالح اللخمي: من نهار السبت إلى يوم الاحد عدى ثمان ايام والصحافة والمحطات الذي عبر الفضاء منشوره ما تناقل غير قصة موت اميرة ولز في باريس في بداية كل نشره صوروها بالخبر والمنظر وابلغ التعبير ذاك الحزن مثل الوشم في الوجوه رغم ذلك ما تغاضوا عن خطايا الفاتن المحبوبه صوروها في ثياب العشق حتى بعد موتها والعرب كبوا قضايا القدس واهتموا بموت اديانا ما عد إلا ما بعثنا الورد تخليدا لدورها ليتنا وقت الحدث كنا نصيف في ضواحي لندن كان صلينا على الفايد وشيعنا جنازته فنلاحظ أن ما يسمى شطر في بيت الشعر التقليدي يسمى بيت في شعر (الشقر)، فبيت الشعر العمودي في قول الأمير محمد السديري: يا عل بيت ما يجي له ظلالي ينهد من عالي مبانيه للساس يتكون من صدر (يا عل بيت ما يجي له ظلالي) وعجز (ينهد من عالي مبانيه للساس) أما قول الشاعر محمد بن ثايب: (صداقة ما ترفع الراس ما عنها سؤال) فهذا يسمى بيت . (بعها ولو بريال وامهل على شرايها) وهذا يسمى بيت . وتعتبر كلمتي: (سؤال، شرايها) الكلمتان اللتان يختم بهما كل بيت، ويقوم الشاعر التالي بشقرها. وتتميز بيوته بحفاظها على الوزن وتخليها عن القافية الموحدة في القصيدة الواحدة فهو أشبه بالشعر الحر إلا أنه يتقيد بالثبات على هذه القوافي في المرة التالية التي يعاود فيها الشاعر قول الشعر على نفس الوزن ونفس القافية في نفس المحاورة. ويختلف طول بيت الشقر باختلاف البحر الذي نظم عليه الشاعر قصيدته، فعندما يؤلف الشاعر مسيرة (زملة) فإن أبياتها تتميز بالطول لتحتوي أكبر قدر من المعنى، وليتسنى للشاعر تركيب الصور والتشبيهات المناسبة لموضوع القصيدة كقول الشاعر رمضان المنتشري في مسيرة له: الصقور أحرار لكن ما تطير أسراب مستحيل كل طاير له رديف وكل واحد ينتقي من زوله مستقل بذاته إلا طاير الشيهان والعقاب ما يجمعهم يكن بعض الصدف من قلة في قله مثل ما شفت الملك والصقر في صوره موحده قلت من يشبه لمن عين الصقر يا قربها من عينه وإلا عين الصقر تشبه عين أبو متعب وهو ملك الصقر ملك الطيور وقادها بفعايله وتسيد والملك صقر العروبه والعروبه في ولايته أشهد إن الصقر راضي والدين وكلهم داعله وإلا من يحلم (بصوره) جنب أبو متعب سواسيه