عانت المملكة منذ سنوات طويلة من الإرهاب بمختلف أنواعه، تفجيرات، اقتحام، اختطاف، وقتل إلى غير ذلك. وقفت الدولة والمواطن وقفة واحدة قوية أمام هذه الهجمة الشرسة وتم ولله الحمد التصدي بقوة لحملات الإرهاب وعملياته، وأحبطت العديد من المخططات التي كانت تستهدف منشآت ذات أهمية قصوى. ونحن ننظر بفخر واعتزاز إلى ما تحقق من نجاحات في الوقوف في وجه الإرهاب واعتقال من يقف وراءه، علينا أن نلتفت يمنة ويسرة وننظر إلى خطر آخر لا يقل أثرا عن الإرهاب بل قد يتفوق عليه في مناحٍ كثيرة. المخدرات أصبحت تشكل اليوم هاجسا مخيفا يهدد بناء الإنسان السعودي وتركيبته، ومفاهيمه الدينية والاجتماعية. البيان الذي أعلنته وزارة الداخلية يوم الأحد الماضي يضع علامات استفسار كبيرة أمام الواقع الذي نعيشه في بلادنا. البيان يمثل في مجمله ناقوس خطر يقرع بقوة، ويصدر أصواتا مفزعة تستوجب الصحوة من الغفلة، والانتفاضة، وعمل المستحيل للتصدي لهذا الغزو الذي يفوق في خطورته أي غزو مسلح. المخدرات تستهدف أبناء هذا الوطن وطاقاته المنتجة كي تحول بينها وبين العطاء والإنتاج والمشاركة في مسيرة التنمية. مافيا دولية ومخططات تخريبية تقف وراء هذا الكم الهائل من المخدرات التي تصدى لدخولها أبناء الوطن الأمناء الشجعان في القطاعات الأمنية، ومصلحة الجمارك والذين ضحوا بحياتهم في سبيل الدين والوطن. تخيلوا معي لو تسربت هذه الملايين من الحبوب المخدرة والأطنان من الحشيش والهروين إلى بلادنا، كم سيضيع من وراء استخدامها من شباب وشابات نعول عليهم كثيرا في مسيرة البناء، كم ستهدر من ملايين الريالات في شرائها على حساب ما نأكل ونشرب، كم من أسر مترابطة ستفكك، وكم من أطفال سيشردون ونساء وبنات قد ينزلقون في وحل الرذيلة. إدراكنا جميعا لهذا الخطر من وراء المخدرات يحتم علينا أن نقف صفا واحدا بالمرصاد لكل من يحاول أن ينخر في جسد أمتنا وأبناء شعبنا. المسؤولية ليست أمنية وجمركية فقط، إنها مسؤولية كل مواطن، وكل وسيلة إعلام، وكل مؤسسة تعليم، ومنبر خطابة، لا بد من تضافر الجهود وشحذ الهمم فليس أخطر من داء يهدد بناء الجسم ويؤدي به إلى الانهيار. جانب آخر من التصدي هو الوقوف مع من أبتلي بداء المخدرات والأخذ بيده وإقناعه بدخول المصحات المتخصصة كوسيلة مضمونة إن شاء الله في شفاء سريع وأبدي. للتصدي وجه آخر وهو التعاون الكبير مع الجهات الأمنية وعدم التردد في تزويدها بأية معلومة ولو صغيرة قد تساعد في الإيقاع بشبكات كبيرة وتقضي عليها في مهدها. نحن فعلا مستهدفون وشبابنا هناك من يريد تحطيمهم وإنهاكهم، وبلدنا الآمن يسعى الأعداء لتدميره بأية وسيلة. استشعارنا حجم المشكلة، وإصرارنا على التصدي لها بكل ما نملك، وتعاوننا مع كل من له علاقة هي الحلول الناجحة والأكيدة، وكلنا تطلع لأيام مقبلة نجد فيها الانخفاض الملحوظ في كميات المخدرات المضبوطة والمروجة وانخفاض أكبر في عدد المستخدمين، وما ذلك على الله بعزيز. [email protected]