كلما يقترب شريكان من بعضهما بعضا، يتآلفان أكثر، ويتفاهمان أكثر، ويتعاونان أكثر، وترسو سفينتهما على بر الأمان، وهذا ما حدث بالضبط في منتدى الإعلام والقضاء (ربيع الأول 1432ه) الذي انطلق من واقع القضاء الإداري (ديوان المظالم) وبات يسير في خط مواز لتطوير القضاء السعودي ككل. لا يختلف اثنان على أن القضاء والإعلام شريكان متلازمان، يسيران في خطين مستقيمين، فلا القضاء يسبق الإعلام، ولا الإعلام يسبق القضاء، فهما بمثابة كتلة حقوقية، عدلية، قضائية، إعلامية واحدة، يربطهما لحام واحد، إذا انفك لا سمح الله ينشأ صراع قضائي إعلامي، ليس في صالح أي طرف من الأطراف. لماذا نشأ الاختلاف بين القضاء والإعلام ؟ قبل الإجابة عن السؤال، ينبغي الاعتراف أولا: أن المؤسسسات الإعلامية السعودية، تفتقر إلى الإعلامي المتخصص قضائيا، مما جعل التعامل بينهما ذا طبيعة معقدة، فالإعلام يخوض في قضايا ما زالت «تتولاها سلطات التحقيق، بطريقة تستهدف تعبئة الرأي العام، ضد من يتناولهم التحقيق، أو المحاكمة، قبل صدور الأحكام» والقضاء في الوقت نفسه، لم يتجاوب مع الإعلام ، مما جعل الدكتور أحمد الصقيه المستشار بديوان المظالم يقول: «ليس هناك خيار إلا أن يصافح القضاء الإعلام، والعكس» وإذا لم يتصافحا وهذا رأيي فإن انشطارا خطيرا يحدث في المجتمع، وصراعا قد يعوق العدالة من جهة، ويسيء إلى الإعلام من جهة أخرى، بينما هما كتلة قضائية عدلية إعلامية، وطنية تقوم على التلاحم، وليس ثمة شك أن المعالجة العقلانية للعلاقة بين العدل والإعلام، تتطلب أولا الاعتراف بوجود مشكلة بينهما، يمكن تشريحها، ومعرفة أسبابها، ومن ثم التعامل معها تعاملا إيجابيا، قوامه الفهم والتفهم، لا كهدفين في حد ذاتهما فحسب بل من أجل ما تشبعه وظائف الإعلام والعدل من حاجات، وما تحققه من منافع للبلاد والعباد، وما تستجيب له من ضرورات، وعندما يلتقي الإعلام والقضاء وجها لوجه، ويسود بينهما الفهم والتفاهم، تتقلص الفجوات والاختلالات، ويتحقق التكامل بينهما، ويزيد التوظيف الأمثل لقدراتهما معا، بعيدا عن الاحتقان، والتشنج، فجميع المؤسسات القضائية والعدلية والإعلامية مرتبطة بالمجتمع، ولا بد من التعامل معها بعقلانية، وحيادية. من هنا كان لا بد أن يخرج المنتدى بقرارات حاسمة: تسجيل جلسات المحاكمات والمرافعات بالصوت والصورة، والأخذ بمبدأ الإعلام القضائي المتخصص، في جميع المؤسسات القضائية والإعلامية، وإنشاء إدارات قانونية متخصصة في المؤسسات الإعلامية، لتعزيز دور الثقافة الحقوقية داخل المؤسسات الإعلامية، وتصميم ورش عمل، ودورات تدريبية مكثفة، للإعلاميين كافة، بغية رفع الأداء الإعلامي في المجالين: العدلي والقضائي، وعقد لقاءات دورية للمتحدثين الرسميين في مختلف الأجهزة القضائية، والأمنية، والحقوقية، بمشاركة المؤسسات الأكاديمية، لتطوير مبادئ وآليات التعامل مع الإعلام، وقيام المحامين، وأساتذة الشريعة، والقانون، ومنسوبي مختلف الأجهزة الحقوقية، بواجباتهم المهنية، والاجتماعية، لتعزيز الثقافة الحقوقية، من خلال الأنظمة العدلية. تصفيق حاد لتصافح القضاء والإعلام. [email protected] فاكس: 4543856-01 للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 106 مسافة ثم الرسالة