لم تجد مها أية إجابة تشفي ظمأ ابنتها روان ذات الخمسة عشر عاما، والمتعلقة بأسئلتها المتكررة حول عدم وجود مراكز تدريبية خاصة بهن ومهيأة لاستقبالهن والتعامل مع إعاقتها الحركية، وتؤكد مها أن معاناتها تبدأ من انعدام الطرقات والمداخل الخاصة بعربات ذوي الاحتياجات الخاصة، فبالكاد تجد جهة أو مركزا يهتم بهذه الفئة وتخصص ممرات ومصاعد للمعوقين. «عكاظ» التقت عددا من المعوقات واستمعت لمطالبهن وهمومهن وأبرز المعوقات التي يواجهنها في حياتهن اليومية. ولم يكن حال هدى وشقيقتها هنادي بأفضل من روان، فهما تعانيان من الإعاقة البصرية والصمم الوراثي، لذا فهن يتواصلن مع المجتمع عبر لغة الإشارة وعبر جهاز برايل لذا فهن يقمن بتدريب أنفسهن تدريبا ذاتيا ومراكز التدريب معدومة لديها المتخصصات في التعليم الخاص وخاصة في لغة الإشارة ولغة برايل. تقول هديل، شقيقتي لديهما شغف بتعلم الحاسب واللغات ولكن للأسف الشديد لم نجد أي مركز يستقبلهما بسبب انعدام مدربات مؤهلات لهاتين الإعاقتين، ولا توجد أجهزة خاصة تساعد وتدرب على تعلم لغة برايل، فلجأت إلى التعلم والتدريب عن بعد عن طريق التقنية، وذلك عبر المواقع الإلكترونية». وتؤكد هديل أنها تواجه صعوبة ومعاناة تجدد كل يوم، فهي تحرص على تعليم شقيقتها على الرغم من ارتباطاتها اليومية من جهة العمل ومتابعة شؤون أسرتها، ومع ذلك فهي تسترق الوقت بين حين وآخر لتمنح شقيقاتها فرصة في الحياة تساعدهن على القراءة وتعلم اللغة. عزل عن المجتمع زينة القحطاني تعاني هي الأخرى من الإعاقة السمعية، وهي متزوجة ووضعها المادي وزوجها أقل من المتوسط، وقالت في حديثها ل «عكاظ» إنها حاولت البحث عن وظيفة لتحسين دخلهم المعيشي، ولكن حالت الشهادة بينها والوظيفة، فهي لا تملك شهادة علمية تؤهلها للحصول على فرصة عمل. وتضيف زينة، إننا نفتقر إلى المعاهد والمراكز التدريبية المتخصصة، إضافة إلى عدم توافر المتخصصات في تدريب المعاقات ما يسبب هاجسا لنا ويفرض تساؤلات لا تنتهي عن المتسبب الحقيقي في وضعهم وعزلهم عن المجتمع. الإعلام تجاهلنا سارة أحمد تخطى عمرها 30 عاما، وهي تعاني إعاقة جسدية وسمعية في آن واحد، فتحدثت لنا عبر صديقة لها تتقن لغة الإشارة، حيث قالت: نحن كنساء تخطينا الثلاثين والأربعين عاما نجد معاناة في التعلم فلا يوجد لدينا معاهد لتعلم لغة الإشارة، أو حتى أشرطة DVD، كذلك التلفزيون من النادر مشاهدة استخدام لغة الإشارة في برامجها، فنصبح في عزلة عن العالم الخارجي، مشيرة إلى أنها تستعين بأقاربها وصديقاتها اللاتي يتقن لغة الإشارة، ولكن نشعر أن البعض يتملل أحيانا من كثرة مطالبنا وأسئلتنا.. فلا نجد غير التزام الصمت. مدربات غير مؤهلات منى المطيري على الرغم من إعاقتها الحركية إلا أنها استطاعت أن تدخل القفص الذهبي، ولكن بدأت معاناتها عندما أنجبت طفلة تعاني هي الأخرى من إعاقة سمعية، فكان حديثها «أنا أعاني من إعاقة شديدة في الحركة، ولا أستطيع أن أتنقل بسهولة إلا بكرسي متحرك، وبصعوبة أيضا، ولا يوجد لدينا سيارة مجهزة لتنقلاتنا، مما جعلنا نعاني من عدم إكمال تعليمنا والحصول على دورات تدريبية»، وتكمل منى معاناتها ل «عكاظ»، «ابنتي تعاني من إعاقة سمعية، وللأسف حتى الآن لم تستطع أن تتعلم لعدم وجود مراكز تدريب متخصصة باستثناء بعض المعاهد في القطاع الخاص والتي تفرض رسوما مالية مبالغا فيها». سيارات للمعوقين سلوى حامد، أم لولدين وابنة جميعهم معوقون، تقول «أجد صعوبة كبيرة في حال أردنا الخروج أنا وأبنائي، فالجميع معوقون ولا نملك سيارة متخصصة للتعامل مع حالاتنا»، وطالبت بأن يتم استحداث وسائل نقل متخصصة للمعوقين تساعد في إنهاء معاناتهم اليومية. رأي المسؤول «عكاظ» نقلت معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة إلى مدير عام الإدارة العامة للتدريب الأهلي في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني الدكتور مبارك بن محمد الطامي، حيث علق بقوله: «بدون شك تسعى جميع الأجهزة الحكومية لتقديم كل المساعدات لذوي الاحتياجات الخاصة في ما يتعلق بتصميم المباني، والمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني راعت ذلك في تصميم جميع مبانيها الحكومية للكليات التقنية والمعاهد العليا التقنية للبنات والمعاهد الصناعية، وفي نفس الوقت تشجع منشآت التدريب الأهلية للاهتمام بذلك في مقراتها، وإن كان ذلك لا يتوافر بالصورة المطلوبة نظرا لأن معظم مقرات منشآت التدريب الأهلية مستأجرة». واعترف الطامي بوجود نقص في المدربين المؤهلين في مجال التعليم الخاص وقال: «هناك نقص كبير في عدد المدربين والمدربات المختصين في تدريب برامج ذوي القدرات الخاصة نظرا لقلة جهات التدريب التي تعد مثل أولئك المدربين في العالم العربي».