منذ أن عرفت المساجد في بلادنا وأنا أسمع نفس الخطابة ونفس الأسلوب ونفس (الاكليشية) ونفس العبارات الطوبية المعلبة .. كل شيء تغير وتطور في الوجود إلا خطب أئمة المساجد بقيت كما هي عند مرحلة الفصول الدراسية الأولى لعقود خلت، وكأن المصلين لازالوا متوقفين عند تلك المرحلة الدراسية، ولم يدخلوا الجامعات وينهلوا من العلوم والثقافات الأشياء الكثيرة .. فأي أناس هم يخاطبون؟!. إمام يعتلي المنبر (لا نعرف مستوى علمه وثقافته) يمسك بقصاصات ورقية جمع محتوياتها من هنا وهناك، ولا نعلم إن كان يعرف مضامينها أم لا، يرمي بها في وجوه المصلين وهو يصرخ وفي حالة توتر، وكأن المستمعين له إما إنهم صم لا يسمعون، أو فسقة وضالون يجب تأديبهم وتخويفهم، ولا يعلم بأن من بينهم من هم أكثر منه علما وفكرا وثقافة. متى يتغير هذا الأسلوب الكهفي الذي ربما كان صالحا قبل أكثر من سبعين عاما، عندما لم يكن لدينا مدارس ولا جامعات، ولا وسائل تواصل واتصالات، وكان المجتمع منغلقا على نفسه بحكم طبيعة الحياة السائدة في ذلك الزمن. ماذا سنجني من هذه الخطب الطوبية، هل يريدون من أجيالنا التوقف عند ذلك الزمن البعيد، والشعوب ماضية في مسيرات التطور والتحديث، وهل يريدون استمرار انغلاق تفكير الأجيال عند حدود فهمهم وإدراكهم الذي توقف نموه منذ عشرات السنين، ألا يعلمون بأن كل شيء في العالم قد تطور وأن الشعوب تسير إلى الأمام .. ألا يعلمون بكل هذه المتغيرات الكونية؟!. لا يوجد أي مبرر لاستمرار تلك الخطب الطوبية، سواء من حيث مضامينها التي لا تتعدى مستوى التعليم الابتدائي، ولا من حيث أساليب إلقائها التي عفى عليها الزمن، وأصبحت من المملات والمنفرات، ويبدو ذلك واضحا من تدني عدد المصلين الذين يأتون لسماع تلك الخطب، لا سيما من فئة الشباب الذين يشكلون النسبة الكبرى من عدد السكان؟!. يقول الله سبحانه وتعالى (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، أي لا تكرهوا أحدا على الدين، بل حببوه لنفوسهم وعقولهم بالطرق والوسائل المحببة، فإن ذلك أكثر تأثيرا وأعظم فائدة، وأن نبني أجيالنا على الذهنية المستنيرة الواعية والحوار الإيجابي، لا التبعية العمياء والإرغام القسري. لماذا لا يكون هناك مواصفات لاختيار أئمة المساجد بالنسبة لمستوى تعليمهم وثقافاتهم وبما يواكب تفكير الأجيال، ومتغيرات الزمن، ويطبقون الحكمة القائلة (لا تؤدبوا أبناءكم بطباعكم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم)، حتى يكون لخطبهم ومواعظهم معناها وفوائدها ومنافعها المرجوة، بدلا من هذه الأساليب التي لا طائل منها سوى مزيد من التنفير .. وبالله التوفيق. [email protected] للتواصل إرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو زين 737701 تبدأ بالرمز 266 مسافة ثم الرسالة