ما تزال الصبيحي (إحدى أقدم قرى بيشة الواقعة على وادي بيشة الكبير) تختزن في ذاكرتها الجمعية اجتياح السيل القادم من وادي تبالة لمنازلها وإتلاف محاصيلها والفتك بمواشيها، فيما يشبه «الكارثة» التي حلت بالقرية التي لم تعرف عبر تاريخها الطويل سوى السكون والحياة البسيطة، فحياة الأهالي تخلو من الصخب والسهر كما في المدن الكبيرة، إذ لا شيء هناك يشغلهم ما بعد صلاة العشاء، حيث يأوون لمنازلهم الكائنة داخل مزارعهم. أما الشباب فوسائل الترفيه المتاحة أمامهم محدودة، فلا شيء أكثر من كرة القدم وما يقدمه الملتقى الشبابي من برامج ترفيهية على تواضعها. تقف مسيرة الشباب التعليمية عند حدود المرحلة المتوسطة، وبعدها يتجه الراغبون منهم في إكمال تعليمهم الثانوي إلى القرى المجاورة، ومن أراد أن يواصل تعليمه الجامعي منهم يتجه نحو المدن الكبرى. وهكذا تدور حياة الجميع شيبا وشبانا في هدوء واستقرار تامين، بل تسير على نمط واحد اعتاده الجميع هناك. عند مدخل الصبيحي يستقبلك جامعها الشامخ، حيث يجتمع الأهالي لأداء الصلوات الخمس والتباحث في شؤون حياتهم وتفقد أحوال بعضهم البعض، إلا أن أكثر ما يزعجهم هو عدم وجود مغسلة للأموات ملحقة بجامعهم، فيضطرون عند وفاة أحدهم الذهاب به إلى جوامع بيشة لغسله وتكفينه. ويحز في نفوس أهالي القرية عدم تنفيذ الوعود التي أطلقها رئيس بلدية بيشة بإصلاح ما دمره السيل الذي اجتاح القرية من إصلاح للطرق وسفلتة الشوارع، وتشييد عبارات لتصريف سيول وادي تبالة التي تقسم قريتهم نصفين عند جريانها. ويتساءل الأهالي: متى سيتم تجهيز المخطط السكني الجديد الواقع جنوب القرية، خاصة بالنسبة لأصحاب المنازل التي تضررت من السيل. أما المخطط السكني الذي تم توزيعه على الأهالي شمال القرية فهو بلا خدمات، ما حدا بالكثيرين إلى بناء منازلهم داخل مزارعهم!. ومن الخدمات الضرورية التي يتطلع إليها الأهالي افتتاح مدرسة ثانوية للبنين وأخرى للبنات بدلا من أن يتكبد أبناء القرية مشاق الرحلة اليومية لتلقي العلم في القرى الأخرى، ولا ينسى أحد من الأهالي ما حل بثلاثة من أبنائهم الطلاب في طريق عودتهم من مدرستهم الثانوية خارج القرية. ويتطلع 1900 نسمة من سكان القرية لبقية الخدمات الأخرى، وعلى رأسها الخدمات الصحية حيث تفتقر القرية لمركز صحي ويتكبد الأهالي في سبيل ذلك قطع المسافات البعيدة لتلقي العلاج في مستوصف الشداخة أو في مستشفى الملك عبدالله في بيشة. ويتصل بهذه الخدمات ما دمره السيل، حيث يطمح الأهالي إلى سفلتة وإنارة شوارع القرية بعد أن قضى السيل على معظمها، فأنفقوا من أموالهم على ردم الحفر والتشققات. وهناك السوق الشعبية التي تحولت إلى أكوام من النفايات والأوساخ والمخلفات، ما جعل الحاجة ماسة لخدمات النظافة في القرية. وآخر مطالب القرية وليس آخرها إبعاد مصانع البلوك والخرسانة المجاورة للقرية إلى موقع أبعد، كيلا يكون الأهالي عرضة لاستنشاق الغازات والأبخرة التي تطلقها هذه المصانع ولا سيما أن بعضهم يعاني من الربو.