ما إن انتهت مشكلة تعويضات عقارات باب التمار المجاور للمسجد النبوي الشريف، حتى بدأت ترتسم في الأفق ملامح مشكلة جديد في حي السحمان بين اللجنة المثمنة وملاك العقارات المنزوعة لصالح مشروع استكمال الطريق الدائري، وذلك بعد أن احتسبت اللجنة قيمة المتر ب 1500ريال كحد أدنى و2500 ريال حد أعلى، بالرغم من أن المسافة الفاصلة بين الحي والمسجد النبوي الشريف لا تتجاوز الكيلو متر الواحد. ويعد حي السحمان من أقرب الأحياء إلى المنطقة المركزية جوار المسجد النبوي الشريف، ما أثار تساؤلات واستغراب ملاك العقارات المنزوعة من قيمة التعويضات لعقاراتهم، وطالبوا بتوضيح الآلية المستخدمة في التثمين وصرف التعويضات، خاصة مع وجود تفاوت واضح بين الأسعار وتعنت أمانة المدينة بتنفيذ الأحكام الصادرة بذلك. ما إن وضعت اللجنة المشكلة لتثمين العقارات المنزوعة لصالح المشروع أسعارها المتفاوتة ما بين 1500 إلى 2500 ريال حتى انفجرت الأزمة بين ملاك العقارات واللجنة المثمنة، ما دفع معظمهم إلى تقديم شكاوى تظلم إلى الدوائر المختصة، للمطالبة بإعادة التقديرات وإنصافهم أسوة بأصحاب عقارات باب التمار واستنادا لقيمة العقارات في منطقة تجمع المساكن المزالة الواقعة على بعد أقل من كيلو متر من الحرم النبوي والتي يتراوح سعر المتر المربع بها بين سبعة آلاف ريال و12 ألفا للمساكن والأراضي الواقعة على الشارع العام. تعويض غير عادل المحكمة الإدارية في المدينةالمنورة وبعد تلقيها الشكاوى من ملاك العقارات المنزوعة حتى شرعت بالنظر في القضية وبعد عدة جلسات أصدرت حكماً استند إلى ما نصت عليه المادة الثامنة عشرة من النظام الأساسي للحكم والناص على أن «تكفل الدولة حرية الملكية الخاصة وحرمتها ولا ينزع من أحد ملكه إلا للمصلحة العامة على أن يعوض المالك تعويضا عادلا» إضافة إلى ما أكدت عليه المادة الأولى من نظام نزع الملكيات «يجوز للوزارات والمصالح الحكومية وغيرها من الأجهزة ذوات الشخصية المعنوية العامة نزع ملكية العقار للمنفعة العامة لقاء تعويض عادل». ودعمت المحكمة حكمها بتقديرات المكاتب العقارية المعتمدة وقسم الخبراء في المحكمة العامة التي تشير إلى أن القيمة العقارية تساوي أكثر من القيمة المقدرة من الجهة المدعى عليها «أمانة المدينة» بما يعادل الضعف كون الحي من أقرب الأحياء للمنطقة المركزية ورأت المحكمة بأن التعويض غير عادل. تجاهل الحكم وأكد عدد من ملاك العقارات أنهم يعيشون وضعا غير مستقر في منازلهم التي تنوي أمانة المدينة إزالتها لصالح المشروع الجاري تنفيذه ضمن أحياء عشوائية عدة داخل الدائري الأوسط، مشيرين إلى حصولهم على حكم قطعي من المحكمة الإدارية في المدينةالمنورة يقضي بإعادة تقدير أملاكهم إلا أنهم ما زالوا يقطنون منازلهم في انتظار بدء إجراءات إعادة التثمين طبقا لقرار المحكمة. وقالوا إن متوسط تعويضات نزع الملكيات في حي السحمان وفقا لتقدير لجنة نزع الملكيات بلغ 2000 ريال للمتر. وأضافوا أن أمانة المدينةالمنورة تجاهلت حكم المحكمة الإدارية والمتضمن إعادة تقدير العقارات المنزوعة لصالح المشروع، خاصة وأنها استدعت العديد منهم وطالبتهم باستلام التعويضات دون أي تغيير في الأسعار التي قدرتها لجنة نزع الملكيات سابقا قبل صدور قرار المحكمة. وحول الأسعار التي يطالب بها ملاك العقارات قالوا السعر العادل والحقيقي للعقارات لا يقل بأي حال من الأحوال عن أربعة آلاف ريال فمن غير المعقول أن تباع العقارات المجاورة لنا بأسعار تتراوح ما بين خمسة آلاف ريال إلى ثمانية آلاف ريال للمتر المربع الواحد ونحن يقدر لنا قيمة العقار بأقل منهم ب 70 في المائة. وقالوا إن ديوان المظالم في منطقة المدينةالمنورة أبلغ الأمانة بالحكم الصادر وبرفقه نسخة من حكم الدائرة الإدارية الثانية والعشرين والمؤيد من الدائرة السادسة من محكمة الاستئناف في الرياض إلا أن الملاك ما زالوا يقطنون مساكنهم وأبدوا خشيتهم من سعي الأمانة دون دفع التعويضات المجزية. طلب الإفادة الأمير عبدالعزيز بن ماجد بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة فتح في وقت سابق ملف تجاوزات عدة جهات حكومية في تطبيق نظام نزع الملكية والامتثال للأوامر السامية بشأن التقديرات الخاصة بها، وأمر بتشكيل لجنة للتحقيق في تجاوز الأنظمة التي تشدد على أن تكون قيمة التعويض عادلة للمواطنين. وطلب أمير المنطقة الجهات ذات العلاقة بالإفادة عاجلا عن المعايير التي تبني عليها اللجان أعمالها، واطلع على ملف يعكس التباين غير المبرر في التقديرات المالية للملكيات المنزوعة لصالح توسعة مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي، مشروع قطار الحرمين، وحي السحمان، وذلك إثر تذمر عدد من المواطنين الذين تقدموا بالتظلم لدى سموه.