بدأت علاقتي بالأستاذ عبدالله عبدالجبار (رحمه الله) علاقة تلميذ بمدير مدرسة، رأيته وأنا في الابتدائية يحف به طلبة مدرسة تحضير البعثات الثانوية الوحيدة في المملكة بكل احترام ومحبة وهو يترأس حفل المسامرات الأدبية الذي كان يقام أسبوعيا أو شهريا لا أذكر، لكن الحفل الختامي كان مشهودا بحضور علية القوم، تقدم فيه قصائد شعر وخطب ومسرحيات كوميدية هزلية، كان الكل يشير إليه بلقب (الأستاذ)، وكان وظل دائما متشحا ببهاء الأستاذية وعطف وحنان الأبوة، وعندما ابتعثنا إلى القاهرة نحن خريجي مدرسة تحضير البعثات حسب العادة وجدنا (الأستاذ) مديرا للبعثة العلمية يحنو على الطلبة ويوجههم ويسعى لحل مشاكل التحاقهم بالجامعات هناك، وعندما ترك المنصب وجدته أمامي في مقهى (سان سوسيه) في ميدان الجيزة يجلس فيه في ضحى كل يوم يلتقي بأصدقاء جميعهم أدباء ومثقفون، والمقهى في طريق منزلي إلى الجامعة وأركن إليه أحيانا كملتقى مع بعض الزملاء، و«الأستاذ» في مكانه دائما مع بعض أصدقائه فصرت أحييه من بعيد ثم دعاني للجلوس معه ذات مرة، وهكذا تطورت العلاقة إلى صداقة، وعن طريقه تعرفت بعدد كبير من أدباء المملكة الذين يزورونه. ومن أهمهم الشاعر (حمزة شحاتة) رحمه الله، ووجدت من الأستاذ كل توجيه وصبر على النقاش وتشجيع على حرية الرأي، لم يكن أبدا يضيق باعتراضاتي، وكنت أنظر إليه كفيلسوف وكناسك، خليط من المثقف واسع الثقافة والزاهد المتصوف، بسيطا بساطة لا أحد يستطيع اختراقها، بساطة محيرة، سألته ذات مرة لماذا لا يتزوج.. وبعفوية أجابني.. ما عندي وقت للزواج، لقد تفرغ لما نذر له نفسه.. الثقافة والقراءة. رحم الله أستاذنا وتغمده في واسع فضله. للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 157 مسافة ثم الرسالة