أوضح ل «عكاظ» محللون وأكاديميون واختصاصيون أن الإعلان عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن يشوبه الغموض وتكتنفه الشكوك، واعتبروا أن مقتله، في حال صحة الإعلان الأمريكي، يمثل ضربة قاصمة لتنظيم القاعدة والجماعات والحركات الإرهابية. وأرجعوا ذلك إلى فقدان الدعم القوي الذي كان متواجدا بما يمتلكه بن لادن من دعم مالي جعله المؤثر الوحيد على التنظيم والداعم المادي والمعنوي الوحيد له على مدى السنوات الماضية، مؤكدين أن التنظيم سيعاني خللا وتفككا خصوصا في ظل نشوء خلافات مترقبة على السلطة. وأكدوا أن خطر القاعدة وإرهابها لن يتوقف بمجرد مقتل بن لادن، مطالبين بالتنبه إلى ماينجم عن الحركات الأخرى من تحركات لرد الاعتبار والانتقام، في حين قلل كثيرون من أهمية ردود الفعل وقوتها، مشيرين إلى أنها ستكون محدودة ولوقت قصير. فإلى التفاصيل: يرى الكاتب الصحافي والمحلل الاستراتيجي الدكتور علي التواتي أن عملية مقتل أسامة والإعلان عنها لها علاقة بترشيح أوباما نفسه للرئاسة، وأوضح أن دور الحكومة الباكستانية غامض في الموضوع. ويقول «الغريب أن هناك جوانب يصعب هضمها، فالمبنى الذي كان يتحصن فيه أسامة جديد ومحصن وكلف أكثر من مليون دولا وبالقرب من أكاديمية عسكرية بحسب المعلومات المعلنة، وهنا نتساءل: هل يمكن لشخص هارب أن يسكن فيه ويضع عليه حراسات، إلا إذا كان مطمئنا». ويضيف «عملية القتل يبدو أنها قرار وليست اعتقالا، بدليل أنه لم تكن هناك معركة، فالمواجهة التي حصلت قتل فيها امرأة وأصيبت ثلاث نسوة وقتل ثلاثة رجال، وهذا مايدل على أنه تم الدخول إليه في خاصته العائلية والموقع لم يكن محصنا، فضلا عن المسارعة لرمي جثته في البحر وهو الذي يشكل ويثير تساؤلات عديدة». واعتبر التواتي مقتل زعيم تنظيم القاعدة كسرا في العمود الفقري للتنظيم، مشيرا إلى أن بن لادن كان مصدرا للدعم المالي لكل من يناصر القاعدة، وكان عن طريقه تتم عملية توزيع الأموال والأسلحة والعمليات. ونفى ما صرح به محللون من أن أسامة لم يكن له دور منذ سنوات، مؤكدا وجود الدور بدليل وجوده في أماكن ليست كهوفا أو أقبية، وإنما في أماكن قريبة من العاصمة، ما يدل على أنه كان على اتصال بالعالم من المكان الذي كان يقيم فيه في بوت آباد وهي منطقة حضرية. وجزم بأن القاعدة فقدت الآن مركزها التمويلي وقدرتها على التنسيق، متوقعا أن يعمل كل تنظيم بشكل محلي وستقل جهوده وتفتقر للتخطيط والتنظيم والتمويل الكافي. وأوضح أن هذا لايعني انتهاء الخطر؛ لأن بن لادن وضع القاعدة التنظيمية التي يمكن البناء عليها «نحن لا نعلم عن الصف الثاني ومدى قدرتهم على التنظيم وهذا ما سيتضح في الأشهر المقبلة». وعن ردود الأفعال، بين التواتي أنه في حال وجود اتصال وسلطة مباشرة من قبل التنظيم على الفروع الموجودة في العالم العربي فإن الردود ستكون عنيفة. ونبه إلى أن الظواهري ومجموعته ليسوا على نفس القدر من الملكات القيادية التي كان يمتلكها بن لادن، معتبرا أن ذلك سيؤدي إلى ضمور وتلاشي دور التنظيم. تأثير سلبي أما عضو مجلس الشورى أستاذ الأنظمة السياسية في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور صدقة فاضل فقال «لاشك أن اغتيال بن لادن زعيم تنظيم القاعدة سيؤثر بالسلب على عمليات هذا التنظيم الإرهابي في المستقبل»، مستدركا «نتوقع ردة فعل متشنجة وربما محدودة بهذه العملية التي تمت». وأوضح أن شعبية بن لادن كانت تستمد من رفض الشعوب للواقع السيئ الذي يعيشونه في معظم البلاد العربية والإسلامية، «من هنا تحظى القاعدة بشيء من التأييد الشعبي من المخدوعين بأطروحاتها». وأضاف «لكن المنظمة ليس لديها أي تصور لما ينبغي أن يكون مستقبلا، فالحل الطالباني قد تقدمه هذه الحركات لو تمكنت من السلطة وهذا حل سيئ بكل المقاييس لا يتماشى مع الشريعة الإسلامية ولا مع واقع العصر، وقد عرفت بالتشدد والتطرف والتحجر، وبالتالي فإن حلولها ليست مخرجا من أي واقع، وبهذا فإنها ستخيب ظن المعولين عليهم». وزاد «أعتقد أن إصلاح الأوضاع العربية والإسلامية السيئة في معظم الدول سيوضح للناس أن الحلول المنطقية التي تتمشى مع الشريعة هي الأفضل وبالتالي لن يكون للقاعدة مكان في الحراك». وأردف قائلا «لكي نقضي على ما تبقى من نفوذ للقاعدة وغيرها من الحركات المتطرفة يجب أن تكون هناك حركة إصلاح شاملة لمعظم الدول التي تحتاج إلى ذلك. وهذا يمنع كثيرا من الشرور ومنها ما قد يحصل من نفوذ لمنظمات لها توجهات إرهابية ومتطرفة مثل القاعدة». وأكد فاضل أن اغتيال أسامة جاء في توقيت مناسب جدا وفترة بدأ يأفل فيها نجم القاعدة، خصوصا بعد انطلاق الثورات الشعبية التي كانت بعيدة عن التطرف والتشدد وهي ثورات تطالب بحقوق مشروعة معقولة، مشيرا إلى أنها سوف تسحب البساط من تحت المنظمات التي تدعي أن لها حلولا ناجعة للأوضاع السياسية السيئة في كثير من الدول العربية والإسلامية. ونبه إلى أن هذه المنظمة الإرهابية لن تحظى بالقبول طالما كانت هناك عملية إصلاح شاملة ومتكاملة في البلدان، وبهذا ستمنع الكثير من الشرور ومنها ماقد يكون لمثل هذه المنظمات من نفوذ وقبول في العالمين. ورأى أستاذ السياسة أن شعبية هذا التنظيم تقلصت، موضحا أن اغتيال أسامة ربما يعيد من هذه الشعبية لكن ستكون مؤقتة ومحدودة، مشيرا إلى أن «التيار السياسي في العالم العربي والإسلامي ضد تواجد المنظمات المتطرفة وعلى رأسها القاعدة وبالتالي لا أتوقع أن يكون للتنظيم مستقبل واعد في العالم كله». ضربة موجعة عضو مجلس الشورى المحلل السياسي الدكتور زهير الحارثي قال إن مقتل بن لادن ضربة موجعة للحركات الراديكالية المتطرفة ورسالة أيضا لكل الإرهابيين فمهما غابوا واختفوا بعد ارتكاب جرائمهم فإنهم سيأتون للعدالة. وأضاف «هذا الحدث يؤكد أن العالم ضد الإرهاب وأن هذا الرجل يحمل فكرا متطرفا ويمثل خطرا على المملكة قبل أمريكا وشوه الإسلام والعرب»، مشيرا إلى أن هذه نهاية طبيعية لمن يخرج عن الخط ويحمل فكرا متطرفا يشوه سماحة الإسلام. ورأى الحارثي أن الإشكالية ليست في زعيم التنظيم وإنما في الفكر المتطرف نظرا لصعوبة مواجهة الأيديلوجيا، مشيرا إلى أن «هناك خلايا نائمة تؤمن بنفس الفكر ولكن يبقى الفكر الذي يرفض الحوار والتعايش إلى اندحار». وأضاف «لا يمكن القضاء على هذا الفكر إلا بفكر مضاد يعري ويكشف عقول هؤلاء عن طريق علماء ومشايخ يرسخون الإسلام المعتدل وتفنيد أفكار القاعدة التي توظف النصوص الشرعية لمصالحها ولن يكون ذلك إلا بتفكيكها». واسترسل «هناك دول تعيش فيها القاعدة وتترعرع لأنها دول ضعيفة وعاجزة عن المواجهة مثل اليمن فإن المطلوب تجاهها هو دعمها سياسيا واقتصاديا بما يقويها لمواجهة الفكر المتطرف، أما في الوضع الحالي فإن القاعدة ستستغل أوضاع هذه الدول في تفخيخ العقول والعناصر». وبالنسبة لأثر مقتل بن لادن على الجماعات الخارجية في الدول الأخرى، رأى الحارثي أن ذلك لايتم نظرا لعدم وجود ارتباط تنظيمي هيكلي، وأنها أصابت العديد من الخلايا بحالة من الإحباط والانهيار والخوف من النهاية نفسها، وبالتالي فإنها ضربة قوية جاءت في وقت مناسب وتجعل هذه العناصر تعيد حساباتها وتبتعد عن الخط السيئ الذي تسير فيه. الظواهري الأقرب المشرف العام على مركز الدين والسياسة والكاتب الصحافي خالد المشوح أكد أن مقتل أسامة ضربة موجعة ليس لأنه يقود التنظيم ولكن لما كان يمثله من شخصية وكاريزما لا يمكن تعويضها عند فقدانها. وأشار إلى أن أيمن الظواهري الأقوى لخلافة بن لادن خصوصا وهو الذي وضع عينه على القيادة منذ أن تدهورت حالة بن لادن الصحية، لكنه استبعد استمراره وتفرده بالقيادة في ظل تصاعد الجناح التنظيمي للقاعدة في جزيرة العرب لقوة هذا التنظيم، وبروز اسم أنور العولقي ومحاولة إبرازه من قبل قيادة التنظيم ليكون خليفة بن لادن. ورأى أيضا أن هناك نزاعا وفرقا بين الانتماء والجنسية بين الظواهري والعولقي، كما أن الظواهري لم تكن له أي كاريزما يستطيع من خلالها إعادة ضخ الأفكار من جديد، فضلا عن الفوارق بين التنظيمين، وهو ما يجعل مستقبل القاعدة غير مبشر على أية حال. وأكد المشوح أن التنظيم سيحاول تجاوز الصدمة والاستفادة من الحدث وتوظيفه لصالحه واستدرار العواطف الجياشة من قبل البسطاء نحوه بإبراز تاريخ ومحاسن بن لادن لاسيما قبل 11 سبتمبر وأيام الجهاد الأفغاني وذلك ليكسب أشخاصا متعاطفين لصالحه، مشيرا إلى أن مركز الدين والسياسة الذي يشرف عليه رصد هذه المحاولات في مواقع إلكترونية. وذكر أنه لا يمكن تعويض شخصية بن لادن؛ موضحا أن التنظيم قام على اسمه وربما ينتهي كتنظيم متكامل بعد مقتله، فضلا عن نشوء صراعات داخلية على السلطة وربما دخول أشخاص جدد للبروز في الأيام المقبلة عبر بعض التسجيلات من دول متطرفة. دور المثقفين أما رئيس نادي الرياض الأدبي السابق الدكتور محمد الربيع، أوضح أن الفكر لم يزل باقيا ولن يؤثر عليه مقتل بن لادن أو غيره، كما أنه موجود منذ أزمان، مطالبا بالتصدي لمثل هذه الأفكار بأفكار قوية مثلها. ورأى أن ما يدور في مجتمعنا أو العالم من حولنا من حوار وبخاصة مع الشباب في إيضاح بعض الأمور الملتبسة عليهم والتي قد يخدعون بها وفهم النصوص فهما خاطئا، كل هذا أصبح لدينا مشاريع وبرامج لمقاومتها ومواجهة هذه الآراء الضالة. وبين أن الشباب الذي استهدفته القاعدة وقتا طويلا أصبح لديه الآن مشاريع بناء وتطوير للمجتمع من خلال مؤسسات المجتمع المدني التي تبني العقل وتنميه. ورأى أن كل هذه الجهود ستسهم بشكل مباشر في تجفيف منابع التطرف وهي خير سلاح لمقاومة هذا الفكر الضال بفكر مستنير. وقال إن على المثقفين دورا كبيرا، مطالبا إياهم ببذل المزيد للوصول إلى عقول الشباب «المطلوب من الطبقة المثقفة المستنيرة أكثر حتى يصلوا إلى عقول الشباب». محترفو «الفوتو شوب» يكذبون خبر مقتل بن لادن بصورة مماثلة لأوباما محمد الدقعي جدة عبر عدد من صانعي صورة أوباما في حالة وفاة إلى إرسال رسالة مفادها تكذيب الخبر الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي أوباما عن تمكن فرقة من الكوماندوز الأمريكي من اغتيال زعيم تنظيم القاعدة وهو الخبر الذي يشغل وكالات الأنباء العالمية حالياً. وكان مستخدمون في الشبكة العنكبوتية أمس بثوا خبراً مفاده مقتل الرئيس باراك أوباما متداولين صوراً مفبركة تدل على اغتياله ومقاربة للصورة التي بثتها الوكالات العالمية لمقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وأظهرت الصورة التي بثها المستخدمون في البريد الإلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي الرئيس باراك أوباما في حالة مشابهة للصورة المزعومة التي بثتها الوكالات العالمية لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وتظهره وكأنه في حالة وفاة. ويتمكن محترفو الرسم على الحاسب الآلي على برنامج (الفوتو شوب) من التلاعب بسهولة في الصور الفوتوغرافية لأي كان.