كشفت مصادر مطلعة عن تحالف يجري تهيئته بين عدد من ملاك ومسؤولي منشآت ومراكز التدريب الشهيرة المنتشرة في أرجاء المملكة، لرفع دعوى قضائية من قبلهم ضد المؤسسة العامة للتدرب التقني والمهني قبل منتصف العام الهجري الحالي، بسبب ما أسموه ب «المخالفة الصريحة للمادة رقم 20 من النظام الأساسي للحكم»، المتعلقة بفرض الرسوم بعد أن كشفت تقارير رسمية حجم المبالغ الكبيرة التي تحصل عليها المؤسسة العامة للتدرب التقني والمهني من قطاع التدريب. وتنص المادة رقم عشرين من النظام الأساسي للحكم على النص التالي: «لا تفرض الضرائب والرسوم إلا عند الحاجة، وعلى أساس من العدل ولا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء منها إلا بموجب النظام».واستندوا في مهمة رفع الدعوى على صياغة قانونية نظامية أعلنها ديوان المظالم جاء نصها كالتالي: «لما كانت المؤسسة المدعى عليها ليست من المؤسسات العامة في الدولة التي لها طابع النشاط التجاري أو الصناعي، لذلك فإن ما تحصل عليه من مبالغ مقابل ما تؤديه من خدمات لا تعتبر أجورا عن هذه الخدمات وإنما هي في حقيقتها رسوم مالية لا يجوز فرضها إلا بموجب نص نظامي صريح». ويضيف نص الحكم: «لم يتضمن نظام المؤسسة نصا صريحا يجير لها فرض الرسوم، وبالتالي فإن قرار فرض هذه الرسوم لا يتفق مع النظام الأمر الذي تنتهي معه الدائرة إلى صحة دعوى المدعي ومطالبته بإلغاء قرار المؤسسة بفرض هذه الرسوم». وتؤكد المصادر المطلعة أن الفريق القانوني الذي جرى اختياره من قبل أصحاب منشآت تدريبية جهز ضمن دفوعاته أن الحجج التي تقدمها المؤسسة العامة للتدريب، لتبرير تحصيلها تلك الأجور بالمادة رقم 12 من النظام التي تنص على: «الدخل الذي تحققه المؤسسة من ممارسة النشاط يدخل ضمن أغراضها»، وذلك ناجم عن تفسير وتأويل وصفوه ب «الخاطئ» للفقرة الرابعة. أوضحت المصادر أن لدى الفريق القانوني مستندات رسمية صادرة عن ديوان المظالم (حصلت «عكاظ» على نسخة منها) تؤكد صراحة أنه لا يحق للمؤسسة فرض رسوم مالية مخالفة للنظام بحجة أن النظام أتاح لها ذلك، وتضمنت المستندات رفض ديوان المظالم القاطع بعدم التوسع في تفسير النصوص، فلا ضرائب، ولا رسوم إلا بنص صريح. وتضمنت المستندات أيضا رفض الديوان لمسألة تحصيل الرسوم مقابل تقديم الخدمة، موضحة ذلك في النص التالي: «إذا كانت الجهة الإدارية في أساس إنشائها لا تمارس نشاطا تجاريا أو صناعيا، وما تقدمه من خدمات القصد منها تحقيق المصلحة العامة وليس تحقيق الأرباح فإن ما يتم فرضه من مبالغ مالية مقابل هذه الخدمات تعتبر رسوما مالية لا يجوز فرضها إلا بموجب النظام». في حين كشفت مستندات رسمية أخرى أن معظم المبالغ المالية الكبيرة التي تؤخذ من أصحاب المنشآت التدريبية تودع في حساب مركز خدمة المجتمع، الذي يصفه أصحاب الاستثمار في قطاع التدريب بالمنافس اللدود كون المؤسسة تقيم من خلاله دورات تدريبية عديدة وصفها المتعاملون في القطاع بأنهم أضرتهم ماليا، وأكثر ما أثار حنقهم هو أنهم يدفعون الأجور ليمكنوا مركز خدمة المجتمع من الإضرار بمصالحهم على حد وصفهم. تأتي هذه الخطوة في أعقاب انسحابات للعديد من مراكز التدريب في المملكة بنسبة تزيد على 35 في المائة من الإجمالي الذي كان في السوق قبل عدة سنوات بحجة ارتفاع الأجور، إلى جانب غياب الدعم الكافي الذي يساعد على تطوير تلك المراكز وزيادة حقائب برامجها التدريبية، باعتبار أن أي برنامج جديد تؤخذ عليه رسوم إضافية، وكلما حاول معهد التوسع يضطر إلى تقديم مبالغ مالية للمؤسسة حتى توافق له على ذلك ويترتب على تلك الموافقة مبالغ مالية، إضافية تتمثل في الزيارات بين الفينة والأخرى مقابل 700 ريال فقط تدفعها المؤسسة على كل متدرب. لكن صناع القرار في المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني اعتبروا تلك الانسحابات عاملا إيجابيا بحسب وصفهم، باعتبار أن المعاهد المنسحبة ضعيفة، لكنها لم تشر إلى عدم دعمها للمستثمرين في قطاع التدريب قبل انسحابهم ليكونوا أكثر فاعلية في ظل وجود ميزانية مخصصة للمؤسسة من الدولة تصل إلى 4.6 مليار ريال، بل زادوا على ذلك بأن تلك الانسحابات فتحت المجال أمام المستثمرين الجادين، ما جعل أسئلة بعض المتعاملين في قطاع التدريب تدور حول هوية المستفيد من هؤلاء المستثمرين الجادين. شاهد من أهلها ويحصر أصحاب منشآت تدريبية الخسائر الناجمة عن مزاحمة مركز خدمة المجتمع لهم من أجل عرضها على مختصين قانونيين، تمهيدا لأخذ تعويضات من المؤسسة جراء ذلك بعد أن حصلوا على مستند من مدير عام التدريب الأهلي السابق الدكتور عبد الحميد العبد الجبار رفعه إلى نائب المحافظ للتعليم والتدريب يعترف فيه بوجود منافسة مضرة، ويطالب بضرورة تحقيق العدالة. وجاء في نص الخطاب الذي حصلت عكاظ على نسخة منه التالي: تقوم الوحدات التدريبية في المؤسسة بتقديم دورات تدريبية عبر أقسام خدمة المجتمع، ومن ضمنها دورات مماثلة لتلك الدورات التي تقدمها معاهد ومراكز في التدريب الأهلية مثل دورة «إدخال بيانات ومعالجة نصوص»، ودورة «استخدام الحاسب الآلي في الأعمال المكتبية» التي تشرف عليها المؤسسة، ويطرح ملاك ومديرو هذه المعاهد والمراكز اعتراضين حول هذه البرامج. وأضاف في خطابه: اعتراضهم يتمركز حول مبدأ المنافسة حيث يرون أن المؤسسة كجهة إشرافية يجب أن لا تنافس المراكز الخاضعة لإشرافها، وأن أسس هذه المنافسة غير متكافئة وفيه إجحاف كبير بحق هذه المعاهد حيث تخضع اختبارات المراكز لإشراف الإدارة العامة للتدريب الأهلي المباشر، حيث إن إعداد الاختبارات والتصحيح من قبل الإدارة، أما مراكز خدمة المجتمع فتقوم بذلك بشكل مستقل استقلالا كليا في كل وحدة، واختلاف المعيار بين الفريقين يسهم في اختلاف النتائج وتمييز مخرجات مراكز خدمة المجتمع بصورة غير موضوعية، ورغم صعوبة قبول الاعتراض الأول بشكل مباشر من قبل وحدات المؤسسة فإن مطلب عدالة الفرص وتوازن المنافسة هو مطلب وجيه. وبعد أن استعرض مشكلة المتدربين طلب التوجيه بالتنسيق بين ممثلي التدريب الأهلي ومراكز خدمة المجتمع التي تقدم برامج مطابقة لدورات المراكز الأهلية في مجالس التعليم الفني، لوضع الصياغة المناسبة لتحقيق العدالة في تقييم خريجي هذه الدورات ومن جهة أخرى النظر في إمكانية تبني مراكز خدمة المجتمع لدورات وبرامج بديلة لا تقدمها المراكز الأهلية. وعلى عكس ذلك، رفض مدير عام التدريب الأهلي الحالي الدكتور مبارك الطامي الاعتراف بوجود أي منافسة يؤديها مركز خدمة المجتمع للمستثمرين في قطاع التدريب، محملا في الوقت ذاته فرع وزارة العمل مسؤولية تنظيم توزيع الحصص. وفي خطاب أصدره الطامي (حصلت «عكاظ» على نسخة منه) أكد أن الحصص المخصصة لمركز خدمة المجتمع منخفضة قياسا بعدد الوحدات التدريبية وعدد أعضاء الهيئة التدريبية المؤهلة. وقال إن اختيار بعض المؤسسات الخاصة لمركز خدمة المجتمع تحديدا لتدريب العدد المحدد لها من مكتب العمل. وبرر الطامي مسألة تحويل الرسوم المالية التي يدفعها أصحاب المنشآت التدريبية باستمرار إلى مركز خدمة المجتمع التابع للمؤسسة التقنية، الذي يعد منافسا لهم بأن ذلك منصوص عليه في القواعد التنفيذية للائحة التدريب في منشآت التدريب الأهلية، وأنها تصرف للخدمات التي تقدمها الإدارة على حد قوله ، وقال: هذه المبالغ مقابل خدمات الإشراف على التدريب، واعتماد الحقائب التدريبية، واعتماد الهيئة الإدارية والتدريبية والاختبارات التي تقوم بها الإدارة العامة للتدريب الأهلي. تبريرات وزير العمل أما وزير العمل المهندس عادل فقيه، الذي يشغل أيضا منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، فقد أصدر خطابا أثار الكثير من الجدل في قطاع التدريب بعد أن أعلن رسميا بأن ما تفعله المؤسسة أسفر عن إخراج المعاهد والمراكز الضعيفة وزالت ما أسماها ب «المنافسة السلبية» التي كانت توجد من ما وصفها ب «المراكز الضعيفة» التي كانت موجودة قبل تطبيق القواعد الجديدة. ولم يتطرق وزير العمل في خطابه إلى ما يعرف ب «منافسة مركز خدمة المجتمع» لأصحاب المنشآت التدريبية، كما أنه لم يبرر عدم دعم أصحاب المنشآت التدريبية المبتدئة لتثبيتها من أجل إتاحة مجال للشباب السعودي في الحصول على فرصة أكبر في التدريب الذي يجهز لسوق العمل عوضا عن انحصارها في منشآت محددة قد لا يوجد لها فروع في المحافظات الصغيرة. وكان وزير العمل قد أصدر خطابا (حصلت «عكاظ» على نسخة منه) تضمن تبريرات أخذهم للأجور الواردة في الإجراءات والقواعد التنفيذية للائحة التدريب في منشآت التدريب الأهلية بالمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، دون الإشارة إلى عدم توافقها مع النظامية التي يعلنها ديوان المظالم، معلنا مشاركة ممثلين من القطاع الخاص دون أن يوضح طريقة اختيار أولئك الممثلين لكنه استدرك بقوله: «سيبدأ العمل في ورش عمل موسعة يشارك فيها ملاك المعاهد الأهلية الرجالية والنسائية لدراسة الأجور الواردة في القواعد بشكل أعمق». وقال وزير العمل في خطابه: إن ما يتعلق بأجور الخدمات التي تقدم لمنشآت التدريب الأهلية الرجالية والنسائية فهي أجور تؤخذ مرة واحدة ولمدة سريان الرخصة، وهذا يجعل كلفتها لا تكاد تذكر لأن الأجر يقدم لمرة واحدة لكن الخدمة مستمرة طالما المنشأة في عملها. وعدد وزير العمل الحالات التي تصرف فيها الأجور على ما أسماه ب «الخدمات المقدمة»، بقوله: تصرف الأجور على الخدمات المقدمة لقطاع التدريب الأهلي في حالة أجور الزيارات الإشرافية للمشرفين، والمشرفات، والمختصين الرسميين، والمتعاونين للمعاهد الرجالية والنسائية وأجور دراسة الحقائب التدريبية والبرامج والخطط التدريبية من قبل مختصين من داخل وخارج المؤسسة، والمعاهد التي تقدم التدريب المجاني تعفى من جميع الأجور، وتدفع المؤسسة جميع أجور الخدمات اللازمة المقدمة لتلك المنشآت. وأضاف أن الأجور المالية حققت الكثير من النتائج الجيدة وأحدثت نقلة واضحة في قطاع التدريب الأهلي، ويتضح ذلك في إعادة بناء هيكلية للتدريب أدت إلى انحسار عملية التستر الكبيرة التي كانت تسود قطاع التدريب الأهلي، وممارسات الوافدين الذين يسعون لتحقيق أقصى وأسرع ربح بأدنى جودة. وأشار إلى أن تلك الأجور جعلت المستثمرين يراجعون أنفسهم بقوله: أحدثت هذه الأجور نقلة نوعية في تفكير المستثمرين والعاملين في الإدارة من مقدمي الخدمة لهم، فالمستثمرون أصبحوا يحسبون لخطواتهم بشكل عملي بحيث يستثمرون في المجالات التي يشعرون أنها ستحقق لهم عائدا. ووصف وزير العمل الانسحاب من سوق التدريب بأنه إيجابي، قائلا: لقد أحدثت هذه الأجور فرزا واضحا وإيجابيا في سوق التدريب، حيث خرجت المعاهد والمراكز الضعيفة وبادر المستثمرون الجادون في العمل بعدما زالت المنافسة السلبية التي كانت توجد من المراكز الضعيفة التي كانت موجودة قبل تطبيق القواعد الجديدة. وطبقا لواقع سوق قطاع التدريب الحالي في المملكة، فإن من يريد فتح منشأة تدريب عليه أن يدفع ما يقارب من 450 ألف ريال للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، منها 250 ألف ريال ضمان بنكي تحت تصرف المؤسسة، والبقية عبارة عن تراخيص تشمل اعتماد البرامج، والمدربين، والزيارات الإشرافية، ودراسة الرخصة وغير ذلك. وهذه المبالغ لا دخل لها بتجهيز المقر الذي يكلف هو الآخر قيمة مقاربة بالإضافة إلى أن كل فرع ينبثق عن مركز رئيسي يكلف نفس المبالغ المدفوعة على المركز الرئيسي، أي أن التعامل مع الفروع يكون على أساس أنها منشآت جديدة وليس طرفيات لمراكز رئيسة. وأبرز المبالغ التي تأخذها المؤسسة العامة للتدريب لمجرد أنها توقع اعتمادا فقط هو مبلغ 45 ألف ريال على كل ثلاثة دبلومات، وعلى برنامج التدريب 20 ألف ريال، وتأخذ على معاينة المبنى والتجهيزات وعشرة برامج تدريبية 15 ألف ريال، ومبلغ 10 آلاف ريال كقيمة لاعتماد دورتين تأهيليتين، أما إصدار اعتماد لعشرة مدربين فإنه يكلف صاحب المنشأة مبلغا وقدره 8 آلاف ريال، و6 آلاف ريال مقابل اعتماد ثلاث دورات تطويرية جديدة، و5 آلاف ريال، تتمثل في أجور الإشراف بداية كل سنة، أما كل دورة تطويرية تقيمها المنشأة التدريبية فإنها تأخذ منها ألف ريال عن كل دورة، وعادة تقيم المنشأة ما لا يقل عن أربعين دورة سنويا أي أنها تأخذ من المنشأة الواحدة في هذا الجانب فقط ما لا يقل عن 40 ألف ريال. وطبقا لمستندات رسمية، تحاشت المؤسسة وضع كلمة «رسوم» أو «أجور» على القواعد والإجراءات التنفيذية للائحتهم بخلاف ما أسماها وزير العمل بل وضعت عبارة «المقابل المالي» على أصحاب منشآت التدريب.