بعد تسليط الضوء على ما تواجهه شركة الكهرباء من تحديات، ننتقل في الحلقة الرابعة من هذا الملف، إلى قضية باتت محط اهتمام الجميع نظرا لأهميتها على الصعيد الوطني، ألا وهي قضية فاتورة الكهرباء وخصوصا المتعلقة بالمصانع الوطنية، وتأثير ذلك على الشركة والمصانع والاقتصاد الوطني. وقد أثارت هذه القضية جدلا كبيرا بين شركة الكهرباء والمصانع الوطنية، ففي حين يعتبر محافظ هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج الدكتور عبد الله الشهري، أن التعرفة الكهربائية للقطاع الصناعي والتجاري وغيره، تعتبر الأقل على المستويين الخليجي والعربي، يذهب المستثمرون الصناعيون إلى نفي ذلك، مؤكدين أن التكلفة لا تزال عالية، كما أنها تمثل مصدر ربح وفير لشركة الكهرباء. ويشير الشهري إلى أن التعرفة في دبي تبلغ 30 هللة فيما تصل في حدها الأقصى في المملكة إلى 13.25 هللة، مؤكدا أن دعم الدولة للقطاع الكهربائي ساهم في الحفاظ على سعر الكهرباء في الحدود المقبولة والمشجعة للمستثمرين، مقللا من انعكاسات زيادة التعرفة الكهربائية على القطاع الصناعي والتجاري. فماذا يقول أصحاب الشأن في هذه القضية، وما هي السبل المؤدية للوصول إلى حلول مقبولة للجميع؟ بداية وصف سلمان الجشي رئيس اللجنة في غرفة الشرقية قرار زيادة التعرفة الكهربائية ب«غير الحكيم»، وأنه لم يراع مصلحة الصناعة الوطنية. وأشار إلى أن القرار لم يتطرق إلى المشكلة الأساسية التي تعاني منها شركة الكهرباء السعودية والمتمثلة في الخسائر المتراكمة بسبب التعرفة الكهربائية على القطاع السكني، مضيفا أن المسؤولية الاجتماعية تفرض على الدولة التدخل لتعويض شركة الكهرباء عن الخسائر الناجمة من وراء التعرفة الكهربائية للقطاع السكني، موضحا أن اللجنة الصناعية ستتحرك خلال الفترة المقبلة مع المسؤولين في هيئة تنظيم الكهرباء، من أجل إيجاد حلول مناسبة، والخروج بتصور مشترك في ما يتعلق بالتقليل من التداعيات السلبية في حال تطبيق القرار، مشيرا إلى أن قرار زيادة التعرفة الكهربائية يتعارض مع إقرار الاستراتيجية الصناعية من قبل وزارة الصناعة والتجارة، والتي تسعى إلى مضاعفة ناتج القطاع الصناعي في الدخل القومي بحلول 2020، وبالتالي فإن القرار سيحول دون الوصول إلى تلك الأهداف المرسومة، خصوصا أن الشركات الأجنبية ستعيد حساباتها في حال قررت الاستثمار في المملكة، ما يستدعي إعادة النظر في قرار زيادة التعرفة الكهربائية على القطاع الصناعي للتقليل من الآثار السلبية على الاستثمارات الاجنبية في المملكة خلال الفترة المقبلة، مؤكدا أن القطاع الصناعي يمثل القطاع الأكثر ربحية بالنسبة إلى شركة الكهرباء، نظرا لما يستهلكه من الطاقة الكهربائية. وقال إن قرار زيادة التعرفة الكهربائية على المصانع الوطنية سيخلق آثارا سلبية على المدى القريب والمتوسط والبعيد، ولعل أبرز تلك التداعيات خروج بعض المصانع وإعلان إفلاسها، جراء عدم قدرتها على تحمل التكلفة المرتفعة للطاقة الكهربائية، مطالبا في الوقت نفسه بدور بارز لهيئة تنظيم الكهرباء، لاسيما أن دورها لا يزال سلبيا في عدد من القضايا ومنها عدم تدخلها في ما يتعلق بمشكلة انقطاع التيار الكهربائي على المصانع خلال الصيف. وقال: إن تأكيد المسؤولين في وزارة الكهرباء والمياه بعدم انقطاع التيار الكهربائي عن المصانع الوطنية خلال الصيف المقبل، أمر إيجابي يصب في خانة دعم الاقتصاد الوطني، متمينا في الوقت نفسه، أن تنعكس تلك التأكيدات على أرض الواقع، مضيفا أن المصانع الوطنية أعتادت على سماع مثل هذه التصريحات بشكل سنوي، مصيفا، أن المصانع الوطنية بدأت تفقد الثقة في قدرة المسؤولين في توفير التيار الكهربائي لمنع حدوث انقطاعات، مؤكدا أن انقطاع التيار الكهربائي عن المصانع الوطنية أصبح سيناريو يتكرر كل سنة، إذ لا تزال الخدمة تتعرض للانقطاع، ولا تزال التكلفة مرتفعة. وأضاف أن المصانع الوطنية تأمل أن يكون الصيف المقبل إيجابيا، من ناحية توافر الخدمة الكهربائية، وعدم انقطاعها، بسبب تعرضها لضغط كبير في أوقات الذروة اعتبارا من شهر يوينو الجاري. زيادة الفاتورة 15 % من جانبه، توقع عبد الله الصانع نائب رئيس اللجنة الصناعية في غرفة الشرقية، أن ترفع التعرفة الجديدة للطاقة الكهربائية قيمة الفاتورة بمقدار 15 في المائة مقارنة بالمبالغ السابقة، ما يعني أن قيمة المنتجات النهائية ستتأثر بقرار الزيادة الجديدة في غضون الأشهر الستة المقبلة، موضحا أن الزيادة لن تحدث بشكل فوري وإنما بصورة تدريجية، خصوصا أن المصانع ستراقب الوضع والمنافسة لتقييم الأوضاع على الأرض، مضيفا، أن المنتجات التي تعتمد على الطاقة الكهربائية بشكل أساسي في إنتاجها ستكون في مقدمة السلع في الزيادة المرتقبة، حيث تحتل المنتجات البلاستيكية والصناعات الثقيلة (الحديد) مقدمة المنتجات التي ستشهد ارتفاعا في اسعارها خلال الفترة المقبلة، مقللا من المخاوف من زيادة أسعار المواد الغذائية، خصوصا أنها لا تعتمد على الكهرباء في إنتاجها. وأكد أن اللجنة الصناعية بدأت وضع خطط عملية لمواجهة ارتفاع فاتورة المصانع الوطنية بعد زيادة التسعيرة، من خلال التركيز خلال المرحلة المقبلة على ترشيد الاستهلاك في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى أن اللجنة وضعت خطة مبدئية في اجتماعها الأخير لتنظيم ندوات تثقيفية لزيادة الوعي لخفض الاستهلاك في الطاقة، مضيفا، أن اللجنة الصناعية ستحاول الاستفادة من كل الجهات المتخصصة في ترشيد الاستهلاك سواء المحلية أو الأجنبية، من أجل تعميم الفائدة على المصانع الوطنية، متوقعا أن تسهم هذه الخطوات في خفض الاستهلاك بحوالي 20 في المائة من الاستهلاك الحالي، موضحا أن البدء في تنظيم الندوات التثقيفية لترشيد الاستهلاك سيكون بعد شهر رمضان المبارك. وقال: إن المصانع الوطنية لم تواجه حتى الآن انقطاعات، متمنيا استمرار هذا الوضع الراهن، مضيفا أن المصانع الوطنية لم تشهد انقطاعات منذ العام الماضي، بخلاف الأعوام السابقة التي سجلت انقطاعات متعددة في بعض المدن الصناعية في المنطقة الشرقية، الأمر الذي ساهم في تكبد عدد منها خسائر كبيرة. أضرار الفاتورة بدوره أكد علي برمان، نائب رئيس اللجنة التجارية في غرفة الشرقية، أن أضرار التعرفة الكهربائية على المتاجر والمحلات التجارية كانت ضمن جدول الأعمال في الاجتماع الأخير للجنة، مشيرا إلى أن عددا من أصحاب المتاجر اشتكى من الأضرار الناجمة عن ارتفاع فاتورة التيار الكهربائي. وأوضح أن اللجنة شكلت فريقا مصغرا لتدارس الوضع ومحاولة وضع الحلول المناسبة، الأمر الذي يمهد الطريق أمام اللجنة للتباحث مع شركة الكهرباء؛ لإيجاد حلول ترضي جميع الأطراف، رافضا في الوقت نفسه التهكن بالقرار والحلول التي سيرفعها فريق العمل المصغر، متوقعا الانتهاء من وضع الدراسة في غضون شهر أو أقل. لا انقطاعات شاملة وقدر الدكتور صالح العواجي وكيل وزارة المياه والكهرباء لشؤون الكهرباء، معدل نمو الطلب على الطاقة الكهربائية في المملكة بحوالي 8 في المائة سنويا، مضيفا، أن الاستثمار في توليد الطاقة الكهربائية مكلف للغاية، حيث تقدر تكلفة إنتاج 1000 ميغا واط بحوالي 15 مليار ريال. وأكد استعداد شركة الكهرباء لمواجهة موسم الصيف من خلال خططها الرامي إلى إضافة المزيد من القدرات الكهربائية لمواجهة الأحمال المتوقعة في مختلف مناطق وقرى المملكة، مشيرا إلى أن الشركة تسعى جاهدة إلى ضمان امداد الخدمة للمستهلكين. وقال إن كل الجهود والإجراءات متخذة لتفادي انقطاع التيار الكهربائي خلال فصل الصيف، بيد أن الانقطاع الجزئي أمر محتمل، خصوصا في الأحياء والمناطق النائية، ولكنه أشار إلى أن الشركة وضعت في اعتبارها كل الاحتمالات، الأمر الذي يفسر إدخال قدرات جديدة وفق توقعات القائمين على قطاع الكهرباء لتلبية الاحتياج، داعيا جميع المستهلكين إلى التعاون في ترشيد الاستهلاك لتلافي الانقطاعات.