أكد المفتي العام للمملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، على ضرورة أن يتفطن المسلمون إلى ما يراد للمنطقة من مخططات «ترمي إلى تحريك النعرات الطائفية والمذهبية عبر الإساءة للرموز، أو التهجم على دور العبادة، ليتحقق للأعداء ما يريدون من إنهاك القوى، وتدمير مقدرات الدول»، محذرا من التجاوز على مكتسبات الأوطان ومقدرات الشعوب. وضمن مفتي عام المملكة نصيحته التي وجهها لعموم المسلمين إزاء ما يجري في بلادهم من أحداث، عددا من الدلائل التي تمثل «منارات ترشد إلى الخلاص والسلامة من الفتن، وتبين المنهج الشرعي في التعامل معها»، مشيرا في مطلع نصيحته إلى أن الله سبحانه وتعالى لم يجمع برسوله صلى الله عليه وسلم شمل عباده إلا بالرحمة واللين، وليس بالقوة وحد السيف، مؤكدا أن على الأمة الإسلامية أن تتخذ هذا الطريق سبيلا لا تحيد عنه. وأوضح المفتي أن ما دفعه إلى توجيه نصيحته هو متابعة ما يجري في بلاد المسلمين من أحداث «عزيز علينا ما يصيبهم فيها من عنت، ونحن حريصون على أن يلتم شملهم، وتجتمع كلمتهم على الحق»، وأضاف «على وفرة هذه الإشكالات، وتفاقم تلك الأزمات، فقد لاحظنا ولاحظ كل غيور مهتم بشأن أمته، أنه حدثت فتن في تضاعيف هذه الأحداث، تحاول أن تذكي النعرات التي تفاقم الأوضاع سوءا، وتمكن للأعداء من استغلالها، واستخدامها لأغراضهم السيئة». وأبان آل الشيخ أن أول تلك الدلائل هو الاعتصام بالكتاب والسنة، مشيرا إلى أنه «متى ما حصل إشكال أو خلاف، فإن مرد الفصل في ذلك إلى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قال جل وعلا (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا)»، ولفت إلى أن «الواجب على العلماء توجيه عامة الناس بالجمل الثابتة بالنص والإجماع، وترك الخوض في التفصيل الذي ينشر بينهم الفرقة والاختلاف». ومن تلك الدلائل، أشار المفتي العام إلى ضرورة الرجوع فيما أشكل بين الناس، لاسيما حين أوقات الفتن، «إلى الراسخين في العلم، الصادقين في الدين، الذين يعرفون المحكم من المتشابه»، مضيفا أن رد المشكلات إلى الراسخين في العلم «ليس اختيارا، من شاء أخذ ومن شاء ترك، بل فريضة شرعية يأثم المتهاون بها». وأضاف الشيخ عبدالعزيز أن من تلك الدلائل أن «كل عاقل يدرك أن اجتماع الكلمة على قيم الحق والعدل، وإدارة الحوار، والتفاهم بأسلوب حكيم وعاقل حول نقاط الاختلاف، هو الذي يبني الأوطان ويعلي من مكانتها بين الأمم، وأن إحالة الاختلاف إلى ميدان للنزاع والشقاق يهوي بها مهما كانت، ويجعلها حربا لأنفسها، وهلاكا لبعضها بعضا، قال تعالى (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)»، مؤكدا أن «من الحيطة والحذر البعد عن كل ما يفضي إلى الفرقة والاقتتال، ومن ذلك ما يحصل من بعض المجادلات العقيمة التي تثير الشحناء والبغضاء». وشدد المفتي على ضرورة الأخذ على يد من يريد إذكاء النعرات، مؤكدا أنها «تضرب وحدة الأوطان، وتشحن النفوس، وتشحذها نحو الفتنة والفرقة، سواء أكان ذلك بدعوات مضللة، أم بإشاعات كاذبة مغرضة، أو بضرب وتفجير وحرق دور العبادة التي لها اعتبارها»، وقال «لا شك أن التعرض لدور العبادة هو من أخطر الأعمال التي قد تفاقم الأوضاع، وتثير الفتنة، والله تعالى يأمر بالإصلاح، وينهى عن الإفساد، قال سبحانه (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)، وقال جل وعلا (ولا تعثوا في الأرض مفسدين)، وليس من شريعة الله إثارة الفتن والنعرات والحروب، بل هي من شريعة أعدائه المفسدين، الذين يريدون للبشر الدمار والخراب». واختتم مفتي عام المملكة نصيحته للمسلمين بقوله «لنذكر جميعا قيم العدل حتى لا نظلم، وحرمة الاعتداء حتى لا نتجاوز، وشناعة البغي حتى لا نجور»، داعيا الله سبحانه أن يعم أوطان المسلمين الخير والسلام والاستقرار، وأن يحقق للمسلمين جميعا تآلف قلوبهم واجتماع كلمتهم وصلاح أحوالهم.