غرفة عمليات الدوريات الأمنية في محافظة جدة رغم أنها تعيش في معزل عن الناس، إلا أنها الأقرب إليهم والأكثر التصاقا بهم، بعد أن نجح الأمن العام في تكوين علاقة حميمة بين العاملين في غرفة العمليات والمواطنين والمقيمين، معتمدا على كفاءات أمنية مدربة تعمل على حمايتهم والمحافظة على أرواحهم وممتلكاتهم من خلال تطبيق آليات عمل حديثة تعتمد على تقنيات عالمية أسهمت في الحد من انتشار الفوضى المتمثلة في الجريمة بشتى أنواعها وأشكالها. الدالف لغرفة العمليات التابعة للدوريات الأمنية في محافظة جدة يجدها أنموذجا متميزا، يتمثل في طريقة تعاطي العاملين فيها من ضباط وأفراد مع المتصلين بمختلف أعمارهم. عندما التقيت مدير شرطة محافظة جدة اللواء علي الغامدي قبل البدء في كشف كثير من أسرار غرفة العمليات التابعة للدوريات الأمنية، كنت أعتقد أن آلية عملها تتم وفق ما نسمع من المسؤولين الأمنيين، والتي تركز على استقبال بلاغات الحوادث الأمنية وتوجيه الدوريات إلى مواقع الحادث فقط، إلا أن اللواء الغامدي الذي وجدته سعيدا وهو يتحدث عن الإنجازات الأمنية التي حققتها شرطة جدة وباركها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكةالمكرمة، وصاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة، ألمح إلى أنني سأرى الوضع مختلفا عما سمعت. دعاني الفضول إلى الإسراع في دخول عالم غرفة العمليات، وطلبت من مدير العلاقات العامة في الشرطة العميد مسفر الجعيد ضرورة الإسراع في تنفيذ مهمتي الصحافية، وجاء تجاوبه سريعا من خلال التنسيق مع قائد غرفة عمليات دوريات الأمن في المحافظة الرائد علي بن عطية الغامدي. توقعت أن طبيعة عمل غرفة العمليات في جدة لا تتطلب قدرا كبيرا من الاهتمام من حيث الديكورات والتأثيث، إلا أنني فوجئت ومنذ أول وهلة وكأنني في بهو فندق خمس نجوم، فالمقر فخم تزينه اللوحات التوضيحية التي أعدت بطريقة حضارية راقية، كل مأمور يتابع البلاغات باحترافية عالية وينسق مع زملائه بطريقة تؤكد مدى الدقة المكتسبة من الدورات التي التحقوا بها داخليا وخارجيا. وأوضح ل«عكاظ» الرائد علي الغامدي، أن الأجهزة الحديثة في غرفة العمليات ترصد أرقام المبلغين وتحدد مواقعهم من خلال ظهور علامة حمراء على جهاز الكمبيوتر، ليتم على الفور إبلاغ الدوريات بالتحرك إلى الموقع، وأشار إلى أن الأجهزة إضافة إلى رصدها رقم المتصل تكشف عن الاسم ليبدأ تدوين نوع الحالة المبلغ عنها، بعد تدوين المعلومات الكافية. تلقي البلاغات وبين الرائد الغامدي أن المدة التي تفصل بين تلقي البلاغ ومباشرة الحادث في أي موقع كان في محافظة جدة لا تتجاوز سبع دقائق تشمل تسجيل البلاغ، وجمع البيانات، وتحويلها إلى آمر الجهاز اللاسلكي ومن ثم تبليغ الدوريات من خلال جهاز تتبع المركبات الذي يحدد أقرب دورية لموقع الحادث، وأكد أن لا معدل عالميا يحكم التعامل مع الحوادث بمدة زمنية لأن كل جهاز أمني يتعامل وفق ظروف الطبيعة وجغرافية المدن وكثافتها السكانية، وأفاد الرائد الغامدي بأن عدم وصول الدوريات إلى مواقع الحوادث يعد أمرا استثنائيا إن لم يكن نادرا، مبينا أن الدوريات التي تتجاوز السبع دقائق تخضع للتحقيق والمساءلة. بعد تسجيل المعلومات عن الصالة الرئيسية لغرفة العمليات انتقلنا إلى غرفة الأجهزة السلكية واللاسلكية وهي الأخرى مجهزة بأفضل وأحدث التقنيات، وقال الرائد الغامدي إن دورها ينحصر في ظهور البلاغات وتسجيل جميع المعلومات المتعلقة بالمبلغ وموقع الحادث، لتبدأ مرحلة الاتصال بالدوريات التي تظهر مواقعها وتحركاتها وأسماء الأفراد على جهاز الآمر الذي يتصل بأقرب دورية من الحادث، مشيرا إلى أنه تم تطبيق برنامج الجودة الشاملة من حيث سرعة الرد على الاتصالات ومتابعة الحادث، الأمر الذي خلق تنافسا بين جميع العاملين في غرفة العمليات وأسهم في تقليص السلبيات. كشف المواقع وأشار الرائد الغامدي إلى جهاز يكشف جميع المواقع في محافظة جدة ويقسمها إلى خمسة مربعات ويوضح زمن البلاغ والتعامل معه وكيفية تجاوب الدوريات وأعمال كل دورية، إلى جانب رصد أداء مأموري الأجهزة في غرفة العمليات، وأفاد أن الجهاز يوضح لمأموري غرفة العمليات الزحام المروري في الشوارع الرئيسية وتوجيه الدوريات بالتحرك لموقع الحادث عبر طرق أخرى سالكة، وقال الرائد الغامدي «إذا كان أداء غرفة العمليات جيد ويتواكب مع الطموحات بمباشرة الحوادث والتعامل معها حسب كل حالة بما يحقق الأمن والأمان فثق بأن الفرق الميدانية تعمل كما يجب». وأضاف أن غرفة العمليات التي تراقب الميدان مراقبة من قبل قائدها تقنيا من خلال لوحة تضم أسماء جميع الأفراد وتظهر عليها ألوانا تشير إلى من يتعاملون مع اتصالات المبلغين، والمكالمات المسقطة التي لا يتم التعامل معها وموعد ورودها، والوقت المستغرق للرد على المكالمات. العلاقة بالعميل وقال قائد غرفة العمليات إن مهمة الدوريات الأمنية بعد مباشرة الحادث تسير في اتجاهين، أولهما محاولة الصلح بين الأطراف في الموقع وإعداد محضر بتنازل الأطراف، أو تحويل الأطراف إلى أقرب قسم شرطة للموقع. وأوضح أن نسبة القضايا التي تعالج في الميدان تتجاوز 70 في المائة الأمر الذي خفف الضغط على أقسام الشرط، ووفر الكثير من الوقت والجهد، واعتبر أن الدوريات الأمنية تعتبر الجهاز الذي لا حدود لاختصاصاته، فالمرور والهلال الأحمر والدفاع المدني وغيرها من الجهات الأخرى مسؤولياتها محددة، أما الدوريات فمهامها متشعبة وتشمل كل ما هو موجود. وكشف الرائد الغامدي عن أن غرفة العمليات تستقبل استفسارات المواطنين والمقيمين المتعلقة بأرقام الوزارات ومواقع الإدارات الحكومية والمستشفيات، وأخرى عن مشاكل أسرية، وطلبات من المسافرين لإيقاظهم من النوم حتى لا يفوت عليهم السفر، ومثلها من الطلبة حتى لا تفوتهم الاختبارات، وأكد أن مأموري غرفة العمليات يسجلون المواعيد ويتصلون على المسافرين أو الطلبة لمساعدتهم، مشيرا إلى أن غرفة العمليات حولت مسمى «المتصل» إلى «عميل». التنسيق الأمني وزاد قائد غرفة عمليات دوريات الأمن في جدة بأن غرفة العمليات تتولى التنسيق بين الدوريات العاملة في الميدان وجميع الجهات الأخرى مثل الدفاع المدني، الهلال الأحمر، البصمات، الطبيب الشرعي، ومرافقة اللجان العاملة ميدانيا التي تراقب الأسواق وإيصال الحالات المرضية الحرجة إلى المستشفيات، وقال «نشعر بالسعادة عندما تأتي الدعوات من محتاجين للمساعدة ساهمنا في إنقاذهم، إلى درجة أننا نعاود الاتصال بمن تنقطع اتصالاتهم لسبب أو لآخر حتى نطمئن على سلامتهم»، وأشار إلى توفير جهاز لاستقبال بلاغات الصم والبكم يظهر رقم المتصل وموقعه، وعلى الفور تباشر الدوريات مهامها حسب القضية وتعمل على التعامل معها ومعالجتها. وأكد الرائد الغامدي، أن محافظة جدة مغطاة بالدوريات الأمنية، بما فيها أحياء غليل، بترومين، والبوادي والأحياء العشوائية الأخرى التي يقال إنها أماكن خطيرة، معتبرا الخبرة التي يتسلح بها الأفراد في الميدان والإمكانيات المتوفرة لهم وقبل كل ذلك الإرادة والعزيمة كافية للتعامل مع أي حادث وفي أي موقع داخل المحافظة أو خارجها. وشدد على أن الدوريات الأمنية منتشرة في جميع الأحياء دون استثناء.