مع غياب الرقابة وجد هوامير الاعتداءات على الأراضي الفرصة سانحة في محافظة بيشة للتعدي على الأراضي البيضاء البور، وسجلت المحافظة أعلى نسبة في السطو على أراضي الغير وبيعها بأسعار تنافسية، ما أدى لتراجع معدل البيع والشراء في المخططات السكنية المعتمدة. وتتعرض أجزاء كبيرة من أراضي المحافظة للتعديات، منها أحداثيات على الأجزاء القريبة من مركز الجنينة، وأجزاء كبيرة من قرية جميع والمواقع القريبة منها في المنطقة المحاذية لطريق بيشة العلاية، حتى المناطق البرية في ما يسمى «ظهر»، وكذا المنطقة المحاذية لطريق بيشة الخميس، ورغم مطالبة وزارة الزراعة بأن يبقى امتداد وادي هرجاب منطقة غابات ومراع، إلا أن العشرات من هواة التعديات على الأراضي البور شنوا هجمات شرسة على هذه المواقع وحولوا أجزاء منها إلى مزارع وهمية واستراحات عشوائية، رافقتها بعض النزاعات الفردية والقبلية، ولا تزال مساحات أخرى من هذه المناطق مهددة بتعديات مماثلة، ما لم تتدخل الجهات المعنية بوضع حد لوقفها، لتبقى جنوببيشة نزهة وغابات ومراعي. ويبدأ مسلسل التعديات في عرض أولى حلقاته بإنشاء سواتر ترابية، يمكن أن تصبح في غضون أشهر أحواش ومخططات عشوائية، يستفاد منها في عمليات بيع وشراء غير شرعية، يغرر من خلالها بصغار المستثمرين والعامة. وفيما طالب الأهالي بوضع حد لهذا النوع من التعديات في المحافظة، أكد ل «عكاظ» رئيس بلدية بيشة الدكتور فيصل الصفار، أن لجنة التعديات تعمل طوال اليوم وعلى فترتين صباحية ومسائية لوضع التعديات، مضيفا تمكنت البلدية خلال الفترة الماضية من إزالة العديد من المواقع التي جرت عليها إحداثات، مؤكدا أن البلدية لا تتهاون في تطبيق جميع الإجراءات النظامية في حق كل من تثبت عليه تلك الأعمال. تدني الأسعار وأكد عدد من المختصين أن تدني الأسعار في هذا النوع من الأراضي مقابل التكلفة الباهظة للمخططات السكنية المعتمدة وانعدام الخدمات في المنح الحكومية، ساهم في نشوء سوق سوداء سماسرتها عقاريون، وسجلت مواقع قرية جميع والمواقع القريبة منها أعلى نسبة تعد على الأراضي في المحافظة، إذ يبيع هوامير التعديات هناك الأراضي بمبلغ لا يتجاوز ال 20 ألف ريال وبمساحات مختلفة. وفي «طريق سد الملك فهد» امتداد مخططات جنوببيشة إلى ظهاير قريتي المدراء والمروة، تواجه هذه المنطقة تعديات مماثلة تتمثل في نشأة العديد من الصنادق، العشش والغرف البدائية. ويقول سعيد الشهراني «المحافظة على البيئة والإبقاء على مكوناتها بعيدا عن مغامرات الإنسان، أضحت في وقتنا الراهن مسألة حضارية تحظى باهتمام عالمي للمحافظة على الطبيعة البكر، ومجابهة الهجمة الشرسة على كثير من البيئات الطبيعية من قبل الإنسان وبفعل التلوث وأدخنة المصانع وعوادم السيارات والتحطيب الجائر». وأضاف أن المملكة التي لا تنفصل عن هذا الاهتمام العالمي بالبيئة، ما تزال تبذل جهودا جبارة للمحافظة على البيئة وإنمائها ولكن على الرغم من هذه الجهود المبذولة للمحافظة على البيئة، تظل هناك بعض المناطق التي تتعرض دائما للتعديات، حيث تمتد إليها يد الإنسان بالاعتداءات العشوائية لتحويلها إلى أحياء وشوارع لا تبت للحضارة بأي صلة، عن طريق طلبات يتقدم بها البعض للجهات المسؤولة حتى يتمكنوا من السيطرة على مساحات واسعة منها. من جانبه، يقول المواطن إبراهيم القحطاني «لكل منطقة متنفس للأهالي، ونحن في بيشة لنا عدة أماكن نذهب إليها بصحبة الأهل، وقد استبشرنا خيرا بأن هناك قرارا يمنع تلك المنطقة من العبث والتشويه، لتكون متنزها للأهالي وغابات ومراعي، ولكنها لم تعد بعيدا عن التعديات، فقد استولى عليها البعضن، ولم تبق غير الطرقات العشوائية بين تلك الإحداثات». وأكد المواطن سالم العمري أن هذه المنطقة تتميز بكثافة أشجارها الممتدة على وادي هرجاب، وتكثر فيها الأغنام والإبل السائبة، مضيفا أنه بعد التعدي على هذه المنطقة أصبح الطريق المجاور لها خطرا جدا على المواشي وعلى أرواح المسافرين في نفس الوقت. غلاء أراضي البلدية في الوقت الذي لم يتوقف فيه مسلسل التعديات، شهدت الأراضي السكنية في المخططات البلدية غلاء فاحشا، لدرجة أن الكثير من الشباب أصبحوا عاجزين عن شراء قطع أراض لبناء مساكن لهم، ما يدفع البعض خصوصا ذوي الدخل المحدود للتعدي على الأراضي. إلى ذلك، أكد ماجد الشهري أن عدم وجود أنظمة صارمة ساهم إلى حد كبير في بروز هذه المشكلة التي ستحول بيشة في القريب العاجل إلى أكبر مدينة للأحياء العشوائية، مشيرا إلى أنه يمكن السيطرة على الوضع من خلال إزالة كافة التعديات، بالإضافة إلى فرض عقوبة على كل من يعتدي على الأراضي، سواء بالسجن أو الغرامة أو التشهير لو اقتضى الأمر ذلك. وفي ظل الارتفاع الكبير في أسعار المخططات السكنية وشحها، يتجه بعض المواطنين من أصحاب الدخل المحدود، لشراء بعض المواقع من هوامير التعديات التي تكون أسعارها في متناول اليد.. ويحمل فايز هادي الشهراني البلدية مسؤولية ارتفاع أسعار الأراضي في تلك المخططات، بسبب توقفها عن تخطيط مساحات من الأراضي، ما زاد الطلب العرض، وأدى بالتالي لرتفع أسعار أراضي المخططات البلدية، واتجاه معظم المواطنين إلى شراء قطع أراض في مواقع التعديات.