أحد البخلاء (الجلدة) توفي ابنه، وأجبر على نشر إعلان شكر عزاء لمن واساه، ولكي لا تكون خسارته مضاعفة، فقد نشر إعلانا ينص على: أشكر كل من واساني على وفاة ابني وأذكر الجميع أن فروعنا التجارية لازالت تعمل بخصم مضاعف .. شرفونا تجدون ما يسركم.!! وهذا هو حال القطاع الخاص مع الخدمات التطوعية في البلاد، حيث لا تقدم خدمة اجتماعية من بنك أو شركة إلا عن طريق الإجبار أو الرغبة في إبراز عضلاتها الإنتاجية واستغلال ما تقدمه للمجتمع من باب الترويج والدعاية، وبدلا من أن تخصص أموالا للدعاية والإعلان في وسائل الإعلام فإنها تلجأ إلى رعاية أي مشروع اجتماعي (لا يكلف كثيرا ولا يخدم إلا فئة محدودة جدا)، ومن خلال هذه الرعاية يتم (بروزة) دور تلك المؤسسة الرعاية. هذه القطيعة ما بين الأعمال الخيرية وتبنيها من قبل التجار اختفت خلال الثلاثين السنة الماضية، وأغلق على سيرتها (بالضبة والمفتاح)، ففي زمن سابق كانت جل الأعمال الخيرية ينهض بها رجال الأعمال، وعندما استشرى داء الثراء وصعود طبقة طفيلية أنتجتها الطفرة الأولى، أصبح هم هذه الفئة هو تكديس الأموال وانتزاع (اللقمة) من فم الأسد وقبله اللعب والتحايل للوصول إلى مدخرات المواطنين بوسائل نصب متعددة. ولو تلفتنا يمينا ويسارا سنجد في كل مكان من العالم دورا وطنيا تنهض به المؤسسات الخاصة لخدمة المجتمع، وليس هذا مقتصرا على الدول المتقدمة، فدارة الشومان بالأردن (مثلا) هي دارة ثقافية أسسها رجل أعمال أردني، وخصص لها 1 في المائة من أرباح البنك الذي يمتلكه لكي تقوم بدورها الاجتماعي من غير الارتهان للبحث عمن يمولها، هذه الدارة أمضت سنوات طويلة في خدمة المجتمع. وفي جميع دول العالم تشارك القطاعات الخاصة في تقديم خدمات اجتماعية كدور وطني تنهض به من غير منة أو استغلال ذلك المشروع للترويج والإعلان أو (غثنا) بالطلعة البهية لصاحب تلك الخدمة. وأعتقد أن الدوائر العامة ساهمت (بشكل أو بآخر) في خلق هذا النمط الأناني لدى رجال الأعمال حينما لم تأخذ منهم رسوما أو تفرض عليهم القيام بأدوار اجتماعية مقابل الأرباح المهولة التي يحصلون عليها في ظل تسهيلات وقروض تمنح لهم حتى غدا معظم رجال الأعمال كأصحاب مغارة (افتح ياسمسم).!! [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة