القضية ليست مجرد غسل بالماء، وإنما المسألة تتعلق كما يقول بعضهم بالضمير، وتمتد للقول بأن مهنتهم تعتمد بشكل كبير على السمعة، ولهذا يبررون خسارة من يشاطرهم المهنة، متى ما بدأ أحدهم بالتعامل على أساس الغش لا يستمر طويلا، ولهذا لا يجازفون ولا يتهورون بمعاملة الناس على أساس الزيارة الواحدة، وإنما يحاولون أن يكون هناك تواصل دائم معهم، ومن هنا يكون سر المهنة كما يردد آخرون منهم، مهمتهم شاقة (غسل جاد للسجاد)، أي سجاد قديم يثقل كاهلهم أو حديث خفيف لا يأخذ من وقتهم وجهدهم الكثير، لكنهم لا يشترطون ومع السجاد لا مانع أن يتولوا غسل (المكيفات)، لكن هذا الموضوع وحده يظل هما لا يرتاحون فيه إلا مع إعادة المكيفات لأصحابها. الغسل عملية شاقة محمد أيوب الذي يعمل في هذه المهنة منذ ما يقارب العشر سنوات قال: نستقبل كافة أنواع السجاد، والواحدة تستغرق وقتا يمتد من يومين إلى ثلاثة، تبدأ بعملية الغسل الأولى ثم الغسل النهائي، وبعدها يتم التنشيف في الهواء الطلق، ولا يتعبنا في هذه المرحلة سوى أن السجادة تصبح ثقيلة عندما يتم غسلها بالماء، ولهذا نحاول أن نتعامل أثناء حملها بحذر شديد. يتدخل زميله محمد نباط قائلا: نتعاون على حمل السجادة، نعتني بها وكأنها تخصنا، ولهذا كلما كان العمل جيدا ساعد ذلك على مزيد من الدعاية للمحل، ولا نحاول أن نخسر الزبائن بالكذب أو الغش. نعوض ما يتلف ويقول شاهد مسعود: إن بعض الناس يغيب عن موعد استلام سجادته، ثم يأتي بعد مدة ويرفض أن يستلم السجادة التي أحضرها بحجة أنه تم تغييرها، نحاول أن نؤكد له بأن كل سجادة تدخل المغسلة لها رقم محدد ونسجل عليها رقم صاحبها، إلا أنه يرفض ويحتج ويحاول أن يجد سجادة أخرى أفضل حالا من سجادته، ويدعي أنها له وهذا يحدث مرة أو مرتين فقط ولا يحدث بصورة متكررة. كما أن هناك من يدعي بأنه سلم أكثر من سجادة، بالرغم أنه مقيد في السجل أنه لم يأت إلا بسجادة، ولا يحدث أبدا أن يصيب السجادة أثناء وجودها لدينا أي عطب فيما عدا مرة واحدة، حيث رمى أحد الزبائن سيجارة على المستودع، ما أدى إلى حرق أربع سجاجيد، لكن عندما التقينا بأصحابها تفهموا الوضع وتنازلوا بالرغم أننا عرضنا عليهم تعويضا مقابل التلف. غسل المكيفات وحيال غسيل المكيفات يوصي إمداد الحق أحمد مئة، قائلا: من الأخطاء المتكررة إهمال المكيفات بحيث تترك بلا عناية، وأقصد بالعناية هو أنها لا تنظف ولا يتم غسلها، فمن المعروف أن المكيفات عرضة للغبار طيلة أيام السنة، ولهذا من المفترض أن يتم غسلها مرتين على الأقل في السنة، وإذا لم يحدث هذا فإن مسألة احتراق المكيف واشتعاله محتملة، ولهذا لا تتعجب من اشتعال المكيف في لحظة ما، وخصوصا في الصيف حين يقفل الغبار فتحات التهوية والتنفيس للمكيف، ولهذا ترتفع درجة حرارته ويشتعل والمشكلة أن غسل المكيف يكون أصعب من غسل السجاد وأكثر خطورة، فمن المحتمل أن يتعرض المكيف للسرقة، ولهذا أظل احمل همه حتى تسليمه لصاحبه. عملنا حراسة ويقاطعه فهيم عناية أهلي، قائلا: أذكر أن صاحب مؤسسة أحضر أربعة مكيفات لغسلها، فاتصلت عليه بعد الغسل لاستلامها، فأبلغني بأن أضعها بالقرب من البوابة حتى يحضر سيارته ويحملها، وذكر بأنه في الطريق ووضعت المكيفات كما أراد بجوار البوابة، ثم انشغلت في أعمال الغسيل، بعد ذلك استغربت عدم حضور صاحب المكيفات طيلة هذا الوقت، وعندما وقفت على موقع المكيفات لم أجدها، فأصابني القلق خوفا من سرقتها، ثم اتصلت بصاحب المؤسسة فأبلغني أنه حضر وأخذ المكيفات. لكن من أغرب المواقف أن أحدهم حضر إلى المغسلة مهددا ومتوعدا بأن أحد المكيفات التي أغسلها ملكه، ويتهمني بأنني سرقته من مستودع يخصه، إلا أن الرجل اعتذر حينما تأكد أن المكيفات تخص زبونا آخر. اتهام بالتلف محمد صالح الحربي يقول شيئا مختلفا: أحضرت ثلاثة مكيفات وطلبت غسلها، وللأسف عندما استلمتها وجدت أن واحدا منها هو الذي يعمل، بينما تعطل اثنان، وهذا يعني أن مثل هذه المغاسل تسبب في عطل المكيفات. عناية الله رد عليه قائلا: نحن في المغاسل لا نعمل أي شيء عدا عملية الغسل، لكن الذي يحدث أن البعض يحضر مكيفا قديما يملأه الصدأ، فعندما نغسله يزال الصدأ وهذا يؤدي إلى تسرب «الفريون» عبر المواسير الصدئة، فيتهمنا البعض بأننا من تلفنا المكيف. الشاب محمد الشهري (زبون) قال: لا تتم عملية التنظيف مثلما في البيت، ولكن أمام صعوبة غسلها في المنزل، لا أجد مفرا من إحضارها إلى المغسلة، لكن هذا الوضع يختلف من محل إلى آخر. ولا يبتعد عوض مصلح المحوري عما قاله الشهري، إلا أنه يقول: كثيرا ما يحدث تبديل لدى مغاسل السجاد، وخصوصا عندما تكون لديهم كثافة في الإقبال فيحدث أن تأخذ سجادة لا تخصك وتضطر للعودة مجددا. لكن موفق برويز ينفي ذلك متسائلا: كيف يحدث مثل هذا الخطأ وأنت ترى أننا لا نستلم أي سجادة، ما لم نضع لها رقما ونسجلها في كشف الاستقبال. وبالتالي لا يمكن أن يحدث هذا الخطأ، لأن كل سجادة يكتب رقمها أمام اسم صاحبها.