عندما التفت خادم الحرمين الشريفين إلى ضيوفه معتذرا عن عدم تمكنه من مصافحتهم واقفا.. انطلقت حينها رسالة إلى كل مسؤول صغر أم كبر ونحو كل ذي شأن قل أو عظم ألا يتعالى على خلق الله؛ إذ العظمة لله وحده. لم تكن تلكم الرسالة الأولى من عاهل البلاد، بل سبقتها تلميحات وتلويحات مفادها أن يا عباد الله تواضعوا ترفعوا بضم التاء فلعلها كانت إضاءات وإشراقات من شأنها أن تكسر قواعد لدى من يعتقد واهما أن الهيبة صناعة الكبرياء، إذ إن في طلاقة الوجه قليلة التكاليف ثمنا غاليا لتذويب الوجوم وغسل النفوس من التجهم. يحكى عن «أحدهم» من المثقلين بهموم «الدال» إياها: أنه إذا ما نودي باسمه مجردا – (منها) لا يبدي أية التفاتة لمحدثه وعندما يشفع الاسم الكريم ب «دال التعريف» فسترى في الحال عجبا. لعلنا نلتمس لصاحبنا آنف الذكر بعض عذر لا كامل معذرة؛ لأنه وفي الدوائر الرسمية عندنا مازلت تنادى ب «المدعو فلان»، الوحيدون الذين ينادونك بالسيد فلان هم البنوك، لكنهم في الحقيقة يسدون عليك كل منافذ النجاة؛ إن أنت وقعت في بعض حبائلهم أو أن سنارتك قد علقت في شيء من شباكهم. كم نحن في حاجة إلى استنهاض سمات التواضع من سباتها واستحضار الأمانة وأدواتها وإشفاء النفوس من درناتها، فالمروءات من فيض المكرمات وبها تتجلى وتتمحص وتتعانق الفطرة السليمة مع سمو الذات.. والله المستعان. أحمد مكي العلاوي