حمل الأمين العام للهيئة العالمية للإعجاز العلمي التابعة لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور عبدالله المصلح، بشدة على المناهج التعليمية، ووصف الشباب والفتيات بأنهم يتخرجون ضعيفي الثقافة العامة لغياب حقائق الإعجاز العلمي في القرآن والسنة منها. وناشد في هذا الخصوص قادة التعليم والإعلام بضرورة العمل على نشر الحقائق التي تقوي إيمان أبنائنا وبناتنا ويقينهم، داعيا لإيصال الإعجاز العلمي للمدارس الثانوية قبل الجامعات، وزاد: «تبقى حقيقة أن الإعجاز حجة جلية نقدمها للعالم أجمع». وقال: «هناك ظواهر نراها في شبابنا تؤلمنا، لكني أقول: إن هذه الأمة أمة خير، وكلما قال الناس عنها انتهت، عادت من جديد». ووصف في حواره مع «عكاظ» أعمال المؤتمر العالمي العاشر للإعجاز العلمي في القرآن والسنة، الذي عقد مؤخرا في تركيا، بأنه كان ناجحا، وخرج بعدد من القرارات والتوصيات، مبينا أن إعلان أنقرة أكد على ضرورة الاهتمام بالإعجاز التشريعي والبياني في القرآن الكريم والسنة النبوية، وإعداد بحوث ودراسات وكتب في هذا الجانب وتعميمها على المكتبات والجامعات والمعاهد الإسلامية، كما حوى تحذيرا مهما فيما يعرضه البعض من قضايا وصفها بالوهمية والساذجة، معربا عن أسفه في أنها تنسب للإعجاز العلمي، وقال إن هذا لا يصح نظرا لمخالفتها ضوابط الإعجاز العلمي، بل أن بعضها يهدف إلى الاستهزاء والطعن في الإسلام، من خلال النماذج المزورة، التي لا صلة لها بالإعجاز أو بدين الإسلام. وحكى الدكتور المصلح قصة إسلام ذاك العالم، رئيس قسم الفيزياء النووية في جامعة لندن، عندما جاء يبحث عن قضية ظواهر ودلائل خروج الروح من النائم ومن الميت ووجد أن القرآن فك طلاسمها قبل 1400 عام.. وفيما يلي نص الحوار: • الوقائع تقول إن حقائق الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ستستمر ديمومتها ما دامت السماوات والأرض، نود أن تحلق بناء في فضاءات هذا الثراء لنقف على مقدار ما يحويه كتاب الله من إعجاز؟ أعدتني بالذاكرة إلى ذلك المؤتمر الجامع الذي عقد في الكويت، وهنا أذكر لك شيئا مما حصل فيه، فقد وصلنا ما يقرب 560 بحثا عن الإعجاز، وبعد تدقيقها وعرضها على المختصين في العلوم واللجنة الشرعية، استخرجنا 88 حقيقة علمية جديدة، وهذا في مؤتمر واحد فقط؛ وجميع هذه الحقائق توزعت ما بين علوم الطب والأرض والفلك والأحكام التشريعية وغيرها. • إذا لابد أنكم وقفتم على حقيقة علمية أثارت الفكر وأندهش لها الحاضرون؟ هذا صحيح فقد وقف الحاضرون في ذلك المؤتمر وحده على 14 كشفا علميا جديدا مستخرجا من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وجميعها تسير على المنهج العلمي، وتعارف بها في جامعات الدنيا. إخفاق معرفي • أنت تتحدث عن المنهج العلمي والجامعات، وهذه محطة يغشاها الكثير من شبابنا، ومع ذلك معظمهم لا يعلم شيئا عن هذه الإعجازات العلمية.. ترى لماذا هذا الإخفاق؟ لا نقول لا يعرفون، وإنما وبصراحة نشتكي من ضعف الثقافة العامة لدى شبابنا وفتياتنا، وهذا يدعوني لأناشد رجالات التعليم والإعلام بضرورة العمل على نشر الحقائق التي ستقوي إيمان أبنائنا ويقينهم، وتبقى حقيقة أن الإعجاز حجة جلية نقدمها للعالم أجمع. مخالفات علمية • هل تعتقد أن مؤتمر تركيا حقق الطموحات وإعادة صياغة الكثير من القضايا التي تشغل العالم الإسلامي.. أم تفرق الجمع وقالوا حتى الملتقى؟ أعتقد أن المؤتمر كان ناجحا، وهذا بمقاييس ما طرح من قضايا تفاعل معها الحاضرون، فقد ناقش المؤتمر عددا من القضايا المهمة، وخرج بعدد من التوصيات والقرارات، وحوى إعلانه تحذيرا مهما فيما يعرضه البعض من قضايا وهمية وساذجة، للأسف تنسب للإعجاز العلمي، وهذا لا يصح نظرا لمخالفتها ضوابط الإعجاز العلمي، بل بعضها يهدف إلى الاستهزاء والطعن في الإسلام، من خلال النماذج المزورة، التي لا صلة لها بالإعجاز أو بدين الإسلام. كما دعا المؤتمر كافة رابطة الجامعات الإسلامية إلى افتتاح أقسام للإعجاز العلمي في كليات الدعوة وأصول الدين والشريعة في الجامعات الإسلامية، وأوصى بزيادة الكراسي العلمية المتخصصة في الجامعات. • هذه المؤتمرات، لابد أنها تقع فيها قصص تحكى.. من واقع هذه التظاهرات العلمية كيف تلمسون صدى الإعجاز العلمي في القرآن والسنة؟ هذا حديث يطول ويطول شرحه وتطول معه قصصه، كنت أتمنى لو أن عندي وقتا للحديث عن ذلك، وما أود قوله هنا، أننا نقابل كبار الأساتذة، بل هم أساتذة لأساتذة من يدرسون في الجامعات، وعندما نلتقي بهم في أمريكا أو أستراليا وأوروبا، ونسألهم متى تعرفتم على الحقائق التي اكتشفوها، يقولون قبل 50 عاما أو 100 عام أو 150 عاما فنسألهم إن قلنا أن اكتشافكم وجد بعرضه الجلي الذي لا غموض ولا غبار عليه في الكتاب والسنة منذ 1400 عام ماذا يعني؟ فإن علموا ما جاء في القرآن، وخصوصا أنهم أهل علم وفكر، ويستطيعون التحليل، لا يملكون القول إلا نشهد أن هذا كلام يستحيل أن يكون مصدره بشرا، وأؤكد أن هذه الكلمة تتردد دائما على لسانهم، ولدينا وثائق بالصوت والصورة على ذلك. شاهد عيان • كيف تكون عادة ردة فعلهم، هل تنتهي بهم للإسلام؟ نعم فالكثير منهم دخل الإسلام ولله الحمد. • هناك روايات وقصص تحكى في هذا الخصوص، ولكننا لم نسمعها من شاهد عيان، ماذا لو أوقفتنا ولو في عجالة عند قصة أحدهم؟ أذكر قصة ذاك العالم وهو رئيس قسم الفيزياء النووية في جامعة لندن، عندما جاء يبحث معنا قضية ظواهر ودلائل خروج الروح من النائم ومن الميت، فقال: «مكثت 40 سنة أبحث في هذا الأمر، وتبين لي بعد العرض على أدق الأجهزة وأحدثها، ومشاهدة مئات الحالات، بأن روح النائم تخرج كما تخرج روح الميت، لكن روح النائم تعود بعد خروجها، أما روح الميت فلا تعود» فلما تلونا عليه قول الله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى) لم يملك إلا أن وقف أمام الحاضرين وسط القاعة متكئا، وكان العدد كبيرا وقال: «أنا عمري 73 عاما وأريد أن أقابل ربي بهذا الدين فكيف أسلم؟» فقلنا له: أن تقول أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله فقال: أعلم يقينا أن هذا الكلام الذي قرأتموه يستحيل أن يكون من عند البشر، فقد درست تاريخ هذا العلم، وأعلم عدم وسع أحد القول به قبل الأزمنة المتأخرة، ونطق الشهادتين وأسلم. • إذا كيف تستشرف مستقبل الإعجاز العلمي؟ في تقديري عندما أرى أن الإعلام والتعليم إن أعطيا الإعجاز العلمي حقه، فإن ذلك سيورث للأمة مكسبين عظيمين: الأول يجعل الإيمان مبنيا على حجة ودليل وبرهان، وهذه قضية مهمة، إذ أن باب الاعتقاد لابد أن يبنى على برهان الإعجاز العلمي. الأمر الثاني: ما سنكسبه أننا سنحرك نفوس أبنائنا نحو الاهتمام بالجانب العلمي، فالخط الفاصل بين التقدم والتخلف هو إتقان التقنية المعاصرة، والإعجاز العلمي هو من سيعطينا ذلك. المناهج .. المناهج • كأنك تريد أن تصل بهذا الأمر إلى المناهج العلمية في المراحل الدنيوية، ولا يقتصر ذلك الأمر على الجامعات بل يتعداها إلى الثانوية والابتدائية؟ نعم، ولهذا أقول يجب أن يصل الإعجاز العلمي لمدارسنا الثانوية قبل الجامعات. • تعني أنه لم يصل حتى الآن؟ لا فقد وصل، وهو يدرس في جامعة الأزهر، ولدينا أيضا في جامعة محمد الخامس في الرباط، وجامعة فاس وكلاهما في المغرب، وكذلك جامعة الملك فهد للبترول، فقد أدخلت قضايا الإعجاز العلمي ضمن إحدى موادها، أما الكراسي فقد أنشئ حتى اليوم ثلاثة كراسي، وذلك في جامعة الملك عبدالعزيز، وجامعة أم القرى، وجامعة طيبة. العلم بالتعلم • هناك سؤال يراود أذهان الكثير من الناس، ودائما ما يبحثون عن إجابة له.. هل بلوغ درجة العلماء من المعجزات، أم المسألة تحتاج لتعب وجهد وصبر لا أكثر؟ العلم بالتعلم، وأكثر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم لم يتعلموا إلا بعد الأربعين، فمن قال إن العلم صعب أخطأ، لأن أبابكر وعمر بن الخطاب تعلموا بعد الأربعين، فالشاهد العلم ليس صعبا، لكن المسألة تحتاج إلى إرادة جادة، وأن نيسر العلم للناس، وأرى أن أعظم ما يجب أن نفعله، هو إعادة إقامة الحلقات العلمية في المساجد، وهنا أدعو وزارة الشؤون الإسلامية أن تعمل على ذلك، ولا أقصد بكلامي الدروس الوعظية، فالوعظ فيه خير كبير، لكني أقصد الدروس العلمية المبينة على كتب العلم، حيث يجلس الأستاذ والطلاب حوله. ظواهر تؤلمنا • أنتم أحد الذين يستمع لهم الشباب، فما ملاحظتكم ونصحكم لهم؟ لاشك أن هناك ظواهر نراها في شبابنا تؤلمنا، لكني أقول: «إن هذه الأمة أمة خير، وكلما قال الناس عنها انتهت، عادت من جديد، والخوف على شبابنا من اتباع الشهوات وداء الشبهات، وأعداؤنا يعملون على هذين الداءين عملا كبيرا، ومن يشاهد شبابنا في حلقات القرآن الكريم، والحرم، وصلاة التراويح، وينظر إليهم من الوجه الآخر، لابد أن يقارن بين ما يراه من المظاهر السيئة والطيبة، وأؤكد بأن الزبد يذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض». • ولكن أعداء الأمة يتربصون بشبابنا الدوائر؟ هذه أمة لا تموت، وستبقى حية، وتاريخها شاهد على ذلك، فكلما قالوا عنها ضعفت، عادت من جديد، لأن الله هو من تولى حفظها، وسيادة دينها، وما حفظه الله لا يمكن للبشر محوه، ولو استطاعت أكبر قوة على الأرض أن تمحو هذا الدين، لاستطاعت الشيوعية أن تقضي على الإسلام في نفوس أبنائه في روسيا، ولكنهم ثبتوا على دينهم. • كلمة أخيرة توجهها للقراء؟ كلمتي الأولى والأخيرة، يجب أن يضع المسلمون نصب أعينهم هذه العبارة: (نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله).